بعد أكثر من عشرين عاماً.. ماذا استفادت البشرية من استنساخ النعجة دوللي؟

في لحظة تاريخية أثارت مزيجاً من الدهشة والقلق. كانت النعجة دوللي أول حيوان ثديي يُستنسخ بنجاح من خلايا فرد بالغ، وسرعان ما بدأ التفكير في احتمالات استنساخ الإنسان، وما يرتبط بها من مسائل علمية وأخلاقية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/07 الساعة 11:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/07 الساعة 11:23 بتوقيت غرينتش

استقبل العالم منذ عشرين عاماً إعلان الباحثين بمعهد روزلين في إسكتلندا نجاحهم في استنساخ النعجة دوللي، في لحظة تاريخية أثارت مزيجاً من الدهشة والقلق. كانت النعجة دوللي أول حيوان ثديي يُستنسخ بنجاح من خلايا فرد بالغ، وسرعان ما بدأ التفكير في احتمالات استنساخ الإنسان، وما يرتبط بها من مسائل علمية وأخلاقية.

ما هو الاستنساخ؟


ببساطة يمكن القول إن الاستنساخ هو إنتاج نسخة مطابقة جينياً لكائن حي. ولعل أوضح مثال لحدوثه طبيعياً هو ولادة التوائم المتطابقة، التي تحمل نسخاً متطابقة لنفس المزيج الجيني، الذي ورثوه نتيجة اندماج الأمشاج الذكرية والأنثوية للوالدين في عملية التلقيح.

كيف يتم الاستنساخ في المختبر؟


بخلاف ما يحدث في الطبيعة، يتم الحصول على المادة الوراثية (DNA)، من إحدى الخلايا الجسدية للفرد البالغ، وحقنها داخل بويضة منزوعة النواة، ثم تحفيزها على الانقسام؛ لتكوين جنين يحمل نفس الصفات الوراثية، أي نسخة مطابقة للفرد الأول، ثم يُزرع هذا الجنين في رحم أم بديلة، لتنجب نسلاً مطابقاً للفرد الأول، ويعرف ذلك بالاستنساخ التناسلي أو الإنجابي، وهو ما تم فعلاً في تجربة استنساخ النعجة دوللي.

تطبيقات الاستنساخ


بفضل الاستنساخ، أمكن إنتاج حيوانات متطابقة جينياً؛ لتجنب أي تداخل للعوامل الوراثية عند دراسة تأثير الأدوية الجديدة عليها. ويتيح الاستنساخ أيضاً إنتاج حيوانات معدلة جينياً لتصاب بأمراض وراثية، تحاكي مثيلاتها لدى البشر؛ ما سمح للعلماء بدراسة نماذج حية لتلك الأمراض، ومراقبة استجابتها للعلاجات المختلفة.

وكذلك يمكن الاستفادة من تقنية الاستنساخ لإنتاج أبقار تخلو من بروتين البريون، المسؤول عن مرض جنون البقر، وبذلك يمكن التخفيف من نسب انتقال العامل المسبب للعدوى إلى البشر، عبر منتجات وسيطة، مثل الهلام المستخرج من البقر، والذي يستخدم في الصناعات الدوائية.

الاستنساخ العلاجي


وفرت تقنية الاستنساخ طريقة للحصول على الخلايا الجذعية، من خلال دمج خلايا جسدية بالغة مع بويضة منزوعة النواة، ثم تحفيز البويضة على الانقسام؛ لتكوين جنين بدائي، تُجمع الخلايا الجذعية منه في مرحلة مبكرة قبل تمايزها.

إلا أن هذه الطريقة أثارت الجدل، من الناحية الأخلاقية، حول استخدام الأجنة البشرية بهذا الشكل، الذي يتعارض مع قدسية الحق في الحياة.

الخلايا الجذعية البشرية


شكل نجاح استنساخ النعجة دوللي حافزاً لعالم الأحياء شينيا ياماناكا، المهتم بدراسة الخلايا الجذعية، ونجح بالفعل في إعادة برمجة جينات خاصة في خلايا جسدية لفئران بالغة؛ لتعود إلى حالتها الأولى خلايا جذعية مستحثة وافرة القدرة (iPS)، وهو الإنجاز الذي أهله للفوز بجائزة نوبل لعام 2012.

وقد أتاحت هذه الطريقة مصدراً رئيساً للحصول على خلايا جذعية بشرية، بعيداً عن القضايا الأخلاقية المتعلقة باستخدام أجنة بشرية غير مكتملة النمو لهذا الغرض.

وتتسم الخلايا الجذعية بقدرتها على التمايز إلى أنواع مختلفة من الخلايا؛ ما يجعلها صالحة لعلاج الأنسجة المريضة، أو استبدال أعضاء الجسم التالفة بأخرى جديدة.

وبفضل هذه التقنية، يأمل العلماء في التوصل لعلاج نهائي لبعض الأمراض المزمنة، مثل السكري، عن طريق تحفيز خلايا جذعية بعوامل نمو خاصة، تجعلها تتمايز لاحقاً إلى خلايا بيتا المنتجة للأنسولين، وتزرع في جسم المريض ليستعيد البنكرياس وظيفته في إفرازه، لضبط مستوى السكر في الدم بصورة طبيعية دون الحاجة لتناول أدوية أو حقن الإنسولين.

وبالطريقة نفسها، تمكن العلماء من تنمية أعضاء كاملة، مثل الكلى والقلب، من خلايا جذعية في المختبر، بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، بتخليق أعضاء بشرية في حيوانات حية، لتُنقل بعد ذلك إلى المرضى.

بقدر ما أثار الاستنساخ مخاوف بعضهم من سوء استغلال هذه التقنية المتقدمة، إلا أنه أتاح فعلياً للبشرية مستقبلاً واعداً، يخلو من قوائم انتظار المرضى للحصول على أعضاء من متبرعين، ويمكن فيه علاج الأمراض المزمنة، مثل السكري أو التهاب المفاصل، بصورة نهائية.

علامات:
تحميل المزيد