ما بين عامَي 1993 و1996 قام علماء الآثار باكتشاف العديد من الأسنان البشرية، أثناء عملية تنقيب داخل كهف من الحجر الجيري في مقاطعة ليمريك في أيرلندا، هذا الاكتشاف الذي يعود إلى رجل عاش على هذه الأرض قبل حوالي 4 آلاف سنة، كان يحتوي على وفرة من البكتيريا التي تُسبب في المقام الأول تسوس الأسنان وأمراض اللثة.
وحسب ورقة بحثية نشرت في مجلة Molecular Biology and Evolution، كان الضرسان اللذان أخدت عينة منهما تعود إلى نفس الشخص الذي عاش خلال العصر البرونزي، أي أكثر من ألفي سنة قبل الميلاد.
وفي اكتشاف رائد يعمق فهمنا لصحة وتغذية الإنسان القديم، تمكن العلماء من فك أسرار البلاك السني المحفوظ من أسلافنا والنياندرتال. باستخدام تقنيات متقدمة لإعادة بناء الجينومات الوراثية، ألقت هذه الدراسة الضوء على التنوع البيولوجي والقدرات الوظيفية للميكروبيوم الفموي القديم.
دراسة: الجير السني كنز الحمض النووي
حسب موقع "scitechdaily" الأمريكي، وجدت الدراسة أن الجير السني "طبقة الجير على الأسنان" هو كنز من الحمض النووي الميكروبي، قادر على الحفاظ على هذه المادة الوراثية عبر آلاف السنين. فيما مكّن هذا الباحثين من إعادة بناء الجينومات البكتيرية القديمة، مما أدى إلى تحديد مركبات استقلابية مجهولة سابقاً، تُسمى الباليوفورانات، والتي تقدم رؤى قيمة حول صحة وعادات النظام الغذائي للإنسان البدائي.
استكشاف هذه الجينومات القديمة يكشف عن التاريخ التطوري للبكتيريا الفموية، مما يبرز دورها الحيوي في صحة ومرض الإنسان عبر آلاف السنين. كشفت الدراسة عن عشر مجموعات من البكتيريا التي كانت جزءاً من الميكروبيوم الفموي للرئيسيات لأكثر من 40 مليون سنة، يتشاركها البشر وأقرب أقربائهم من الرئيسيات.
تُعرف بعض هذه البكتيريا بتعزيز صحة الفم، بينما لا تزال أخرى غير مدروسة جيداً وتفتقر حتى إلى أسماء الأنواع. لا تؤكد هذه الاكتشافات فقط على العلاقة المستمرة بين البشر ورفاقهم الميكروبيين، بل تفتح أيضاً آفاقاً جديدة لبحوث الميكروبيولوجيا الفموية، وكيف أثر الغذاء الحالي على صحة الأسنان واللثة.
الغذاء الحديث السبب الرئيسي لتسوس الأسنان
في دراسة حديثة نشرت على موقع "mpg" الأمريكي، تم التوصل إلى أن النظم الغذائية القديمة، التي كانت تحتوي على كميات أقل من السكر المكرر والأطعمة المصنعة، قد ساهمت في ندرة وجود بكتيريا في الأسنان القديمة مقارنة بالعصر الحالي.
وحسب الدراسة نفسها، أشار العلماء إلى أن الزراعة، التي بدأت منذ حوالي 10 آلاف سنة، أحدثت تحولاً غذائياً كبيراً، لكن التغيرات الأكثر أهمية حدثت في القرون القليلة الماضية مع انتشار استهلاك السكر.
الورقة البحثية المنشورة تناولت أيضاً كيف أن الظروف الباردة والجافة في بعض الكهوف ساعدت في الحفاظ بشكل جيد على البكتيريا المكتشفة على الأسنان القديمة. وربطت الدراسة بين اعتماد البشر على زراعة الحبوب، مثل القمح والشعير، وزيادة ملاحظات التجاويف في الأسنان القديمة، مما يدل على التأثير الكبير للتغيرات الغذائية على صحة الفم.
فيما أكدت الأبحاث أهمية دراسة الميكروبيوم – الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش على وداخل الأجسام البشرية – لفهم كيف أثّر التغير الغذائي على انتشار أمراض معينة عبر الزمن. التحليلات الجديدة لبكتيريا S. mutans، وهي من البكتيريا المسببة للتجاويف، تُظهر انتشارها المتزايد في القرون الأخيرة بسبب استهلاك السكر، مما يقدم رؤى عن كيفية تأثير العادات الغذائية على صحة الفم، ويساعد في فهم التحديات الصحية المعاصرة.
عادات غذائية للحفاظ على صحة الأسنان
للحفاظ على صحة الأسنان، تلعب العادات الغذائية دوراً حيوياً بجانب العناية اليومية بالأسنان. إليك قائمة بالوسائل الغذائية التي تساعد على تعزيز صحة الفم :
- الأطعمة الغنية بالكالسيوم، والتي تضم كلاً من منتجات الألبان واللوز بالإضافة إلى الخضراوات الخضراء مثل السبانخ والكرنب وغيرهما، إذ يساعد الكالسيوم على تقوية الأسنان والعظام بالإضافة إلى صحة اللثة.
- الأطعمة الغنية بالفوسفور وتشمل اللحوم، والدواجن، والأسماك، بالإضافة إلى كل من البيض والعدس، الفوسفور الموجود في هذه لمواد يلعب دوراً مهماً في صيانة وإصلاح أنسجتها .
- الفواكه والخضراوات الطازجة وتشمل الجزر والتفاح وغيرهما من الفواكه والخضار؛ إذ يساعد تناول هذه الأطعمة في تنظيف الأسنان طبيعياً ويحفز إنتاج اللعاب، مما يقلل من خطر الإصابة بالتسوس.
- الأطعمة الغنية بفيتامين D، وهي كل من الأسماك الدهنية، مثل السلمون والماكريل، بالإضافة إلى صفار البيض ومنتجات الألبان المُدعمة، فيتامين D يساعد في امتصاص الكالسيوم، مما يعزز صحة الأسنان.
- شرب الماء يساعد في الحفاظ على نظافة الفم والأسنان من خلال التقليل من تراكم البلاك والبكتيريا.
- الشاي الأخضر يحتوي على مضادات الأكسدة التي تساعد في مكافحة البكتيريا وتقليل الالتهاب في اللثة.
- تجنب السكريات والأطعمة اللزجة، مثل المشروبات الغازية، الحلويات، والأطعمة الغنية بالسكر؛ لأنها تسهم في تطور التسوس.
- المكسرات والبذور، وهي غنية بالعناصر الغذائية التي تعزز صحة الأسنان مثل المغنيسيوم والزنك.
تنويع النظام الغذائي مع التركيز على هذه العناصر الغذائية يمكن أن يساهم بشكل كبير في الحفاظ على صحة الأسنان واللثة. بالإضافة إلى ذلك، يُنصح بالمواظبة على العناية اليومية بها، وإجراء الزيارات الدورية لطبيب من أجل الفحص والتنظيف.