وقعت المأساة الجوية الروسية الأسوأ على الإطلاق، في 31 أكتوبر/تشرين الأول العام 2015، عندما تحطمت الطائرة التابعة لشركة الطيران الروسية Metrojet في صحراء سيناء.
وبعدها بوقت قصير، أعلنت بريطانيا منع الرحلات الجوية المتجهة إلى مطار شرم الشيخ.
فلم لا يزال قرار المنع قائماً؟ وما هي القوانين الحالية للسفر إلى المنتجع السياحي المصري الأول؟ وما هي عواقب هذا القرار؟ ، تنشر صحيفة The Independent البريطانية عدداً من الأسئلة جاد.
ماذا حدث للطائرة الروسية؟
غادرت رحلة الطيران رقم 9268 التابعة لشركة الطيران الروسية Metrojet، مطار شرم الشيخ في الساعة 5:50 صباحاً بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة، مُتجهة إلى سان بطرسبورغ بروسيا، وعلى متنها 17 طفلاً و200 من الركاب البالغين، و7 أفراد من طاقم الطائرة.
وبعد إقلاعها بحوالي 23 دقيقة، تعطلت الطائرة، من نوع Airbus A321 عن العمل فوق صحراء شمال سيناء وتحطمت تماماً، ولقي جميع ركاب الطائرة حتفهم في الحال.
تُعد هذه الحادثة هي أسوأ كوارث الطيران في تاريخ روسيا، وبعد مرور خمسة أيام، أصدرت الحكومة البريطانية قراراً لجميع شركات الطيران البريطانية، بحظر السفر من وإلى شرم الشيخ، باستثناء رحلات الإنقاذ الجوية المسؤولة عن جلب السياح إلى موطنهم، ولا يزال قرار الحظر قائماً إلى يومنا هذا.
ما السبب وراء تحطُّم الطائرة؟
لا يزال الجواب على هذا السؤال غير محسوم بصورة رسمية، وتقوم الإدارة المركزية المصرية بالتحقيق في حوادث الطائرات وفقاً لقواعد الطيران الدولية.
وهي لم تقدم التقارير الرسمية لنتائج هذا التحقيق بعد، ولكن، يغلب الظن بأن الطائرة سقطت بسبب عبوة ناسفة وُضِعَت على متن الطائرة في مطار شرم الشيخ.
أعلن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) مسؤوليته عن الحادث بعد وقوعه بوقتٍ قصير، وصرح بأن الانفجار حدث بسبب قنبلة على شكل حاوية مشروبات غازية، تم تهريبها على متن الطائرة.
وفي غضون أيام، كانت وكالات المخابرات الأميركية والبريطانية قد توصلت بالفعل إلى أن السبب وراء الحادث يرجع إلى "تهديد من الداخل"؛ جهاز وُضِعَ على متن الطائرة عن طريق أحد العاملين بالمطار، المتعاطفين مع داعش.
وفي 16 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام، قام مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، أليكساندر بورتنيكوف، بإخبار بوتن بـ"وجود آثار لمتفجرات مُصَنَّعة مِن قِبَل جهة خارجية" ما بين المتعلقات الشخصية للرُكاب وشظايا الطائرة، وخَلُص إلى أنه "يمكننا القول بكل ثقة، بأن الحادث كان عملاً إرهابياً".
كيف طرأ قرار حظر الطيران البريطاني؟
في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، ونتيجة لبعض التقارير الاستخباراتية، صرَّح مكتب الخارجية في ذلك الوقت بأن "هناك احتمالية كبيرة أن يكون حادث التحطم ناجماً عن عبوة ناسفة، وكإجراء وقائي، ننصح بعدم السفر الجوي من/إلى شرم الشيخ إلا للضرورة القصوى".
وقدم التصريح توضيحاً بأن منتجع شرم الشيخ ذاته يُعتبر آمناً، إلا أن المسؤولين البريطانيين لم يكونوا راضين عن المعايير الأمنية المُتبعة في المطار.
ومع وجود ما يقرب من 20 ألف مواطن بريطاني في المنتجع، تمت إقامة جسر جوي، وسافر طاقم حراسة بريطاني إلى المدينة للإشراف على عملية البحث وتم إحكام غلق مخزن الطائرة، مع حمل الأمتعة في رحلات منفصلة عن رحلات الركاب، وانطلقت رحلة الإنقاذ الأخيرة في 17 نوفمبر/تشرين الثاني.
ما الذي حدث منذ ذلك الوقت؟
أنفقت مصر أكثر من 20 مليون جنيه إسترليني على تحسين المعايير الأمنية في المطارات، والتي يُعتَقَد أنها أصبحت أعلى من المعايير الموجودة في الكثير من الدول الأفريقية الأخرى الآن.
واستمرت الحكومة المصرية في القاهرة في العمل مع شركة الأمن البريطانية Control Risks، كما تم تفعيل برنامج جديد لتأمين الطيران، يتضمن توظيف وتدريب 7000 موظف إضافي في جميع المطارات الموجودة في مصر.
تقدم جيرالد هوارث، رئيس مجموعة أصدقاء مصر في البرلمان البريطاني، بطلب إلى رئيس الوزراء من أجل إلغاء الحظر على وجه السرعة، ولكن لا يزال مكتب الخارجية غاضباً مما حدث، وصدر عنه تصريح يقول "سنستمر في العمل مع السلطات المصرية للتمكُّن من استئناف الرحلات المنتظمة بين المملكة المتحدة وشرم الشيخ".
يقوم فريق تابع لإدارة تأمين النقل، بعملية فحص الركاب والتعامل مع إجراءات فحص الأمتعة، مع تقييم مدى فعالية التحريات التي تتم حول موظفي المطار.
وتقول الحكومة "نجري أيضاً بعض الاتصالات مع شركات السفر، حتى تتمكن من استئناف رحلاتها ويتمكن المواطنون البريطانيون من قضاء عطلاتهم في شرم الشيخ عندما يحين الوقت المناسب، وبعد أن تنتهي الترتيبات الأمنية".
أما بالنسبة للقائمين على قطاع السياحة المصري وشركات السفر البريطانية، فقد نفذ صبرهم، وقامت كل من؛ الخطوط الجوية ومنظمي الرحلات السياحية (بما في ذلك شركات Thomson وMonarch وSaga) وأصحاب الفنادق والشركات التي تقوم بالرحلات النيلية، بتوحيد صفوفهم من أجل تأليف المجموعة الاستشارية المصرية لقطاع السفر، والتي تهدف إلى كسر الحظر المفروض على الرحلات البريطانية.
قد أثار استمرار الحظر غضبهم، خاصة بعد أن قامت ألمانيا والعديد من الدول الأوروبية الأخرى برفع الحظر عن السفر إلى شرم الشيخ، وقالت رشا عزازي، مديرة مكتب وزارة السياحة المصرية في لندن "روسيا هي الدولة الوحيدة التي تستمر في تفعيل قرار حظر الرحلات الجوية إلى شرم الشيخ".
من الذي تأثَّر بالحادث؟
أُصيب الاقتصاد السياحي للدولة بالصدمة والأذى الشديد، بالإضافة إلى الأضرار الناتجة عن سوء الفهم السائد، والذي يشير إلى أن جميع أنحاء مصر ليست آمنة بالدرجة الكافية.
في الواقع، رحلات الطيران من المملكة المتحدة إلى جميع المطارات المصرية الأخرى منتظمة بلا انقطاع، وفي وقت مبكر من شهر أكتوبر/تشرين الأول 2016أعادت شركة مصر للطيران رحلاتها من مطار هيثرو إلى مطار الأقصر على ضفاف النيل.
كان التأثير على البطالة والأرباح في مصر حاداً للغاية، فقد انخفض عدد الزائرين البريطانيين إلى مصر في العام 2016 بنسبة 70% مقارنةً بالعام الذي سبقه. ويعتمد مئات الآلاف من المصريين على السياحة كمصدر للدخل.
لم يعد بإمكان السائحين البريطانيين السفر إلى شرم الشيخ، وإلى شبه جزيرة سيناء بأكملها إذا تحدثنا من منظور أوسع.
وتُعتبر شرم الشيخ وَجْهة جذابة للسائحين، بالإضافة إلى وجود إقامة ذات مستوى مرتفع وإمكانية ممارسة رياضة الغوص من الطراز العالمي، وبالطبع، ضمان سطوع الشمس في فصل الشتاء.. وكل ذلك، بأسعار أقل بكثير من معظم الوجهات التي تطل على البحر الأبيض المتوسط.
ومن المرجح أنه إن كانت الرحلات ما بين المملكة المتحدة وشرم الشيخ مستمرة، لوصل عدد الوافدين إلى شرم الشيخ إلى ما يقرب من نصف مليون مواطن بريطاني.
ماذا إن اخترت السفر إلى شرم الشيخ على كلِّ حال؟
يُعَد الأمر سهلاً نسبياً، يمكنك أن تسافر دون الرجوع إلى مكتب الخارجية لأخذ المشورة، فيمكنك على سبيل المثال، السفر إلى الغردقة على الجانب الغربي للبحر الأحمر ومن ثم ركوب عبّارة لتعبر بك إلى شرم الشيخ.
كما توجد بدائل ممثلة في ثلاثة خطوط جوية أساسية وهي خطوط الطيران التركية وطيران بيغاسوس التركي عن طريق إسطنبول، ومصر للطيران عن طريق القاهرة.
وإن اخترت السفر من أو إلى شرم الشيخ، مُخالفاً لنصيحة الحكومة البريطانية، فإن التأمين على سفرك لن يكون سارياً على الرحلة ذاتها وأثناء وجودك في المطار، بل سيُطَبَّق فقط أثناء وجودك على الأرض خارج المطار.
إذا رُفِع قرار الحظر، فهل سترغب حينها جميع شركات الطيران في استئناف رحلاتها إلى شرم الشيخ مباشرةً؟
في الأغلب ستكون الإجابة لا، لأنه عادةً ما تقوم شركات الطيران بجدولة رحلاتها قبل موعدها بعدة أشهر، وفي الوقت الحالي، تقوم بعض الشركات ببيع مقاعد في رحلاتها لشرم الشيخ في شهر فبراير/شباط من عام 2017 في نصف العام الدراسي، فصاعداً.
ولكن، في حال عدم وجود أي تغيير في موقف حكومة المملكة المتحدة من الرحلات المُخططة لمغادرة بريطانيا إلى شرم الشيخ، سيتم استبعادها، تماشياً مع "الرحلات الملغية المُتداولة" التي قامت بها الحكومة منذ تطبيق قرار الحظر.
تُعتبر مدينة شرم الشيخ وجهة مُربحة تقليدية وموسمية بالنسبة لخطوط الطيران؛ فتنشط الرحلات خلال موسم الشتاء الهادئ على وجه الخصوص.
ويذكر أن الخطوط البريطانية قررت إلغاء رحلتها من مطار غاتويك (لندن) إلى شرم الشيخ نهائياً، وهي الرحلة التي كانت تستخدم فيها طائرة بوينغ 777 الكبيرة ما يدل على شدة الإقبال من قبل السياح على الذهاب لشرم الشيخ في الماضي.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Independent البريطانية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.