النجاح قد يبدو هدفاً يسْتحيل الوصُول إليه في بعض الأحيان، فعندما يكون هناك شخص مُهتم بمجال مُعين، ويرى شخصيةً مشهورةً، ووصلت لقمة النجاح في المجال ذاته؛ فمن السهل مثلاً أن يلوم الإعلام، أو يختلق أسباباً ومؤامرات حول أسباب نجاح تلك الشخصية، وقد يُشكك في أحقيتها بهذا النجاح، مع أنه، لو كان تأمل مسيرة تلك الشخصية الناجحة المشهورة سيجد أنها قد وصلت لما وصلت إليه بمجهود ما، أو بانتهاج مُعتقد بعينه قد ألهمها مسيرتها، ونجاحها.
من مُجمل خبرات الكثير من الأشخاص الناجحين، الذين وصلوا لمكانة عالية من النجاح، فقد كان لأغلبهم العديد من الأفكار والثوابت التي آمنوا بها، أو اعتقدوا أنها الطريق إلى النجاح، والتي أوصلتهم لتلك المكانة وهذا الإنجاز.
إليك 5 أمور يؤمن بها الأشخاص الأكثر نجاحاً، إن كنت تعتقد فيها فربما تكون متميزاً في مجالك فعلاً:
1- بالإمكان خلق فرصة
الفرصة لا تتطرق بابك، ولا تتصل بك، ولا تأتيك على طبق من ذهب، فلو أنك أردت الانضمام إلى مائدة الناجحين؛ فعليك اقتناص الفرصة، وحجز المقعد بنفسك، ولنفسك؛ إذ أصبحت الفُرص مُتقاربة، ومُتوافرة بشكل أكبر مما كانت عليه مُسبقاً، والمجهودات التي كنت تحتاجها قديماً لنيل فرصة صارت أقل، فالعالم مُتقارب، والتواصل صار بضغط عدة أزرار.
فإذا أردت أن تصل لقمة النجاح في بيع سلعة بعينها، أو الترويج لجريدتك، أو صفحتك الإلكترونية فسيكون من غير المنطقي أن تنتظر المُنتج كي يصل إلى العالمية وحده، أو أن تفوز صفحتك بالشعبية وحدها مع الوقت دون مجهودٍ منك.
هناك عملية جدية من المتابعة، واختيار الجودة، واختلاف المُنتج، وقائمة أخرى تحتوي على ما تفعله كي تصل إلى كل ذلك، الفرصة ليست كائناً ضخماً سهلاً اصطياده، بل هي عصفور سريع، ونشيط، وكثير الحركة يتطلب منك التركيز والمجهود للحصول عليه.
2- الأفضل وليس الأول
يصنع صُناع السينما ومسؤولو الترويج في وسائل الإعلام صورة غير حقيقية عن مُقومات النجاح؛ فمثلاً، اعتقد أغلب الناس أن سرعة طرح مُنتج ما، أو المُبادرة بابتكار فكرة، أو عرض ما، أو حتى نشر خبر، أو صنع مُحتوى قبل الآخرين هي السبب الرئيسي والمؤثر في نجاحهم، لكن تذكر دائماً أن الجودة هي العنصر الذي يبقى، بل يفصل في أحيان كثيرة في تحديد إذا ما كان الآخرون سيرغبون في مُنتجك، أو خدماتك أم لا، مثلاً يذكر العديد من الناس أن موقع MySpace الاجتماعي سبق ظهور Facebook بأعوام، ولكن النجاح والشهرة ذهبا إلى الأخير؛ نظراً لكونه الأفضل من حيث سهولة الاستخدام، والخواص، والتنسيق، وحتى المُحتوى.
إذاً فالمُبادرة هنا ليست العنصر الفعال الذي حدد النجاح، أو تسبب فيه، وينطبق هذا على العديد من التنافسات في المجالات المُختلفة، كلما اهتممت بالأفضلية، اقترب منك النجاح.
3- يخدمون الآخرين وليس أنفسهم
في بدايات السبعينات بدأت حكومة الولايات المُتحدة الأميركية في شن حرب اقتصادية ودعائية عنيفة ضد شركات التبغ؛ مما أثر سلبياً على أكبر إمبراطوريتين للتبغ وقتها بقيادة "فيليب موريس"، ومنافسه "آر.جيه رينولدز"، وسلك كُل منهما طريقاً مُختلفاً حيال الأمر، فقد سحبت شركة "رينولدز" مُنتجها من الأسواق، وتراجعت عن استراتيجيتها.
وذلك بعكس "فيليب موريس" الذي قرر خوض الحرب لنهايتها، وحاول بشتى الطرق التمسك بفكرة أنه يفعل هذا من أجل الآخرين الذين لديهم طلب للتبغ لأسباب نفسية، أو حتى أسباب خاصة، لدرجة أنه في بعض الأوقات استعان بأطباء وخُبراء في علم النفس لشرح فوائد التدخين، ولماذا عليهم أن يولوا أولئك الناس اهتماماً، وتقديم لهم ما يساعدهم على التحسن صحياً ونفسياً.
وبغض النظر عن التأثير السلبي الشديد لتدخين التبغ فإنه لا يزال سلعة يطلبها الناس وبجدية، وبهذا تراجع "رينولدز"، فيما قرر "موريس" أن يُفكر في أنه يخدم الآخرين بجدية، وليس نفسه؛ لذلك الآن مُنتجات "فيليب موريس" صارت هي الأقوى بلا مُنازع تقريباً في تلك الشريحة من الأسواق.
4- الجودة مهمة
الشخص الناجح بحق ليس ناجحاً بسبب موقعه، أو لقبه في الحياة أو العمل، فسواء أكنت رئيس مجلس إدارة شركة عالمية، أو مُجرد بائع في متجر، الأمر يعود إلى جودة عملك، وكيف تُنفذه.
فعلى سبيل المثل، انتشرت العديد من المقاطع الطريفة عن أشخاص يؤدون وظيفتهم بشكل طريف، أو سريع للغاية يثير الدهشة، مما دفع الناس الذين أعجبوا بأدائهم لتصويرهم، ثم رفع مقاطعهم على الإنترنت؛ ليصل عدد مشاهدتهم إلى الملايين من المشاهدات حول العالم، وأتيحت لهم فُرص أفضل مما كانوا يعملون بها، ولكنهم فضلوا أن يظلوا في أماكنهم التي على حد قولهم "تُسعدهم وتُسعد الآخرين من حولهم".
المثال السابق يحاول شرح أهمية جودة ما تفعله، فالجودة التي لا يتم تعريفها بمقاييس الآخرين بقدر ما تُعرف بمدى تأثيرها فى الآخرين، تُقاس بشُعورك بالرضا عما لديك، وما تفعله، بالرضا عما تظن أنه يُشعر الآخرين، لو فكرت بنفسك في معيار الجودة، وابتكرت لنفسك واحداً، سوف تصل لما بعد الجودة، والرضا عنها.
5- الاحترام يُجْنَى ولا يُفْرض
من كل الخبرات السابقة في حياة الأشخاص الذين وصلوا للنجاح بمفهومه العام قالوا إن أكثر النصائح التي وُجهت لهم أثناء مسيرتهم، أو في بداياتها، كانت هي أن الاحترام شيء يُكتسب، ولا يُفرض.
الأمر قد يلتبس على بعض الأشخاص حينما نقول إنه يجب عليك دائماً احترام الآخرين، لكن ما يُقصد به هنا هو الكم المُناسب من الذوق، والتأدُّب في معاملة الآخر؛ أما مفهوم الاحترام هنا يختلف، فبفضل ما تقدمه للناس سيرونك جديراً بالاحترام بشكل تلقائي، وقد يكون هذا الأمر تقديراً خاصاً لك لما تفعله وتُقدمه للناس.
فمثلاً قد يتفق أغلب الأشخاص الذين يستخدمون هواتف ذكية تعمل بنظام آندرويد على أن هاتف آي فون المنافس ليس المُفضل لديهم، لكنه جدير بالاحترام باعتباره مُنتجاً ذا معايير جودة عالية بناءً على خبرات الآخرين معه، الاحترام هنا هو المرتبة المُتقدمة من التقدير للأشياء والأشخاص.