الحياة المزدحمة بالمهام والالتزامات قد تدفعنا أحياناً للسهر وتقليل ساعات النوم كل ليلة، لكن دائماً ما يتزامن الأمر مع حالة إجهاد عقلي وجسدي شديدة، لا تزول إلا بالحصول على قسط وافر من الراحة للتعويض.
لكن بالنسبة للمصابين بمتلازمة النوم القصير، يمكن أن يعتمد الشخص على عدد ساعات محدود من النوم ولن يشعر بأي تبعات صحية أو عقلية، بل يشعر بالاكتفاء والنشاط، فما السبب في هذه الحالة الغريبة؟
تعريف متلازمة النوم القصير
متلازمة النوم القصير (SSS) هي حالة تتميز بالنوم لأقل من 6 ساعات كل ليلة، دون أن تؤثر بشكل سلبي على صاحبها، والتي قد تتراوح أحياناً لتصل إلى 4 أو 5 ساعات من النوم فقط يومياً للشخص المصاب بها.
ففي حين يحتاج معظم البالغين إلى 7-8 ساعات أو أكثر من النوم كل ليلة؛ ليشعروا بالراحة في الصباح، يمكن لأولئك الذين لديهم متلازمة النوم القصير أن يعملوا بكفاءة وبشكل طبيعي طوال اليوم، على الرغم من قلة النوم.
كذلك فهم لا يحتاجون إلى أخذ قيلولة أو النوم أكثر من المعتاد للتعافي من قلة النوم. وهم يختلفون عن أولئك الذين ينامون لساعات محدودة بسبب مشاغلهم، أو أولئك الذين يختارون الحد من نومهم. فهم يكتفون فعلاً ولا يستطيعون مد فترات نومهم، حتى وإن رغبوا في ذلك.
وبالتالي فهم لا يقيدون قسط النوم اليومي أو يتجنبونه عن قصد. في الواقع، فإن نمط نومهم القصير لساعات محدودة يظل هو نفسه في معظم الليالي، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع والعطلات والوقت الحر.
أسباب الإصابة بالمتلازمة وسماتها عند الشخص المصاب
يبدأ نمط النوم القصير عادة في مرحلة الطفولة أو المراهقة، ويستمر حتى مرحلة البلوغ. ويعتقد الباحثون أنه قد يتطور بسبب طفرة جينية، قد تكون هذه الطفرة هي التي تمكن الأشخاص من التركيز واستعادة النشاط والعمل بشكل جيد بعد حصولهم على أقل من 6 ساعات من النوم كل ليلة.
ومن أبرز سمات المصابين بالمتلازمة أنهم يكونون قادرين على العمل بشكل جيد طوال اليوم، وبكامل النشاط والتركيز. كما يمكن أن يؤدوا أداءً جيداً في العمل أو المدرسة، على الرغم من قصر مدة نومهم.
بالإضافة إلى ذلك، فهم لا يشعرون بالحاجة إلى أخذ قيلولة، أو النوم أكثر في عطلات نهاية الأسبوع.
أما في حال المعاناة من قلة النوم، وواحدة أو أكثر من الأعراض التالية، يجب تحديد موعد مع الطبيب المتخصص لتحديد أسباب المشكلة وعلاجها:
- الشعور بالتعب طوال اليوم.
- الحاجة للحصول على قيلولة واحدة على الأقل يومياً.
- إيجاد صعوبة في النوم أثناء الليل.
- إيجاد صعوبة في استمرار النوم خلال الليل.
- الاستيقاظ كثيراً خلال الليل من دون أسباب.
طريقة التشخيص
تقول لينيل شينبرغ، الأستاذ المساعد في كلية الطب بجامعة ييل، والزميلة بالأكاديمية الأمريكية لطب النوم، إن العديد من الأشخاص الذين يعانون من متلازمة النوم القصير قد لا يحتاجون تشخيصاً طبياً، وذلك لأنهم ببساطة لا يعانون من آثار صحية ضارة.
ومع ذلك، قد يعاني الشخص من قلة النوم ولا يدرك ذلك؛ لذا، إذا كنت تنام 6 ساعات في الليلة أو أقل، فمن المهم أن تحصل على تشخيص، وذلك لاستبعاد الأرق واضطرابات النوم الطبية الأخرى، مثل توقف التنفس أثناء النوم، والتي يمكن أن تسبب اضطراب النوم.
عند إجراء التشخيص، سيبحث الطبيب عن السلوكيات الشائعة التي يميل الأشخاص المصابون بمتلازمة النوم القصير إلى إظهارها، مثلما أسلفنا الذكر.
كما أنهم لا يستخدمون مساعدات للنوم – فهم ينامون بشكل طبيعي في نفس الوقت تقريباً كل ليلة، ويستيقظون في نفس الوقت تقريباً كل يوم وهم يشعرون بالنشاط.
إضافة لذلك، ونظراً لأن الأشخاص الذين ينامون مدداً قصيرة يعملون في النهار ولا يتأثرون بفترات النوم المحدودة، فإن العلاج ليس نموذجياً أو مطلوباً من الأساس في حال المعاناة من متلازمة النوم القصير.
الآثار الصحية طويلة المدى
بالنسبة للبالغين الأصحاء، فإن عدم الحصول على ما يتراوح بين 7-9 ساعات من النوم ليلاً يمكن أن يؤدي إلى مجموعة من الآثار الصحية الضارة، بما في ذلك تطوير اضطرابات القلق، وارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع الثاني والسمنة.
وبالتالي، فإنه لمجرد أن الأشخاص الذين يعانون من متلازمة النوم القصير لا يعانون من الآثار الجانبية خلال اليوم، لا يعني بالضرورة أن النوم لمدة 4-6 ساعات فقط كل ليلة غير ضار على أجسامهم وقواهم العقلية.
ومع ذلك، لم يجد الباحثون أي آثار صحية طويلة المدى حتى الآن للمتلازمة، مع وجود ترجيحات علمية تقول إن الأمر قد يتداخل مع سلامة الشخص النفسية والعقلية كأقل تقدير.
بعبارة أخرى، وعلى الرغم من الإبلاغ عن أنهم لا يحتاجون إلى مزيد من النوم، فإن الأشخاص الذين يقصرون في النوم أظهروا خطراً أكبر للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وفقاً لتقديرات الخبراء.