يزخر موقع فيسبوك بالعديد من الصفحات التي تعرض مشاكل نفسية واجتماعية يتفاعل معها النشطاء عبر تقديم الحلول والنصائح تارة، وبالاكتفاء بالتعليقات الساخرة تارةً أخرى.
مثال على هذه الصفحات "Society Problems"، التي يزيد عدد المشتركين فيها عن مليون شخص، وصفحة "Real Problems"، التي يتابعها ما يقارب 150 ألف شخصاً، وصفحة "يوميات زوجة مفروسة" التي يتخطى عدد متابعيها 4 ملايين شخص.
خبير التسويق على الشبكات الاجتماعية إسلام حسين أكد لـ "عربي بوست" أن غالبية تلك الصفحات ربحية مصطنعة وتقدم منشورات لمشكلات مزيفة من أجل زيادة التفاعل على الصفحة وتحقيق عدد زيارات عالٍ.
واعتبر حسين أنه لا يمكن لأحد السيطرة على ما تقدمه تلك الصفحات أو محاسبتها، لافتاً إلى أنها تقدم معلومات وبيانات خاطئة في كثير من الأحيان، ومشكلات مصطنعة يتم تلفيقها وعرضها على أنها معلومات حقيقية أرسلها المتابعون عبر صندوق الرسائل.
وأشار خبير التسويق الالكتروني إلى أن بعض هذه الصفحات تستخدم صوراً ومشاكل لأشخاص من بعض المنتديات، ما يسبب الضرر لأصحابها ويتسبب في السخرية منهم. واعتبر أن هذه الطريقة في خلق محتوى الصفحات استغلال للناس ولخصوصياتهم بهدف تحقيق أغراض شخصية وربحية، إذ أن العديد منها يعتمد على الإعلانات التجارية والتسويقية.
"عربي بوست" التقت مسؤول إحدى الصفحات المعنية، والذي فضل عدم ذكر اسمه، والذي قال إن "العمل على صفحات خاصة بالأزمات والمشكلات الاجتماعية عملٌ ممتعٌ جداً، ويجعلك على دراية واسعة بكثير من المشكلات التي لم تكن تتخيل حدوثها، لكن هل تقدم هذه الصفحات ميزةً للمجتمع؟ دعني أوضح لك أني بصفتي مسؤول صفحة (آدمن) سابق في إحدى تلك الصفحات، أستطيع أن أقول وبكل ثقة أن الميزة الوحيدة في تلك الصفحات هي الفضفضة بين شخص مجهول وسط أشخاص لا يعرفهم".
وأضاف، "أما عن صدق المشكلات المنشورة، فليست كلها حقيقية، إذ يعمد بعض مديري الصفحات على نشر قضايا مختلقة لجلب التفاعل مهما كانت غرابتها ودقتها. في الحقيقة تستطيع وصف أغلب تلك الصفحات بأنها تعمل بنظام (السبوبة)، أي أنشر قضية ولو كاذبة لتجلب تفاعلاً أكبر وبالتالي إعلانات مدفوعة للمواقع المختلفة التي تروج لصفحاتها".
وتابع قائلاً، "هناك جانب إيجابي في هذه الصفحات لكنه نادر، كأن تجد حلاً لمشكلةٍ حقيقيةٍ وهو ما حصل مع إحدى الفتيات. وجدت حلاً جاداً من أحد الأشخاص فأعادت نشره، وبعد فترة جاء الرد على رسائل الصفحة من تلك الفتاة بأن مشكلتها بالفعل تم حلها عن طريق صفحتنا وأبدت امتنانها الشديد".
مسؤول الصفحة وجه نصيحةً أخيرةً إلى المتابعين قائلاً، "لا تتوقع صدق كل المشكلات المنشورة، فبعضها مختلق بهدف استقطاب التفاعل معها عن طريق الاستعطاف، ومعظم الحلول التي تقدمها أغلب الصفحات هو اجتهاد شخصي من (آدمن) كل معرفته بالحياة عبارة عن لوحة مفاتيج جهاز الكمبيوتر الخاص به".
فخ السخرية
جلال محمود، أحد رواد تلك الصفحات، أوضح أنه يتابعها على فيسبوك من أجل الحصول على خبرات في الحياة عن طريق متابعة التجارب الحياتية المختلفة ومتابعة الآراء المختلفة من المتابعين والحلول المقدمة.
وأشار جلال إلى أنه يقدم أحياناً بعض النصائح للمشاكل المعروضة، مؤكداً أن تلك الصفحات تخلق حالة من الوعي وتبادل الخبرات والتجارب، إلا أنه أشار إلى أن أبرز سلبياتها تتمثل في سخرية البعض، بل يصل الوضع أحياناً إلى حد السباب والشتائم. وعلى الرغم من أنه يشعر أن بعض المشكلات مختلقة، فإنه يرى أن النقاش حولها مفيد في النهاية.
ومن جهتها أكدت آية إسماعيل علمها أن معظم هذه المشاكل مفتعلة، لكنها في الغالب مفيدة، خصوصاً أنها تخلق حالةً من النقاش وتعرض آراء وتجارب مختلفة للبشر.
وأشارت آية إلى أنها حريصةٌ على قراءة تلك الصفحات باستمرار، ومتابعة ما ينشر عليها من مشاكل، حيث تضيف سخرية التعليقات حالة من المرح، على حد تعبيرها.