في العمل، تُعَد مشاركة الجوانب الصحيحة عنك مع زملائك بالطريقة الصحيحة شكلاً من أشكال الفن.
تعد الموازنة بين ما تخفيه وتبديه من آراء ومعلومات عن نفسك وعن زملائك في بيئة العمل خصوصاً، نوعاً من أنواع الذكاء العاطفي يمكن أن يجنبك العديد من المشاكل إذا تمتعت به.
فبحسب مقال نشر في النسخة الأميركية لـ "هافينغتون بوست" للكاتب تارفيس براد بيري مؤلف كتاب Emotional Intelligence 2.0 المصنف بأنه من أعلى الكتب مبيعاً في العلاقات العملية، فإن اتباع طريقة صحيحة في الإفصاح عن أفكارك مع زملائك في العمل ما هو إلا "شكل من أشكال الفن، لأن الإفصاح عن بعض الأمور في لحظة معينة تعتقد فيها أنك تبني جسوراً مع زملائك قد يتضح أنه عكس ذلك، ولكن بعد فوات الأوان".
ويوّضح الكاتب أن المشكلة تكمن في أنَّه لا يمكن أن تُبنى شبكةٌ مهنية قوية إلا إذا تحدث الموظف مع زملائه "والقيام بذلك يتطلب بعض البراعة، لأن الكشف عن الأشياء الخاطئة قد يكون ذا أثرٍ مُدمِّرٍ على مسيرتك المهنية"، حسب تعبيره.
وينصح ترافيس "يجب عليك أن تعرف حدود ذلك ولا تتعداها، لأنه عند بوحك بشيءٍ ما لا يمكنك التراجع بعده".
وفي تجربة فريدة أخضعت شركة Talent Smart أكثر من مليون شخص لدراسة لاختبار الذكاء العاطفي، وتوصلت إلى أن المرتبة العليا ممن سجلوا أفضل أداء في هذه الاختبارات يتمتع فيها الكثير من الناس بمستوى ذكاءٍ عاطفي مرتفع (90% ممن سجلوا أداءً مرتفعاً).
وخلصت إلى أن "الذكاء الاجتماعي في كل منا يؤثر على قدرتنا على التحكم في تصرفاتنا، وحل المشاكل الاجتماعية، واتخاذ القرارات الشخصية التي تحقق نتائج إيجابية، حيث يجيد الأشخاص الأذكياء قراءة الآخرين عاطفياً".
وهذه القدرة تُظهِر لمن يتمتع بها ما يجب ولا يجب كشفه عن أنفسهم في العمل، فهم أذكى من أن يفصحوا عن أيٍّ من الآتي، لأن هذه الأشياء ستقود حياتهم المهنية إلى الاتجاه الخاطئ.
1- قناعاتك السياسية
تعتبر قناعات الناس السياسية شديدة الارتباط بهويتهم، ومناقشتها في مكان العمل من الممكن أن تؤدي إلى خلافات.
لأن الاختلاف مع شخصٍ آخر حول آرائه من الممكن أن يغير نظرته الإيجابية عنك بسرعة، فمواجهة شخص لآخر بقيمه الأساسية تعد واحدة من أكثر الأمور إهانةً.
ومع ذلك، يختلف تعامل الناس مع السياسة من شخصٍ لآخر، لكن التأكيد على قيمك قد ينفر البعض ويثير فضول البعض الآخر.
وإبداء رأيك في مُثُلِ وقناعاتِ الآخرين إنما هو أمرٌ خطير، لأن الناس يبنون حياتهم حول هذه المُثُل والقناعات.
ويجب أن يكون لديك استعدادٌ لسماع الآخرين دون إضافة رأيك، لأن نظرة استهجان من أحد الطرفين للآخر كفيلة ببدء الخلاف.
فالآراء السياسية شديدة التأصل في الناس، لذا فإن تحدي آرائهم لن يجعلهم يغيرونها، بل سيجعلهم فقط يحكمون عليك.
2- اعتقادك بأن شخصاً ما غير كفء
دائماً ستجد أشخاصاً غير أكفاء في أي مكان عمل، ويعلم الجميع من هم.
فإن لم يكن في استطاعتك مساعدتهم على التحسن أو طردهم، لن تستفيد شيئاً من التحدث عن أوجه قصورهم، لأن تحدثك عن عدم كفاءة أحد زملائك يُعتبر محاولةً قلقةً منك لتظهر بصورةٍ أفضل. وحتماً سترتد لك قسوتك لتطاردك في صورة آراءٍ سلبيةٍ لزملائك عنك.
3- كم تجني من المال
قد يود والداك أن يعرفا كم تجني من المال شهرياً، ولكن معرفة ذلك في العمل يولِّدُ أموراً سلبيةً بين الناس.
فمن الصعب تقسيم الأجور بعدلٍ تام، والكشف عن راتبك يفتح المجال لزملائك للمقارنة، وفور معرفة زملائك في العمل قيمة مرتبك، سيُحسَب كل شيء تقوم به في العمل في مقابل دخلك.
وقد تبدو مشاركة قيمة مرتبك مع زميلٍ لك ممتعةً للوهلة الأولى من باب الفضول فقط، لكن بعدها ستتغير نظرة كلٍّ منكما للآخر إلى الأبد.
4- أنك تكره عملك
آخر ما يحب أحد سماعه وهو في عمله هو تذمر شخص ما من مدى كرهه لعمله.
سيجعل ذلك الآخرين يصنفونك على أنك سلبي ولا تجيد العمل الجماعي، لأن ذلك يخفض من روح الفريق المعنوية.
وسرعان ما يلاحظ رؤساء العمل مثل هذه الشخصيات السلبية التي تخفض روح الفريق المعنوية، ويعرفون أنَّهم يمكنهم استبدالهم بآخرين كثيرين متحمسين للعمل.
5- ما تفعله في غرفة نومك
العمل ليس مكاناً للتحدث عن حياتك الجنسية، فمثل هذه التعليقات من الممكن أن يتجاوب معها البعض ولكن الغالبية سيشعرون بعدم الارتياح أو الإهانة.
كما أن التحدث في مثل هذه الأمور يسيء بشدة إلى سمعتك.
6- رأيك حول ما يفعله زملاؤك في غرفة النوم
لا يريد أحد من زملائك على الإطلاق معرفة رأيك في حياتهم الجنسية كذلك، فالتطرق في الحديث عن أفكارك عن الحياة الجنسية لشخص آخر ومعرفة أنك تفكر في ذلك هي طريقة أكيدة لتنفير الآخرين منك.
ومحاولة تخمين ميول زميلك الجنسية، أو إلقاء تعليقٍ غير مباشر مثل "ما أجمل أن يكون المرء حديث العهد بالزواج مرة أخرى"، هذه الأمور تمنح الآخرين صورةً سلبيةً عنك.
أفكارك تخصك وحدك، ولك حرية التفكير فيها، ولكن لا تشاركها مع الآخرين.
7- ما فعلته في الماضي
يقول ماضيك الكثير عنك، فإذا ارتكبت تصرفاً أحمق منذ سنوات، فهذا لن يجعل من حولك يصدقون أن تصرفاتك أصبحت أكثر عقلانية.
لأن بعض التصرفات التي كانت تُعَد عاديةً وشائعة في وقتٍ من الأوقات أو تحت ظروفٍ ما (مثل الإفراط في تناول الخمور) تُظهِر لزملائك في العمل سوء تقديرك وعدم إلمامك بحدود التصرف السليم.
ورغم أنَّ رؤساء كُثُر تم اختبارهم بغض النظر عن ماضيهم الطائش، إلا أنه ما لم تكن تملك فريق عمل علاقات عامة يعمل على حماية وتحسين صورتك، فيجب عليك الاحتفاظ بماضيك السيئ لنفسك.
8- أنَّك تبحث عن عمل
عندما كنتُ طفلاً، أخبرت مدرب البيسبول أنني سأتوقف عن اللعب بعد أسبوعين، فوجدتُ نفسي لمدة اسبوعين جالساً على مقاعد الاحتياطيين.
وساءت الأمور بعد أسبوعين عندما قررتُ البقاء وأصبحت الطفل الذي لا يريد التواجد بالفريق.
تحطمتُ جراء ذلك، إلا أنَّه كان خطئي لأنَّني أخبرته بقراري قبل أن أكون متأكداً منه، ويحدث الأمر نفسه عندما تقول للآخرين إنك تبحث عن عملٍ آخر.
فعندما تكشف أنك تريد ترك العمل، تصبح مضيعةً لوقت كل من في العمل، كما أنَّه من المحتمل أن تفشل في إيجاد عملٍ جديد.
لذلك، من الأفضل أن تنتظر حتى تعثر على وظيفةٍ أخرى قبل أن تخبر الجميع، وإلا ستجلس على مقاعد الاحتياطيين.
– هذا الموضوع مترجم عن النسخة الأميركية لـ "هافينغتون بوست"، للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.