التبرع بالأعضاء في المغرب.. حاجةٌ ملحة يحكمها الخوف والدين

حركةٌ جديدةٌ بدأت تظهر في شوارع المغرب، مطالبها بعيدةٌ كل البعد عن الـ “تسونامي” السياسي الذي اجتاح الدول العربية، فكل همها إسعاف المرضى الذين يمضون أعمارهم بانتظار عضوٍ حيويٍ كان لينقذهم من الموت لولا الشبهات الدينية والطبية والصحية التي تمنع المتبرع.

عربي بوست
تم النشر: 2015/11/25 الساعة 00:15 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/11/25 الساعة 00:15 بتوقيت غرينتش

حركةٌ جديدةٌ بدأت تظهر في شوارع المغرب، مطالبها بعيدةٌ كل البعد عن الـ "تسونامي" السياسي الذي اجتاح الدول العربية، فكل همها إسعاف المرضى الذين يمضون أعمارهم بانتظار عضوٍ حيويٍ كان لينقذهم من الموت لولا الشبهات الدينية والطبية والصحية التي تمنع المتبرع.

ويتطلع آلاف المرضى وعائلاتهم في المغرب إلى نتاج هذه الحركة الجديدة التي انخرط فيها المجتمع المدني للتشجيع على التبرع بالأعضاء، في وقت تزداد فيه الحاجة الطبية لهذه الأعضاء والأنسجة سنوياً.

وتستعد "الجمعية المغربية للتبرع بالأعضاء والأنسجة"، التي أُسست حديثاً، للنزول إلى الميدان والتواصل مع شرائح المجتمع وإقناعهم بأهمية التبرع بأعضائهم بعد الوفاة، كعمل إنساني تضامني.

إقناع المغاربة بالفكرة


تقول رئيسة الجمعية سامية العلمي إن الهيئة ستعمل على تكثيف اللقاءات والحملات التواصلية لغرس قناعات قوية لدى المواطنين المغاربة بنبل وجدوى التبرع بالأعضاء. وتشير إلى أنه "لا مجال للاستمرار في سلوك اللامبالاة، فنحن مطالبون بتقاسم الآلام التي لا أحد في منأى عنها".

وتصر العلمي في تصريح لـ "عربي بوست" على أن الجمعية تركز نشاطها على الجانب التعليمي والتواصلي، ولا دخل لها بالنقاش الطبي والديني الذي يرافق مسألة نقل وزراعة الأعضاء في البلاد.

وأضافت أن الجمعية بصدد التحضير لإطلاق حملات واسعة للتواصل، خصوصاً في المدارس وبين الشباب، من أجل خلق قناعة بالتطوع ووعي ناشئ للمستقبل "يدمج هذا التبرع ضمن منظومة القيم الاجتماعية والانسانية، ويُسقط الحواجز النفسية أمام هذا العطاء".

المئات ينتظرون دورهم


وحظي موضوع التبرع بالأعضاء منذ العام 2012 بتداول واسع في المغرب، سيما بعد أن وقع وزيرا الصحة والعدل تعهداً بالتبرع بأعضائهما بعد الوفاة.

وكان لهذه المبادرة وقعاً ملموساً، خصوصاً وأن وزير العدل ينتمي الى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الذي يقود الحكومة، وهو ما "خفف نسبياً من شكوك الكثيرين حول جواز هذا التصرف في الجسد من الناحية الشرعية" بحسب العلمي.

وتقرّ وزارة الصحة المغربية أن الأرقام قليلة مقارنةً بالدول المجاورة والدول المتقدمة، إذ سجّلت بين عامي 2012 و2014 إجراء 125 عملية لزرع الكلى، و5 عمليات لزرع الكبد، في حين تقدر الأرقام المسجلة في فرنسا على التوالي بـ 9105 و 3181 عملية. ولم تتجاوز نسبة المتبرعين من بين المانحين الأموات 0.4 لكل مليون شخص بالمغرب مقابل 24.8 بفرنسا.

التبرع بالأعضاء مربح!


ويشدد الأخصائيون على ضرورة رفع عدد المتبرعين، لرفع الشعور بالعجز عن مئات الحالات من المحتاجين للأعضاء، والتي تنتهي أحياناً بالوفاة في أعمار مبكرة.

ويشدد د. أنور الشرقاوي المسؤول بمستشفى ابن سينا الجامعي في العاصمة الرباط، على أن ازدهار عملية نقل وزرع الأعضاء ربح كبير للمستقبل.

ويشير الشرقاوي إلى وجود حالات كثيرة – معظمها لأطفال وشباب في مقتبل العمر -، "إذ يولد أطفال بقصور كلوي وراثي، يجعلهم رهائن 3 حصص لتصفية الدم أسبوعياً، كل واحدة منها تمتد لساعات، وهم مقيدون إلى آلة التصفية، ولا يعلم الكثيرون من مواطنينا أن هؤلاء الأطفال لا يعرفون معنى للعب، ولا للمدرسة، وأن معاناتهم لا تنتهي إلا بزرع الكلى".

ويضيف د. الشرقاوي أن الأطفال المصابين بسرطان الدم أيضاً "لا سبيل لهم لاستعادة متعة الحياة إلا بزراعة النخاع العظمي"، ويتساءل عما إذا كان الناس يعرفون عدد الأطفال الذين يفقدون بصرهم نتيجة اللعب بمفرقعات الأعياد، مؤكداً أن "الحل الوحيد أمام هؤلاء أيضاً هو زرع القرنية".

التبرع بالأعضاء بالأرقام


وكان وزير الصحة المغربي الحسين الوردي كشف في لقاءٍ وطني حول التبرع بالأعضاء، عن الحاجة إلى إنجاز أكثر من 1000 عملية زرع قرنية سنوياً، و250 عملية زرع كلى و300 عملية لزرع نخاع العظام، داعياً إلى التعبئة من أجل تشجيع المواطنين على التبرع بأعضائهم.

وعلى مدى عقد كامل، لم يتجاوز عدد المتبرعين في المغرب 800 شخصاً، جلّهم من الأحياء الذين يتبرعون لأقاربهم. ويحول الحكم القانوني والشرعي والخوف من التداعيات الصحية في عدم تحقيق أرقام أكبر.

وكنت أول عملية زرع الكلى جرت في المغرب سنة 1985 بالدار البيضاء، وعملية زرع القلب سنة 1995 بالرباط، كما أجريت أول عملية لزرع النخاع العظمي بالبيضاء سنة 2004. أما زراعة القرنية فلم يبدأ العمل بها إلا سنة 2009.

كما شهد العام 2010 إنجاز أول عملية لزرع الأعضاء من مانحين ماتوا دماغياً بموافقة عائلاتهم، وذلك بالمستشفى الجامعي بالدار البيضاء، قبل أن تعمم بالمستشفيات الجامعية الأخرى.

علامات:
تحميل المزيد