هذه المرة؛ العلم يحسم الجدل: الرياضة للمرأة تفيد أكثر من الرجل

توصلت دراسة حديثة إلى أن الرياضة للمرأة تفيد أكثر من الرجل من ناحية الاستفادة الجسدية، إذ أكدت هذه الدراسة أن أجساد النساء تستفيد أكثر أو تجني فوائد أكثر من أجساد الرجال عند ممارسة نفس القدر من التمارين المنتظمة، خصوصاً في جانب الوقاية من الوفاة المبكرة.

الرياضة للمرأة تفيد أكثر من الرجل

ووفقاً لدائرة الصحة الوطنية البريطانية، يحتاج الرجال والنساء الذين تتراوح أعمارهم بين 19 و64 عاماً إلى ممارسة تمارين معتدلة لمدة لا تقل عن 150 دقيقة أو تمارين قوية الشدة لمدة 75 دقيقة أسبوعياً، إلى جانب تمارين تقوية العضلات مرتين على الأقل في الأسبوع.

وتشير الدراسة الجديدة إلى أن الرجال والنساء لا يجنون نفس القدر من الفوائد من نفس مستويات النشاط البدني.

خلال الدراسة، ملأ المشاركون استطلاعات صحية، تضمنت أسئلة عن التمارين الرياضية، وقد كشفت نتائجها أن نسبة الرجال الذين يمارسون نشاطاً بدنياً منتظماً وتمارين تقوية تفوق النساء، حسب ما نقلته صحيفة The Guardian البريطانية.

ومع ذلك، في حين ارتبطت ممارسة الرياضية بانخفاض خطر الوفاة المبكرة للرجال والنساء -بما في ذلك من أمراض القلب والأوعية الدموية- كانت فوائدها أكبر للنساء.

ومن بين النتائج الأخرى، وجد الفريق أن ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة لمدة 140 دقيقة أسبوعياً تقلل من خطر وفاة النساء مبكراً لأي سبب بنسبة 18% مقارنة بقلة ممارسة الرياضة. وعلى النقيض، يحتاج الرجال إلى 300 دقيقة من هذه التمارين أسبوعياً لتحقيق فوائد مماثلة.

ويزيد انخفاض خطر الوفاة المبكرة بزيادة الوقت الذي يقضيه الرجال والنساء في ممارسة الرياضة، حتى يصل إلى حوالي 300 دقيقة من التمارين المعتدلة أسبوعياً. وعند هذا المستوى، كانت النساء أقل عرضة للوفاة المبكرة لأي سبب بنسبة 24% مقارنة بعدم ممارسة الرياضة.

باحثون عن فوائد الرياضة للمرأة: القليل نتائجه كثيرة!

إذ قالت الدكتورة هونغوي جي، المشاركة في الدراسة من المستشفى التابع لجامعة تشينغداو: "دراستنا لا تقترح أنه يتعين على النساء قدراً أقل من التمارين الرياضية، ولكنها تشجع النساء اللائي ربما لا يمارسن ما يكفي من التمارين الرياضية لأسباب مختلفة، بأنه حتى مقدار صغير نسبياً من التمارين له فوائد كبيرة".

من جهتها؛ كتبت جي وزملاؤها في مجلة الكلية الأمريكية لأمراض القلب أنهم درسوا أكثر من 400 ألف (412.413) مشاركاً لا يعانون مشكلات صحية مزمنة، انضموا إلى الدراسة منذ عام 1997 إلى عام 2017. وبحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول عام 2019، توفي منهم  39.935 شخصاً، منهم 11.670 حالة وفاة جرّاء أمراض القلب والأوعية الدموية.

وقالت جي: "عتبة الـ300 دقيقة هو المقدار الذي رصدنا فيه أعظم الفوائد، ولكن تظهر فوارق إحصائية كبيرة بين الجنسين مع المدد التي تقل حتى عن ذلك".

فيما تقول المؤلفة المشاركة في الدراسة الدكتورة مارثا جولاتي، مديرة طب القلب الوقائي في Cedars-Sinai في لوس أنجلوس إن نتائج الدراسة تعني باختصار أن القليل من الرياضة للنمرأة يجعلها تقطع شوطاً طويلاً.

وتشرح السبب بأن النساء يملن إلى أن يكون لديهن كتلة عضلية أقل من الرجال، لذلك إذا قمن بنفس القدر من تمارين التقوية، فقد يحصلن على فوائد أكبر بجرعات أصغر فقط بناءً على حقيقة أنهن لا يملكن الكثير في البداية. 

وأضافت في تقرير لمجلة Times البريطانية أن عوامل أخرى له دور في ذلك، مثل الاختلافات الفسيولوجية والاختلافات قائمة على الجنس، مثل الاختلافات في كفاءة عملة الرئتين والجهاز القلبي الرئوي.

هذا، وقال البروفيسور إيمانويل ستاماتاكيس، من جامعة سيدني، الذي لم يشارك في الدراسة: "رغم أن النساء يمارسن تمارين رياضية أقل في أوقات الفراغ، ينخفض خطر تعرضهن للوفاة المبكرة بدرجة كبيرة عند ممارسة أي مقدار أسبوعي معين من التمارين. وهذا ليس مفاجئاً كثيراً، بالنظر إلى أن هذه التحليلات لا تأخذ في الاعتبار أن الجهد البدني الذي تبذله المرأة في مهمة بدنية معينة أعلى منه لدى الرجل".

وأشار ستاماتاكيس إلى أن النساء ربما يبذلن جهداً أكبر أثناء التمرينات مقارنة بالرجال، وقد يكون هذا بسبب الاختلافات في خصائص العضلات الهيكلية بين الرجال والنساء. وهذه الاختلافات قد تفسر سبب اختلاف استجابة الرجال والنساء لنفس المقدار من التمارين الرياضية.

الرجال يمارسون الرياضة أكثر من النساء

المثير في الأمر أن الرجال يضعون وقتاً أطولاً لممارسة الرياضة في جدولهم، بينما لا تفعل النساء الأمر نفسه، وذلك بحسب دراسة نشرت عام 2022 على موقع الجامعة الوطنية الأسترالية (ANU).

الدراسة حللت بيانات من 7000 أسرة مكونة من أزواج تتراوح أعمارهم بين 25 و64 عاماً، وفحصت كيفية تقاسم الوقت، لتجد أن المرأة تستغل الوقت المخصص لصحتها لتقوم بإدارة وظائفها ورعاية أسرتها، في حين أن وقت الرجال للوظائف والصحة يتمتع بحماية أكبر، إذ يركزون على تخصيص وقت لصحتهم الجسدية بشكل مستمر، ويبدو أنهم يقترضون الوقت من شركائهم الإناث لممارسة الرياضة.

وحسب المؤلف وأستاذ الجامعة الوطنية الأسترالية ليندال سترازدينز المشارك في الدراسة فإن: "أيام عمل النساء صارم – فهو لا يخصص أي وقت للرياضة، بينما يتمتع الرجال بالمرونة في أيام عملهم، حتى عندما يعملون لساعات أطول، واعتبر أن "هذه مشكلة كبيرة بالنسبة لصحة المرأة ولياقتها البدنية".

وحتى عندما تزيد عدد ساعات العمل للرجل، فإنه يحرص على توفير بعض الوقت لممارسة الرياضة، بينما لا تفعل المرأة الأمر ذاته حينما تعمل ساعات أطول. وبشكل عام، كان 34% من الرجال المتزوجين نشيطين بدنياً، أي أكثر من ثلاثة أنشطة بدنية معتدلة أو مكثفة لمدة 30 دقيقة على الأقل في الأسبوع.  

فيما كانت النساء أقل نشاطاً بدنياً من الرجال، حيث وجدت أن 28.6% فقط من النساء المتزوجات يوفرن نفس القدر من الوقت لممارسة التمارين المنتظمة.  فيما انخفض النشاط البدني للنساء بشكل أكبر عندما زادت التزاماتهن العائلية أو ساعات العمل الإضافية. 

وما أكد أن المرأة تعطي صحتها ورفاهيتها لزوجها هو أن الدراسة وجدت أنه إذا زادت النساء وقت عملهن بمقدار 10 ساعات أسبوعياً، أو ساعتين يومياً، فإن 22.6% فقط منهن من المرجح أن يمارسن نشاطاً بدنياً، وفي المقابل، عندما يزيد الرجال وقت عملهم مدفوع الأجر بمقدار 10 ساعات أسبوعياً، فإن عدد الرجال النشطين بدنياً ينخفض ​​فقط بنسبة 2% – إلى 32%.