كنزيف دمٍ بطيء، يغادر العرب أوطانهم بلا رجعة إلى دول الاغتراب بحثاً عن مستقبل أفضل لأطفالهم وضمان شيخوختهم بعد عقود من التأزم شهدتها وستشهدها المنطقة العربية.
وبسبب قوانينها التي تعنى بحقوق الإنسان، فإن كندا تعد إحدى الوجهات المفضلة لما تقدمه من مساعدات للمهاجر أو اللاجئ بغض النظر عن العرق أوالجنس أو الدين.
وبالعودة إلى التاريخ نجد أن أول هجرة عربية حصلت في القرن الـ 19 الميلادي. ورصدت بعض الكتب التاريخية أول هجرة عربية عندما وصل إبراهيم أبو نادر (لبناني من قرية زحلة)، إلى مونتريال في مقطعة كيبيك في العام 1882.
بينما تقول مصادر أخرى إن أول هجرة عربية كانت من قبل السيد يوليوس فرهود إلى مدينة مونتريال في مقاطعة كيبيك في العام 1885، وهو لبناني أيضاً.
وبغض النظر عن صحة أيٍ من الروايتين، فإن أول مهاجر عربي إلى كندا كان بالتأكيد من لبنان وفي القرن الـ 19، ليتبعه 50 مهاجراً لبنانياً إلى نفس المقاطعة الناطقة بالفرنسية.
بداية الهجرة العربية إلى كندا
تبين الدراسات والمصادر التاريخية أن أسباب الهجرة إلى كندا تنوعت ما بين أسباب اقتصادية، أو بهدف الهروب من الحروب والنزاعات التي شهدتها المنطقة العربية في ذلك الوقت.
ففي العام 1901، كان عدد المهاجرين العرب إلى كندا قد بلغ 2000 مهاجر فقط أغلبهم من سوريا ولبنان. وبين عامي 1911-1951 زاد العدد ليصل إلى 7 آلاف مهاجر. وبعد الحرب العالمية الثانية وبالتحديد بين عامي 1946-1982 بلغ عدد المهاجرين العرب 200 ألف مهاجر، ونلاحظ الزيادة الحاصلة في الأرقام بعد الحرب العالمية الثانية.
أما الزيادة الأبرز لأعداد المهاجرين، فكانت خلال عامي 1991 و1992 حيث وصل عدد المهاجرين إلى رقم غير مسبوق بلغ 24 ألفاً و615 مهاجر، أي 3 أضعاف أعداد المهاجرين خلال العقد الثامن من القرن الـ 20 بالكامل.
أسباب الهجرة العربية إلى كندا
وتشير القراءات التاريخية إلى أن الهجرات التي كانت بسبب الحروب في المنطقة العربية، كانت من قبل الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والصوماليين بدءاً من العام 1960. هاجر في تلك الفترة الفلسطينيون بأوراق ووثائق أردنية ولبنانية.
وفي السبعينات من القرن نفسه وأثناء الحرب اللبنانية، كان غالبية المهاجرين من اللبنانيين.
وفي التسعينات من القرن الماضي، شهدت كندا هجرة الصوماليين. وفي الأعوام 2007-2011 كانت هجرة العراقيين بسبب الحرب المستعرة في بلادهم.
جنسية المهاجرين
في الفترة بين عامي 1960 وحتى 2011، كان اللبنانيون يمثلون غالبية المهاجرين العرب لكندا بنسبة 24% من إجمالي المهاجرين.
وجاء المصريون في المركز الثاني بنسبة 14%، ثم المغاربة بنسبة 13%، ثم الجزائر والعراق بنسبة 11% لكل منهما، والأردن بنسبة 7%، والصومال وسوريا بنسبة 6% لكل منهما، وتونس بنسبة 3%.
أين يعيش الكنديون العرب
يتركز أغلب الكنديين العرب في مقاطعتي كيبيك واونتاريو بنسبة 83%. وبحسب إحصائية في العام 2011، فقد بلغ عددهم 166 ألفاً و260 شخصاً في كيبيك، مقابل 151 ألفاً و645 في اونتاريو، وتحديداً في مدن تورنتو وهاملتون ولندن ومسساغا وكيغنر ووندسور.
أما بقية الكنديين العرب فينتشرون في المقاطعات الكندية الأخرى، مثل مقاطعة البرتا والتي تحتضن 34 ألفاً و920 كندي من أصل عربي، بالإضافة إلى تواجدهم في ادمنتون وكالغري.
ويتواجد العرب أيضاً في مقاطعات بريتيش كولومبيا ونوفوسكوشيا ومينتوبا وسسكاشون ويوكون وبرنس ادوارد آيلاند ونيوفودلاند وليبرادور.
وقد شهد السنوات الـ 5 الأخيرة تصاعداً كبيراً في أعداد المهاجرين العرب، خاصةً بعد الحرب على العراق وما شهدته الدول العربية من نزاعات وحروب، نظراً لما تتميز به كندا من تنوع في الأصول والأعراق واحترام كل الثقافات والأديان والشعوب دون تمييز.