كيف أثّر إعصارا “تشابالا” و”ميغ” إيجاباً على حياة أهالي سقطرى اليمنية؟

كشف إعصارا “تشابالا” و”ميغ” اللذان ضربا سقطرى اليمنية قبل أسابيع عن صمود وقوة تكاتف أهل الجزيرة الهادئة، فبعد شهرٍ من انحسار البحر، استعادت الجزيرة عافيتها لتعيد حساباتها مستخلصة الدروس والعبر من الأزمة التي عصفت بها.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/26 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/26 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش

كشف إعصارا "تشابالا" و"ميغ" اللذان ضربا سقطرى اليمنية قبل أسابيع عن صمود وقوة تكاتف أهل الجزيرة الهادئة، فبعد شهرٍ من انحسار البحر، استعادت الجزيرة عافيتها لتعيد حساباتها مستخلصة الدروس والعبر من الأزمة التي عصفت بها.

ففي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني 2015، شهدت سقطرى الواقعة على المحيط الهندي إعصاريين في أسبوع واحد، اقتلعا البيوت والأشجار وتسببا بأضرار بشرية ومادية كبيرة. لكن تكاتف أهل الجزيرة جعل من المأساة عبرةً ودرساً للآخرين بعد الجهود التي بذلها السكان للوقوف على أقدامهم من جديد.

ازدهار صيد السمك


بدأت جولة "عربي بوست" في مدينة حديبو – كُبرى مدن الجزيرة -، حيث ترسو مراكب الصيد. كان رصيف المدينة يعجّ بالأصناف المختلفة من الأسماك، ليتحدث الصيادون بغبطة عن حجم الصيد الوفير بعد الإعصارين.

فمنذ توقف الحراك السياحي، باتت حياة الآلاف من سكان الجزيرة تعتمد على الصيد والرعي والزراعة.

ويقول محمد بدأهن الذي يعمل في صيد السمك منذ عقود، إن الوفرة في صيد السمك ظاهرةٌ جديدةٌ على أهل الجزيرة لم يشهدوها منذ سنين.

يُصدّر بدأهن الأسماك إلى مدينة المكلا، موضحاً أن مركبه بات يمتلئ بنحو 12 طناً من الأسماك خلال يومين، بعد أن "كانت هذه الشحنة تحتاج لنحو أسبوعين من العمل الشاق في عرض البحر".

ويعزو الصيادون وفرة الصيد إلى التيارات البحرية الناجمة عن إعصاري "تشابالا" و"ميغ"، واللذان سحبا الآلاف من أسماك الكنعد (الديرك) والبياض وأنواعاً أخرى.

وحالياً يسابق الصيادون الوقت في إعادة إصلاح 18 مركبا دُمرت بسبب الإعصارين، لتوريد ما يطرحه البحر لمدينتي عدن والمكلا في الشمال.



مراعٍ خضراء جديدة


من ناحيته يصف المهندس اسكندر السقطري لـ "عربي بوست" ساعات إعصار "تشابالا"، قائلاً "اقتلعت الرياح العنيفة كل ما يمكن أن يُقتلع، وكادت الأمطار الغزيرة أن تهلك الجزيرة بمن فيها"، وبعدما ظن الناس أن الوضع هدأ، لكن إعصار "ميغ" حضر "وكان أقوى من تشابالا بأضعاف، ما جعلنا نستسلم للواقع، خصوصاً في ظل غياب ملاجئ الطوارئ".

وأضاف اسكندر، "بعد نحو أسبوع من جلاء الإعصارين ظهرت مراعٍ خضراء، وعادت الحياة لمئات الهكتارات من الأراضي الزراعية".

يقول بعض الرعاة في الجزيرة إن أشجاراً تُسمى "طفر" كانت تحول بينهم وبين مساحات خضراء كبيرة صالحة للرعي، إلا أن الرياح الشديدة اقتلعت المئات منها. ويوضح أحدهم، "بإمكاننا اليوم أن نسيّر الأبقار في تلك المناطق بعد امتلاء وديان عديدة بالمياه الجارية".

شواطئ نظيفة وأصداف على السواحل


كما ظهرت سواحل مدينة حديبو بحلة جميلة عقب الإعصارين بعد أن كانت مكباً للنفايات، إذ تسببت قوة الإعصارين بجرف آلاف الأطنان من القمامة المكدسة على الساحل، وفق أحد السكان المحليين.

ويتمنى السكان أن تظل تلك السواحل نظيفة كما خلفها الإعصاران، وطالبوا باستحداث مواقع جديدة لتصريف النفايات والقمامة، فعلى حد قولهم "تشابالا وميغ يأتيان مرة واحدة في العمر!".

وعلى طول الشواطئ البيضاء التي تصطف فيها أشجار النخيل باسقة الطول، تتناثر الأصداف والمحار، التي خرجت للسواحل بسبب قوة التيارات البحرية، وجُمع العديد منها بهدف بيعها لصاغة المجوهرات.


خبرات جديدة للشباب


دفع غياب السلطات اليمنية وقوات الدفاع المدني الشباب للانخراط في الأعمال التطوعية، فخلال عمليات الإنقاذ اكتسب المئات من الشباب خبرات ومعارف جديدة في كيفية مواجهة الأعاصير والعواصف والكوارث الطبيعية.

واستعان شباب الجزيرة بمواقع الانترنت وإرشادات الدفاع المدني في الدول التي سبق أن شهدت أعاصير كبيرة، وشكلوا فرقاً تطوعية مهمتها عمليات الإنقاذ والإغاثة، واستطاعوا التواصل مع المنظمات الإغاثية في الخارج لجلب الدعم.

شكلت تلك الفرق نواة جديدة لإنشاء مؤسسات ومنظمات شبابية تطوعية في مجالات الصحة والدفاع المدني، بعد أن وصل الشباب لقناعة مفادها بأنه "لا يمكن الاعتماد على الدولة في مثل هذه المواقف".


قيم اجتماعية متجددة


دمر الإعصاران نحو 100 منزل في عديد من القرى، غير أن الأهالي المتضررين لجأوا إلى قرى أخرى، حيث لاقوا الترحيب. وتجسد التكافل الاجتماعي على هيئة تبرعات ومساعدات عينية.

ومع تهدم الطرقات وغياب الوقود، لجأ الأهالي إلى استخدام الجمال والحمير لتوزيع المعونات الإغاثية للمتضررين في القرى والبلدات البعيدة عن عاصمة الجزيرة حديبو.

تحميل المزيد