توصلت دراسة أجراها باحثون بالولايات المتحدة إلى أن خسارة ساعة واحدة من النوم قد تقتل رغبة الناس في مساعدة الآخرين، حتى لو كانوا أقارب أو أصدقاء مقربين، حسبما نقلت صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 23 أغسطس/آب 2022.
وأشار الفريق إلى أن عدم نيل قسط كافٍ من النوم يثبّط نشاط المخ في الجزء المسؤول عن التفاعل الاجتماعي.
قلة النوم تحفّز السلوك المعادي للمجتمع
في السياق، قال البروفيسور ماثيو ووكر، المشارك في الدراسة التي أجرتها جامعة كاليفورنيا، بمدينة بيركلي: "اكتشفنا أن قلة النوم تحفز السلوك المعادي للمجتمع، وهذا يقلل من رغبة البشر الفطرية في مساعدة بعضهم بعضاً. وبطريقة أو بأخرى كلما قلَّ نصيبك من النوم، أصبحت أقل اجتماعية وأكثر أنانية".
وكتب الفريق في مجلة PLoS Biology أن الحرمان المزمن من النوم قد يضر بالروابط الاجتماعية وغريزة مساعدة الآخرين التي تشكّل المجتمع.
وقال ووكر: "بالنظر إلى أهمية البشر في الحفاظ على مجتمعات متحضرة متعاونة، إلى جانب التآكل القوي في وقت النوم على مدار الأعوام الخمسين الماضية، فتداعيات هذه النتائج وثيقة الصلة بالطريقة التي نشكل بها المجتمعات التي نرغب في العيش فيها".
وفحص الفريق استعداد 160 مشاركاً لمساعدة الآخرين بـ"استبيان مساعدة الآخرين"، الذي ملأوه بعد نوم ليلة. وأجاب المشاركون على سيناريوهات اجتماعية مختلفة بـ"سأتوقف لمساعدتهم" أو "سأتجاهلهم".
قلة النوم تقلل الرغبة في مساعدة الآخرين
في إحدى التجارب التي شارك فيها 24 شخصاً، قارن الباحثون إجابات الشخص نفسه بعد ليلة نوم مريحة وبعد 24 ساعة دون نوم. وكشفت النتائج انخفاضاً بنسبة 78% في الرغبة في مساعدة الآخرين عند الشعور بالتعب.
ثم أجرى الفريق مسحاً دماغياً لهؤلاء المشاركين ووجدوا أن النوم لفترة قصيرة ارتبط بانخفاض نشاط المنطقة المسؤولة عن الإدراك الاجتماعي في المخ.
وقال الباحثون إن المشاركين أحجموا عن مساعدة الأصدقاء والعائلة مثلما فعلوا مع الغرباء. وقال ووكر: "هذا يعني أن قلة النوم تؤدي إلى سلوك معادٍ للمجتمع ومساعدة الآخرين، له تأثير واسع وعشوائي".
ولمعرفة ما إذا كانت الرغبة في مساعدة الآخرين تتأثر أيضاً بظروف العالم الحقيقي، تتبع الفريق بعد ذلك أكثر من 3 ملايين تبرع خيري في الولايات المتحدة قبل وبعد تقديم التوقيت بساعة في التوقيت الصيفي، وبالتالي تقصير فترة النوم. ووجدوا انخفاضاً بنسبة 10% في التبرعات بعد هذا التقديم.
الإضرار بالروابط بين الأفراد
وقال ووكر: "دراستنا تدعم الأدلة التي تثبت أن عدم كفاية النوم لا يضر فقط بالصحة النفسية والجسدية للفرد، ولكنه يضر أيضاً بالروابط بين الأفراد، وحتى مشاعر مساعدة الآخرين لدولة بأكملها".
وقال ووكر: "الإشارة الإيجابية التي ظهرت من جميع دراساتنا هي أن النوم الكافي يعزز الرغبة في مساعدة الآخرين. لكن من المهم أن نلاحظ أن مدة النوم ليست وحدها المرتبطة بذلك. فقد وجدنا أن العامل الأهم هو نوعية النوم، ويأتي بعده عدد ساعات النوم".
بدوره، قال البروفيسور راسل فوستر، مدير معهد النوم وعلم الأعصاب بجامعة أكسفورد، والذي لم يشارك في الدراسة، لصحيفة الغارديان: "هذه النتائج لها آثار كبيرة على جميع مستويات المجتمع، ولكن التأثير الأكبر يكون على موظفي الخطوط الأمامية في الورديات الليلية. فالأطباء والتمريض والشرطة غالباً ما يشعرون بإرهاق بالغ، وتشير النتائج إلى أن قدرتهم على المساعدة في الظروف الصعبة والضاغطة قد تضعف".