حذّر باحثون من "أزمة إنجابية" قد يواجهها البشر إذا لم تُتخذ إجراءات فعالة لعلاج انخفاض أعداد الحيوانات المنوية بعد اكتشاف تسارع معدل انخفاضها، وفق ما توصلت إليه دراسة، حسب صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2022.
إذ تشير الدراسة التي نُشرت في مجلة Human Reproduction Update، استناداً إلى 153 تقديراً من رجال ليسوا على دراية بمستوى خصوبتهم على الأرجح، إلى أن متوسط تركيز الحيوانات المنوية انخفض من 101.2 مليون لكل ملليلتر من السائل المنوي إلى 49.0 مليون لكل ملليلتر بين عامي 1973 و2018، وهو انخفاض بنسبة 51.6%.
كما أشارت الدراسة إلى أن إجمالي عدد الحيوانات المنوية انخفض بنسبة 62.3% خلال الفترة نفسها. ووجدت الأبحاث التي أجراها الفريق نفسه، والتي سُجلت عام 2017، أن تركيز الحيوانات المنوية قد انخفض بأكثر من النصف في السنوات الأربعين الماضية.
معدل الانخفاض في تزايد
على أن الدراسة التي أُجريت ذلك العام غابت عنها بيانات أجزاء أخرى من العالم، وكانت النتائج تركز على منطقة تشمل أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا. لكن الدراسة الجديدة تضم بيانات جديدة من 53 دولة.
ولوحظ انخفاض في تركيز الحيوانات المنوية ليس في المنطقة التي شملتها الدراسة السابقة فقط، ولكن في أمريكا الوسطى والجنوبية وإفريقيا وآسيا.
ويبدو أيضاً أن معدل الانخفاض في تزايد: فبعد مراجعة البيانات المأخوذة من جميع القارات منذ عام 1972، وجد الباحثون أن تركيزات الحيوانات المنوية انخفضت بنسبة 1.16% سنوياً. ولكن حين راجعوا البيانات المجمّعة منذ عام 2000 فقط، كان الانخفاض بنسبة 2.64% سنوياً.
"علينا أن نتحرك"
في السياق، قال البروفيسور حجاي ليفين، القائم الأول على الدراسة من الجامعة العبرية في القدس: "أظن أن هذه إشارة أخرى إلى أن شيئاً ما لا يسير على ما يرام في العالم وأن علينا أن نتحرك. نعم، أظن أننا نمر بأزمة، ومن الأفضل لنا الآن معالجتها قبل أن تصل إلى نقطة لا يمكن الرجوع عنها".
كانت دراسات سابقة أشارت إلى أن الخصوبة تتأثر إذا انخفض تركيز الحيوانات المنوية عن نحو 40 مليون لكل ملليتر. وفي حين أن التقديرات الجديدة أعلى من هذه العتبة، أشار ليفين إلى أن هذا معدّل متوسط، ما يشير إلى أن نسبة الرجال تحت هذه العتبة ستزداد.
ورغم أن أسباب هذا التراجع ليست واضحة، تقول إحدى الفرضيات إن المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء أو العوامل البيئية الأخرى قد تساهم بدور في التأثير على الجنين في الرحم. ويقول الخبراء إن عوامل مثل التدخين والشرب والسمنة وسوء التغذية قد تساهم بدور أيضاً، وإن اتباع نمط حياة صحي قد يساعد في زيادة عدد الحيوانات المنوية.
الانخفاض "ظاهرة عالمية"
من جانبها، تقول تينا كولد جنسن من جامعة جنوب الدنمارك، إن الدراسة الجديدة تبرز اتجاهاً مثيراً للقلق. وأضافت: "تلاحظ تراجعاً كلما أُجريت دراسة، وهذا يخيفني قليلاً".
بينما قال البروفيسور ريتشارد شارب، خبير الصحة الإنجابية للذكور في جامعة إدنبره، إن البيانات الجديدة تؤكد أن هذا الاتجاه ظاهرة عالمية.
كما لفت شارب إلى أن هذا التراجع قد يعني أن الأزواج سينتظرون وقتاً أطول حتى يحدث حمل، وهذا يعني أن الوقت ليس في صالح كثيرين ممن يرغبون في تأجيل الحمل حتى تصل المرأة إلى الثلاثينيات والأربعينيات من عمرها، حين تكون خصوبتها قد تراجعت بالفعل.
وأضاف: "هذه المشكلات لا تقتصر على كونها مشكلة للأزواج الذين يحاولون إنجاب الأطفال. فهي تمثل مشكلة كبيرة للمجتمع في الأعوام الخمسين القادمة، ستؤدي إلى تراجع عدد الشباب لقاء الزيادة الكبيرة في أعداد المسنين".