سجلت موجة الحرارة خلال هذه السنة درجات مرتفعة جداً، خاصة في الجزء الشمالي للكرة الأرضية، إذ أفادت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية بأن شهر يونيو/حزيران كان أشد الشهور حرارة على الإطلاق، فيما شهد الأسبوع الأول من شهر يوليو/تموز 2023 تسجيل أكثر الأسابيع سخونة في تاريخ الكرة الأرضية.
خلال هذه الفترة أوصى مسؤول الصحة العامة الأمريكي باتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الإصابة بالإجهاد الحراري الذي يتسبب في الإصابة بحالات خطيرة قد تصل إلى الوفاة مثل ضربة الشمس.
تعتبر الحرارة الشديدة هي الطقس الأكثر سخونة أو رطوبة من المستوى المعتاد عليه في كل منطقة وفي كل فترة، حسب موقع "Wall Street Journal" الأمريكي تُعرِّف وزارة الأمن الداخلي الأمريكية الحرارة الشديدة بأنها فترة تشهد ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة لأعلى من 32 درجة مئوية، وذلك على مدار يومين أو ثلاثة أيام على الأقل.
وحسب المصدر نفسه، يقول غريغوري فيلينيوس، أستاذ الصحة البيئية في جامعة بوسطن، إن الحرارة الشديدة "هي درجة الحرارة التي تبدو ساخنةً أكثر من المعتاد بالنسبة لك، وبناءً على المكان الذي تعيش فيه. ويرجع السبب إلى أن كلاً منا يعتاد على مستوى معين من السخونة في الصيف. وبهذا سنجد أن بعض المناطق معتادة على درجات الحرارة الساخنة أكثر من غيرها".
رد فعل الجسم بعد تعرضه لدرجة حرارة مرتفعة
يقوم جسم الإنسان بتنظيم درجة حرارته باستمرار، وذلك ما بين 36 درجة مئوية و37 درجة، عندما يتعرض الجسم إلى درجة حرارة مرتفعة أكثر من العادي، فإنه يقوم بالتنفس عبر العرق، بالإضافة إلى إرسال الدماء من الأعضاء الداخلية إلى سطح الجلد لتوزيع حرارة الجسم فيما يتناسب مع المحيط.
يحدث تبريد الجسم عندما يتبخر العرق من الجسم، إلا أن هذه العملية بشكل مفرط تؤدي إلى الإصابة بالجفاف واضطرابات الكهارل "يختل توازنها الطبيعي في الجسم عندما تصبح مستوياتها في الجسم مرتفعة جداً أو منخفضة جداً"، قد تؤثر هذه الأمراض بدورها على الجهازين العضلي والعصبي، كما تتسبب في تسارع دقات القلب وتمدد الأوعية الدموية.
بالإضافة إلى ذلك تؤدي الحرارة المرتفعة إلى زيادة الضغط على الجهاز القلبي الوعائي، ويزيد مخاطر الإصابة بالسكتات الدماغية وأمراض الشرايين التاجية مثل النوبة القلبية، كما تؤدي إلى مشاكل لها علاقة بالرئة والكلى، بالإضافة إلى مشكلات الصحة العقلية.
الحرارة بين الإنهاك الحراري وضربة شمس
تشمل الآثار الصحية الناجمة عن درجة الحرارة المرتفعة كلاً من التقلصات الحرارية والإنهاك الحراري، بالإضافة إلى ضربات الشمس التي تعتبر الأخطر من بينها. التقلصات الحرارية هي عبارة عن تشنجات عضلية تنتج عن فقدان الجسم للماء الكافي والأملاح.
أما بخصوص الإنهاك الحراري الناتج عن التعرض المفرط للحرارة فيفاقم حدة الإصابة بالجفاف فيما تشمل أعراضه الصداع والغثيان والدوار والتهيج والعطش وانخفاض كمية البول، في حال شعرت بأي نوع من هذه الأعراض ينصح الأطباء بطلب المساعدة أو التوجه إلى أقرب مستشفى.
بينما تُعَدُّ ضربات الشمس أخطر الحالات الطبية التي تنتج عن التعرض للحرارة الشديدة، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض، وتحتاج لعلاج طبي طارئ. وتحدث ضربة الشمس عندما يصبح الجسم عاجزاً عن تنظيم درجة حرارته الأساسية، مع ارتفاع درجة حرارة الجسم سريعاً إلى مستوى 39 درجة مئوية أو أكثر.
وربما تتشابه أعراض ضربة الشمس مع أعراض الإنهاك الحراري، لكنها تكون أكثر حدة، وقد يعاني مرضى ضربة الشمس من فرط التعرُّق، أو من جفاف وسخونة الجلد العاجز عن إنتاج المزيد من العرق، بالإضافة إلى تقلُّب الحالة النفسية أو الارتباك، والتقلصات، وفقدان الوعي.
يُمكن أن تؤدي ضرب الشمس إلى الوفاة أو إلى تلف دائم في الأعضاء الحيوية، مثل الدماغ والقلب والكلى، إذا لم يتلق المصاب الرعاية الطبية الفورية.
علاقة الرطوبة بدرجة حرارة الإنسان
حسب المصدر نفسه، لا توجد درجة حرارة معينة يمكن للإنسان التكيف عليها، إذ تختلف هذه الدرجة من شخص إلى آخر حسب البيئة التي عاش فيها، كما أن للرطوبة دوراً في اختلاف قدرة الإنسان على تحمل الحرارة.
إذ تبدو الأجواء أكثر سخونة مما هي عليه في الواقع، إذ يعجز الجسم في هذه الحالة عن تبريد نفسه بسبب الأجواء الرطبة، بالإضافة إلى ذلك يعاني المصابون بحالة مرضية مسبقة أو الذين يتناولون أدوية معينة من الإجهاد الحراري بسرعة أكبر من غيرهم.
وأظهرت بعض الأبحاث أن التعرض المتواصل للحرارة المرتفعة على مدار عدة أيام متتالية يزيد خطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالحرارة، حسب المصدر نفسه.
لا يؤدي الإجهاد الحراري إلى آثار فورية، إلا أنها قد تظهر بعد مدة طويلة، أما بخصوص الأشخاص الذين يعانون من أمراض مرتبطة بالحرارة فهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب والكلى المزمنة.
هناك مقياس يُدعى "درجة حرارة البصيلة الرطبة الكروية"، ويُستخدم أحياناً كمؤشر على الإجهاد المرتبط بالحرارة في الجسم أثناء ممارسة الأنشطة الخارجية تحديداً. وتُمثل "درجة حرارة البصيلة الرطبة الكروية" درجة حرارةٍ مُتصوّرة، وهي بمثابة مقياس يضع في اعتباره مختلف العوامل البيئية، مثل درجة الحرارة والرطوبة وسرعة الرياح وزاوية الشمس والغطاء السحابي.
تعتبر الرطوبة المرتفعة أكثر خطورة على جسم الإنسان؛ إذ تمنع هذه الأخيرة الجسم من التعرق، ما يجعل من الصعب التحكم في درجة الحرارة، وهو ما يؤدي إلى الإصابة بعدة أمراض خطيرة.
كيف تحمي نفسك من فرط الحرارة؟
يُمكن للحرارة الشديدة أن تمثل خطراً على أي شخص، لكن الخبراء يقولون إن بعض المجموعات من البشر يكونون أكثر عرضةً لخطر الآثار الصحية من غيرهم.. وتضم تلك المجموعات:
- الأطفال الرضع.
- كبار السن.
- الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية مسبقة مثل أمراض القلب الوعائية وأمراض الرئة وحالات الصحة العقلية.
- الأشخاص الذين لا يستطيعون الوصول إلى ملاذ مناسب أو يعملون لفترة طويلة تحت أشعة الشمس.
من بين الأساليب التي يمكن اتباعها لتجنب الإصابة بأمراض ناتجة عن ارتفاع الحرارة، التقليل من الأنشطة الخارجية، والبقاء في مكانٍ ذي درجة حرارة مناسبة، كما قد يساعد الاستحمام بالماء البارد في اعتدال درجة حرارة الجسم خلال هذا الفصل.
بالإضافة إلى ذلك، يوصي الخبراء بارتداء ملابس فضفاضة تسمح بمرور الهواء للجسم، ووضع واقٍ من الشمس في حال تعين عليك الخروج من المنزل، ومحاولة أخذ استراحات متكررة والعثور على الظل متى أمكنك ذلك، وتناول الكثير من السوائل وتجنب الكحوليات، والمشروبات التي تحتوي على الكافيين، أو المشروبات السكرية للغاية؛ لأنها تسبب الجفاف أكثر من تحقيقها للنفع.