أرسلت لي إحدى الصديقات العزيزات قبل أيام مقالة رائعة باللغة الإنجليزيـة، وتتحدث عن كيفية تجنُّب الزواج من الشريك الخطأ.
رغم أن هذه المقالة كانت موجَّهة لمجتمع مختلف، فإنها أوحت لي بالحديث أكثر عن هذا الموضوع، وكيف يمكن لفتاة مقبلة على الزواج أو مخطوبة وفي فترة تقييم الخاطب تجنُّب الارتباط بالشريك الخطأ؟
1- لا تخاطري في الزواج باحتمالات التغيير
أكبر خطأ تقع فيه الفتاة عندما تظن أن صفات/عادات شريكها ستتحسن بعد الزواج. تذكري: لا يوجد ضمان أبداً، بل أزيدك من الشعر بيتاً، فالأمور في الغالب ستتحول إلى الأسوأ بعد الزواج، والمفارقة المضحكة أن الرجل يضع في اعتباره أن يتزوج من المرأة على أمل أنها لن تتغير، والمرأة تتزوج الرجل على أمل أنها ستغيره.
ضعي في اعتبارك دائماً الاختلافات الدينية والفكرية والمادية والاجتماعية مع شريك المستقبل، لا تفكري في أفضل الاحتمالات، بل لا تبني زواجك أصلاً على الاحتمالات، وإذا رغبتِ في الموافقة فتأكدي أنه يمكنك أن تعيشي/تتعايشي مع هذه الصفات الشخصية أو العادات غير المريحة لشريك المستقبل.
تقبلي الشخص الذي أمامك، لأن ما ترينه الآن هو -على الأغلب- ما ستحصلين عليه بعد الزواج.
لطالما وصلتني الكثير من الاستشارات من مخطوبات يتحرجن من بعض الأمور من الخطيب، مثل التدخين أو السمنة أو اللسان اللاذع، ويتساءلن هل هناك أمل في تغييره بعد الزواج؟ هل تُلمّح له في الخطوبة لعله يعِدها أو يحاول التغيير قبل الزواج لأجلها؟هل وهل…؟ الإجابة ببساطة: لا، لن يتغير شريكك، تقبليه كما هو أو انهي الارتباط فوراً.
الخلاصة: إياكِ والظنَّ بأنَّ الأمور ستتحسن بعد الزواج، وإذا كنتِ لا تستطيعين قبول الشخص كما هو قبل الزواج فلا تتزوجيه.
2- اختاري الصفات الشخصية قبل شرارة الجاذبية
لا تنبهري بالعيون الخضر أو الشعر الناعم، لا تغترّي بشكله أو جاذبيته ولا تجعليهما الأساس، ضعي خطوطاً عريضة لأهم الصفات التي تريدينها في شخصية من أمامك.
وللأسف إن أكثر ما يُعمي الفتيات في فترة الخطوبة هو الانجرار وراء جاذبية الشكل وسحر العاطفة، فكِّري بمنطق، فكِّري بما تريدين، وليس بما ترين أو تشعرين.
أما الصفات الشخصية، فأهم ما يجب البحث عنه في شريك الحياة هو:
التواضع: الشخص المتواضع يضع قِيَمَه ومبادئه قبل ما يناسبه وما يريحه، بطيء الغضب سريع الفيء، وسطي، ويبتعد عن الماديات.
اللطف: الشخص اللطيف هو معطاء في جوهره، ولتعرفي مقدار لطف هذا الشخص انظري لطريقة تعامله مع أهله: والديه وإخوته وأخواته. هل لديه عرفان بالجميل وتقدير تجاههم؟ إذا لم يكن كذلك فتأكدي أنه لن يقدّر ما ستقدمينه له في المستقبل. كيف يتعامل مع الآخرين الذين لا يشترط أن يكون لطيفاً معهم (مثل الجرسون، الموظف، العامل… إلخ)؟ كيف ينفق ماله؟ كيف يتعامل مع غضبه؟ ما ردة فعله تجاه غضب الآخرين؟
تحمل المسؤولية: الشخص المسؤول هو شخص لديه استقرار في حالته المادية، وعلاقاته، ووظيفته، وكذلك شخصيته. يمكنك الاعتماد على هذا الشخص والوثوق بما يقوله.
السعادة: الشخص السعيد هو شخص راضٍ بما قسمه الله له في حياته. يشعر برضى نحو ذاته وتركيزه، يدور حول ما يملكه وليس ما لا يملكه، وهو شخص قليل الشكوى.
الطموح: الشخص الطموح هو شخص يتجه دائماً لتغيير حياته نحو الأفضل. يستغل الفرص التي تمر عليه (بما فيها الزواج)، ليجعل نفسه ومَن حوله أكثر سعادة وراحة. هذه الشخصية تساعد على تحريك عجلة الزواج وما ينتج عنه من ذرية نحو الأمام وليس الخلف أو محلك سر.
الخلاصة: الجاذبية هي التي تُشعل جذوة الحب، ولكن الشخصية تُبقي الجذوة مشتعلة.
3- لا تتجاهلي الحاجات العاطفية لشريكك
للحصول على زواج ناجح فإنه يجب إشباع الحاجات العاطفية لكل من الزوج والزوجة بشكل متبادل، وأساس الحاجات العاطفية للمرأة هو أن تُحب من خلال: الاهتمام والعاطفة والتقدير.
أما أساس الحاجات العاطفية للرجل فهو أن يُحترم ويُقدر من خلال: الاحترام والتشجيع والراحة.
وعندما يحرص الزوج على إشباع حاجات زوجته العاطفية فإنها ستكون أكثر إقبالاً على إشباع حاجاته الجنسية، وعندما تحرص الزوجة على إشباع حاجات زوجها العاطفية فإنه سيكون أكثر قابلية لمنحها الحب وإشباع حاجاتها بالمثل.
الحياة الزوجية تكون رائعة حينما يحدث توازن بين الحاجات العاطفية للشريكين، بعطاء وأخذ مستمرين من كلا الطرفين، وليس لطرف على حساب الآخر.
المعادلة بسيطة: تزوجي متسرعة أضمن لك أن يمشي زواجك على حساب أعصابك وراحتك وحاجاتك، أو تزوجي عن فهم وقرار لتتحملي كل شيء في سبيل تلبية حاجاتك.
الخلاصة: الفتاة التي تعرف ماذا تريد، ولماذا ستتزوج لن تكون كل تضحياتها الزوجية على حساب حاجاتها.
4- تجنَّبي الزواج ممن خطة حياته تتعارض مع خطة حياتك.
وهذه النقطة للأسف ليست في اعتبارات أغلب فتياتنا، لا اليوم ولا في الماضي، إلا من رحم الله.
في الزواج إما أن تكبرا معاً أو أن تكبرا كلٌّ على حدة، جمال الزواج هو في الأحلام والأهداف المشتركة التي تكبران بسببها معاً.
لذلك عليكِ أن تسألي خطيبك عن طموحه وأهدافه وأحلامه، واسألي نفسك: هل ينسجم ذلك مبدئياً مع طموحي وأهدافي وأحلامي أنا؟ هل يمكنني أن أتقبل وأدعم هذه الأحلام والأهداف إلى جوار أهدافي وأحلامي؟
أن تتوافق وتنسجم أهداف وأحلام وطموحات الشريكين قبل الزواج خير من إيماءة الرأس والابتسامة المُجامِلة ثم تتحول الحياة إلى صراع وجود بعد الزواج.
أما إن لم يكن لديكِ أهداف أو طموح أو خطة حياة واضحة من الأساس فانسي سؤال الخاطب عن ذلك، لأن كل الخاطبين لديك سواء.
الخلاصة: قبل أن تقرري سترافقين مَن في رحلتك الطويلة، قرِّري أولاً محطتك النهائية لهذه الرحلة.
5. تجنَّبي الزواج ممن له علاقات جنسية سابقة
هذه النقطة بالذات هي الواقع المضحك المبكي في مجتمعاتنا، لأن أُسراً بأكملها تُزوّج أبناءها الغارقين في علاقاتهم الجنسية، على أمل أن ينصلح الحال على حساب الزوجة!
هناك حكمة بالغة من تحريم الإسلام العلاقات الجنسية قبل الزواج، لأن ما تشكّل قبل الزواج من الصعب (إن لم يكن من المستحيل) تغييره بعد الزواج.
فالزوجة التي تتزوج من رجل صاحب علاقات جنسية سابقة ستعاني كثيراً لتفهم وتلبي حاجاته وعاداته الجنسية.
على الرغم من تساهل بعض الشباب والفتيات في هذا الأمر، مع الأسف، فإن علاقات ما قبل الزواج تُشكِّل الشخصية وفلسفة الحياة، بما يشكل عائقاً رهيباً بعد الزواج.
أعلم أنه من المستحيل في هذا الزمن أن تجدي الشاب العفيف الذي لم يتورط في علاقة (ولو على خفيف) مع فتاة/فتيات أخريات، شاب من دون علاقات مطلقاً أفضل ممن له علاقات سطحية. ومن له علاقات سطحية أفضل ممن له علاقات غير سطحية، الأمر يعتمد على قدرة تحمّلك بعد الزواج.
* هذه ليست دعوة للمصارحة حول العلاقات السابقة في الخطوبة. هذه الدعوة للسؤال عن ماضي الخاطب جيداً، ثم التوكل على الله واتخاذ القرار.
الخلاصة: لا تتزوجي ممن اكتشفتِ أن له علاقات جنسية سابقة.
نكمل الطرق الخمس الأخرى في مقال قادم، فتابعيه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.