تتأخر عن موعدك يومياً؟ العِلم يكشف لك السبب ويعطيك الحل

كلنا لدينا هذا الشخص المتأخر دائماً عن موعده، قد يكون صديقاً، أو شخصية مهمة، أو فرداً من العائلة.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/13 الساعة 00:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/07/28 الساعة 09:49 بتوقيت غرينتش

كلنا نعرف ذلك الشخص المتأخر دائماً عن موعده، قد يكون صديقاً، أو شخصية مهمة، أو فرداً من العائلة، لكن لماذا لا يمكنهم ضبط أنفسهم على الموعد المحدد مثل بقية الناس؟ في الحقيقة إنها مسألة تتعلق بإدراك الزمن.

توصَّل باحثون في جامعة واشنطن إلى الأسباب المؤدية إلى التأخُّر الدائم، وربطوا تلك الأسباب بالعُمر، مستندين في ذلك إلى بعض الأساليب المستخدمة في تقدير مرور الزمن، إليك التفاصيل في هذا التقرير.

ارتباط الذاكرة والموسيقى بالتأخر عن الموعد

تقول إمِيلي وَلْـدُم، الكاتبة الرئيسية في الدراسة، في بيانٍ لها "تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنّ تقدير الزمن اللازم لأداء مهمة معينة مثل قيادة السيارة إلى موعد محدد تعتمد غالباً على ذاكرتنا المحفوظة للمدة التي استغرقناها في أداء قيادةٍ مماثلةٍ من قبل".

وقد أظهرت دراسة سابقة أن هناك أيضاً عوامل خارجية تؤثر على إدراكنا للزمن، مثل سماع الموسيقى مثلاً، وأثبتت أننا في الغالب نستغرق وقتاً أطول من المعتاد في أي محل للبقالة بنسبة 38% إذا كانت الموسيقى المذاعة في أنحاء المحل ذاتَ نغمٍ بطيء ووتيرة متأنية.

وتلك الموسيقى تبدأ عملَها في أن يكون لها زمن في حد ذاتها، بمعنى أن إدراكنا للوقت يصبح مشوشاً لأننا اعتمدنا على أن الأغنية التي نسمعها هي الدليل لنا لقضاء مصلحتنا، وتكون النتيجة أننا نستخف بالوقت الذي نقضيه في التسوق داخل المحل، وبعبارة أخرى يتأثر إدراكنا للوقت الماضي بما يُعرَف بـ"ذاكرة التوقعات المستقبلية"، ويستخدم علماء النفس هذا المصطلح لوصف عملية تَذكُّر فعل شيء في المستقبل. 

تجربة مثيرة

سعى بعض الباحثين المشاركين في الدراسة، التي نُشِرَت في مجلة Experimental Psychology: General، إلى فحص الاختلافات بين مجموعة من الشباب والشيوخ لمعرفة كيف يُتمُّون سلسلةً من المهام القائمة على عامل الوقت قبل موعدٍ نهائي محدد.

وكان من بين المشاركين في هذا التحدي 36 طالباً من الطلاب الجامعيين، و34 من كبار السن الأصحّاء في مراحل عمرية مختلفة من الستين والسبعين والثمانين.

أولاً، طُلب من المشاركين أن يحسبوا المدة اللازمة لإنهاء اختبار من الاختبارات البسيطة، مدته 11 دقيقة، دون النظر إلى الساعة.

أنهى بعض المشاركين الاختبار في جوّ خال من الضوضاء، في حين أن آخرين استخدموا الأغاني لتحديد زمن الـ11 دقيقة، فكانوا يستمعون إمّا إلى أغنيتَيْنِ طويلتين أو أربع أغانٍ قصار.

وبُعَيد ذلك تحدَّى الباحثون هؤلاء المشاركين لجمع أكبر قدر ممكن من قِطعِ لغز ما، مع ترْكِ ما يكفي من الوقت لإنهاء اللعبة نفسها قبل موعد نهائي مدتُه 20 دقيقة.

أظهرت النتائج أن كبار السن أنهوا مهامهم المستقبلية في موعد مساوٍ تقريباً للذي أنهى فيه فريق الطلاب الجامعيين، لكن استعمل كلا الفريقين منهجيةً مختلفةً لتقدير الوقت اللازم لهما لإنهاء الاختبار ولإنهاء الجزء التالي له من التحدي قبل الموعد النهائي.

اعتمد فريق كبار السن على ساعة داخلية فيما بينهم، لتقدير كمّ الوقت اللازم لإنهاء الاختبار الأول، بدلاً من الاستماع إلى أغانٍ تُبَثُّ في الأرجاء، وكان كبار السن يميلون إلى الاستهانة بالوقت المستغرق بالاختبار الأول، وهو ما حدا بهم إلى اقتطاع وقتٍ كبير نسبياً في حل اللغز وإنهاء الاختبار الثاني، متجاوزين الموعد النهائي بقليل.

وفي الجزء الثاني من الدراسة، عندما كانت الساعة متوفرة، كانوا قليلاً ما يتوقفون عن العمل على اللغز والاختبار للتدقيق في الساعة.

ربما كان لدى كبار السن ميل نحو الإفراط في الاعتماد على الساعة الداخلية، وهو ما أعطاهم الشعور بالوقت المنقضي، ومع ذلك يعد تفقد الساعة عندما تكون متوفرة أفضل بكثير من الاعتماد على الساعة الداخلية، ولذلك فإنه كلما كثُر تفقدنا للساعة تحسَّن معه أداءُ ذاكرة التوقعات المستقبلية القائمة على الوقت.

وفي الوقت نفسه، عندما كان الشباب يستمعون إلى أغنيتَين طويلتين أثناء الاختبار الأول أنجزوا الكثير مثل الشيوخ، لكن أنهوا الاختبار متأخرين بعض الشيء.

وعندما استمع الشباب إلى أربع أغانٍ قِصار بالَغوا في تقدير الوقت اللازم الذي يحتاجونه، وهو ما حدا بهم إلى إنهائه في وقت مبكر جداً.

وهو ما يُثبت كيف لعبت الموسيقى المبثوثة في الأرجاء دوراً كبيراً في تحديد تبكير الشباب أو تأخرهم.

وفي هذا الصدد يشير الباحثون إلى أن بعض الحِيَل التي نستخدمها للوفاء بالمواعيد يمكن تطوُّرُها مع تقدمنا في العمر، فعلى سبيل المثال في حالة فريق طلاب الجامعات كان استخدام الأغاني في تقدير مرور الوقت بديلاً عند انعدام الساعة.

كما يمكن لاستخدام أحد برامج التلفزيون أن يكون مؤشراً على الوقت. قالت وَلْـدُم عن ذلك "في أي سيناريو تكون فيه مدة حدثٍ ما معروضة في الأذهان، كبرنامج تلفزيوني يدوم 30 دقيقة، فإن ذلك يعتبر منهجاً جيداً للغاية؛ لأنه يوفر لنا معلومات مفيدة عن المدة الزمنية التي ينبغي الانتباه لها وقياس مدتها على مدة البرنامج التلفزيوني".

غير أن استخدامَ الأغاني أو أي أحداث أخرى لتكون تقديراً للوقت قد يكون محفوفاً بالمخاطر، ولا يمكن التعويلُ عليه، أما تفقُّـدُ الساعة فيمكن أن يفرض علينا أن نشتتَ أعيننا في مكان آخر غير المهمة نفسها، لكنه ربما يوفر لنا بعض الوقت على المدى الطويل.

كيف نغيّر من أنفسنا 

تستأنف وَلْـدُم حديثَها قائلةً "تشير النتائج الأولية التي خرجنا بها من الدراسة إلى أن القدرة على إدارة الوقت، والقدرة على أداء بعض أنواع المهام المعقدة المعتمدة على عنصر الوقت يمكن أن نحافظ عليها حفاظاً كبيراً مع تقدم العُمر".

نحن غالباً نستهين بالمدة اللازمة لإنهاء مهمة ما مطلوبة منا، إذ يمكن أن يساعدنا توفير وقت إضافي في خططنا على تحسين انضباطنا، يقترح فريق الدراسة برئاسة وَلْـدُم أن الاكتفاء بأداء مهمة واحدة قد يجنبنا التورط في مهام أخرى كثيرة.

على سبيل المثال، لو أن شخصاً قبل أن يغادر قرر أن يردّ على رسالة بريد إلكتروني واحدة، ورغم أن المهمة لن تأخذ وقتاً فإن ذلك لن يساعده في الوصول إلى موعده المنشود في الوقت المحدد، وإنما هو في أغلب الظن سوف يزج بنفسه في نشاطٍ آخر، ولن يجعله هذا يمضي قُدماً إلى النشاط التالي.

وأخيراً، يجب علينا أن نتجنب الأمورَ المُلهيات، من السهل أن ينحرف المرء عن مساره وينجرف مع الملهيات، ولكن إذا كنا نُدرك أن هذا هو ما يؤخرنا فإننا نستطيع أن نواجهه في المستقبل ونتحاشاه.

علامات:
تحميل المزيد