مَن منا لا يرغب في الحصول على شطيرة من النقانق أو الـ"هوت دوغ" في يوم صيفي حار على الشاطئ، أو عند الخروج في نزهة مع الأصدقاء. فالوجبة الأمريكية بامتياز باتت ترتبط بشكل أو بآخر بإمضاء الوقت الممتع واللقاءات المليئة بالأصحاب أو العائلة.
وبالرغم من تركيبها البسيط، فهي قطعة من اللحم المعالج والمطهو توضع وسط نصفين من الخبز مع صوص من الكاتشب والمايونيز والمستردة حسب الرغبة، إلا أنها تُعد شكلاً نموذجياً لما تمثلة الأكلات الأمريكية التي اجتاحت العالم.
تاريخ النقانق والبدايات الأولى لـ"الهوت دوغ"
الرواية الأكثر شيوعاً عن تاريخ ابتداع أكلة الهوت دوغ أو النقانق وما يُعرف أحياناً باسم السجق، هي أن جذورها تعود إلى النقانق الشعبية المعروفة باسم "النقانق الألمانية" التي تم إنشاؤها في أواخر القرن السابع عشر بواسطة جزار يُدعى يوهان جورجهنر من مدينة كوبورغ بألمانيا، وفقاً لموقع How Stuff Works.
ومن المفترض أن جورجهنر سافر لاحقاً إلى فرانكفورت للترويج لإبداعه. لكن لم تكُن هذه الأكلة في صورة شطائر معروفة كما هي الحال في عهدنا الحالي بها.
لكن في حقيقة الأمر نشأ هذا النوع من الوجبات في الفترة التي شرعت فيها الولايات المتحدة في بلورة هويتها الجديدة، خلال ستينيات القرن التاسع عشر، بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها وفقاً لموقع BBC، إذ يُعتقد أن موطنها الأصلي هو أحد شوارع حي "كوني آيلاند" بمدينة نيويورك.
وبحسب المؤرخ مايكل كوين- ابن هذه المنطقة والمتخصص في تاريخ "كوني آيلاند"- انخرط مهاجر ألماني يُدعى تشارلز إل. فيلتمان في بيع تلك الشطائر على شاطئ مشهور بكثرة زواره.
ومع مد خط للسكك الحديدية إلى "كوني آيلاند"، تدفق عدد أكبر من الناس من مانهاتن إلى المناطق القريبة من الشاطئ في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، حسبما يقول ريتشارد إف.سنو، رئيس التحرير السابق لمجلة "أمريكان هيرتيدج".
ونظراً لرغبة الزبائن في شيء غير "المحار" الذي كان يشتهر بيعه على الشواطئ طلب الرجل في عام 1867 من صانع العجلات- الذي صنع له العربة التي كان يحمل عليها الفطائر ليبيع بشكل متجول- تعديل تصميمها، بما يشمل إضافة مجمرة تعمل بالفحم لشي السجق، وصندوقاً معدنياً لتسخين الخبز وتحضير شطائر الهوت دوغ.
وفي صيف ذلك العام، وبينما كانت الولايات المتحدة تتعافى من حربها الأهلية، انهمك فيلتمان في التنقل بعربته في مختلف أنحاء "كوني آيلاند" ليبيع قرابة 4000 من "الشطائر الساخنة حمراء اللون" مقابل خمسة سنتات لكل منها.
وقد أدى وضع السجق في الخبز الملفوف، بعكس الطريقة التي كانت تُقدم بها النقانق في ألمانيا من دون خبز، إلى جعل التهام هذا الطعام على الشاطئ أمراً عملياً.
وارتبط اسم "هوت دوغ" بهذا النوع من الشطائر، بعد ذلك بسنوات.
وعن تحول الشطائر إلى أيقونة ممتدة في المدن المختلفة، فلم يحدث ذلك إلا في عام 1871، عند استأجر فيلتمان قطعة أرض صغيرة على شاطئ البحر، وأقام هناك مطعماً حمل اسم "فيلتمانز أوشن بافيليون". وبفضل نجاح المشروع، تمكن الرجل من توسيع أنشطته وأعماله، لتتحول عربته ذات العجلتين لبيع الفطائر، إلى إمبراطورية ضخمة في مطلع القرن العشرين.
ما هي مكونات الهوت دوغ وكيف يتم صنعه؟
صرح المجلس الوطني للهوت دوغ والسجق بأمريكا NHDSC بأن النقانق، سواء كانت العادية أو سجق الديك الرومي أو نقانق اللحم البقري، كلها عبارة عن قصاصات لحم متباينة وبقايا غامضة لمنتجات اللحوم الباقية من مؤسسات إنتاج وتقطيع اللحوم. وهي تأتي في الكثير من الأشكال والأحجام.
ووفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو): "فإن مواد اللحوم النيئة المستخدمة في المنتجات المطبوخة مسبقاً هي قصاصات عضلية منخفضة الدرجة، وأنسجة دهنية، ولحوم من رأس وأقدام الحيوانات، وجلود وكبد وأمعاء، وغيرها من منتجات الذبح الصالحة للأكل".
بعد عملية التجميع تأتي خطوة الطهي المسبق. وبسبب عملية تجميع تلك الأجزاء الباقية، غالباً ما تحتوي نوعية اللحوم المستخدمة في منتجات مثل النقانق والمورتديلا والبرغر على كمية لا بأس بها من البكتيريا، وبالتالي يساعد الطهي المسبق في القضاء على ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الطهي المسبق له فائدة إضافية تتمثل في المساعدة على فصل ما تبقى من لحوم العضلات والدهون والأنسجة الضامة عن عظام الرأس والقدمين. كما أن الطهي يجعل القصاصات اللحمية تلك أكثر نعومة وسلاسة.
إنتاج الهوت دوغ في شكله النهائي
مثل العديد من المنتجات الأخرى، يتم تشكيل النقانق باستخدام "مستحلب اللحم"، أو كما تسميه منظمة الأغذية والزراعة باسم "مسحوق اللحم" الأكثر دقة.
وتُصنّع المنتجات عالية الجودة من لحوم لا تحتوي على مواد كيميائية أو ألوان أو نكهات صناعية.
بينما تحتوي الأنواع الأقل تكلفة من الهوت دوغ على مواد كيميائية ودهون وعوامل تحسين، وبالنسبة للعديد من هذه النوعيات، فإن عملية الإنتاج بسيطة تكون كالتالي بحسب موقع Business insider:
يتم طحن اللحم أولاً في آلة ثم يتم تشكيله من خلال جهاز يشبه المنخل المعدني بحيث يشبه لحم البرغر المطحون. وفي هذه المرحلة، تضاف حبات الدجاج المفروم (إن وجدت)، ويتم خلط الخليط معاً (في هيئة مستحلب) حتى يبدو مثل خليط اللحم.
بعد ذلك يُضاف الملح والتوابل المطحونة ونشويات الطعام (إذا قمت بذلك في المنزل، يمكنك استخدام فتات الخبز أو الدقيق أو دقيق الشوفان لجعله متماسكاً)، وإلى جانب بعض الماء وشراب الذرة أو أي مُحلي آخر، يُضاف سائل لجعل المسحوق في قوامه المناسب.
ثم تتم تصفية الخليط مرة أخرى ويتم تفريغ الهواء الزائد، بعد ذلك يتم ضخ اللحم المستحلب في أغلفة (عادة ما تكون من السليلوز ولكن في بعض الأحيان طبيعية مثل أمعاء البقر والمواشي المذبوحة)، ويتم تعليق سلاسل الهوت دوغ على الأرفف لتتماسك ويتم طهيها بالكامل في البخار.
وكخطوة أخيرة، يتم رش الهوت دوغ بالماء البارد المملح، وبعد ذلك، إذا تم استخدام أغلفة السليلوز، يتم وضعها في مقشرة لإزالة الأغلفة (وتُترك الأغلفة الطبيعية عليها).
أخيراً، يتم فحص الهوت دوغ الجاهز يدوياً، ويتم تجميعها للتعبئة والتوزيع.