خلصت دراسة جديدة أُجريت على ما يقرب من 60% من منسوجات الأطفال التي تحمل علامة "مقاومة للماء" أو "مقاومة للبقع" أو "صديقة للبيئة"، إلى أن هذه المنتجات تحتوي على مركبات كيميائية سامّة، حسب صحيفة The Guardian البريطانية.
المنتجات التي فحصتها الدراسة شملت ملابس وواقيات وسائد وأفرشة وأثاثاً، تبيّن أنها تحتوي على "الفاعلات بالسطح الفلورية" PFAS، وهي مركبات كيميائية سامة، تُعرف باسم "مواد كيميائية للأبد"، بسبب ثباتها في البيئة.
بدورها قالت لوريل شيدر، إحدى باحثات الدراسة، إنه "مما يزيد القلق أن هذه المواد الكيميائية السامة ربما تشق طريقها إلى أجساد الأطفال".
و"الفاعلات بالسطح الفلورية" هي مركبات فلورية عضوية تضم أكثر من 9 آلاف مركّب، وتُستخدم في عشرات الصناعات لجعل المنتجات مقاومة للماء أو البقع أو الحرارة، وتعتمد عليها آلاف من المنتجات التي نستهلكها يومياً مثل واقيات البقع وأدوات الطهي وتغليف المواد الغذائية والملابس المقاومة للماء.
وارتبطت هذه المواد الكيميائية بإصابات السرطان والعيوب الخلقية وأمراض الكبد وأمراض الغدة الدرقية وانخفاض المناعة واضطراب الهرمونات، ومجموعة أخرى من المشكلات الصحية الخطيرة. ويُطلق عليها "مواد كيميائية إلى الأبد"، لأنها لا تتحلل طبيعياً، وتتراكم في أجسام البشر.
تدخل جسم الإنسان بطرق عدة
الدراسة التي أجرتها مجموعة (Silent Spring Institute) المعنية بمناصرة الصحة العامة، كانت تهدف إلى التحقق من استخدام المواد الكيميائية في المنتجات التي تأتي مع ملصقات تزعم أنها صديقة للبيئة أو واقية من البقع والماء، ولا ترمي الدراسة إلى تقديم عينة تمثيلية لجميع منسوجات الأطفال.
اكتشفت الدراسة فاعلات فلورية في 54 من 93 منتجاً فحصته، منها 21 منتجاً حمل ملصق "صديق للبيئة" أو "أخضر" أو "غير سام"، وخلصت إلى استخدام المواد الكيميائية استخداماً واسع النطاق في المنتجات التي حملت علامة "مقاومة للماء" أو "مقاومة للبقع".
تستطيع هذه المواد الدخول إلى جسم الإنسان بطرق عدة، فالمواد الكيميائية متطايرة، ما يعني أنها قادرة على الانفصال عن المنتجات التي توضع عليها، ثم التحرك في الهواء، والقابلية للاستنشاق. ويمكن أيضاً أن تلتصق بالغبار الذي يستنشقه الإنسان أو يبتلعه، ويمكن أن يمتصها الجلد.
واكتشفت الدراسة هذه المواد الكيميائية في الأثاث المُنجّد، وفي الملابس وواقيات الوسائد التي احتوت عموماً على أعلى كمية من الفاعلات بالسطح الفلورية.
مركّب شديد السُّمية
واحتوى ما يقرب من 20 منتجاً من المواد التي فحصتها الدراسة، على أنواع متعددة من الفاعلات بالسطح الفلورية، ومنها "حمض بيروفلورو الأوكتانويك" PFOA، وهو مركب شديد السمية، لطالما ادعت الجهات المنظمة والشركات أنها بدأت التخلص منه تدريجياً بسبب خطورته، إلا أنه لا يزال يُكتشف بانتظام في الولايات المتحدة، كما احتوت منتجات عديدة من التي تصنع في الصين على هذا المركّب.
وأشارت شيدر، الباحثة بالدراسة، إلى صعوبة تجنب المستهلكين لهذه المواد الكيميائية، لأنها غير مدرجة في ملصقات المنتجات، ومع ذلك فقد كشفت الدراسة عن إشارات مفيدة في هذا السياق، فالمنتجات التي تحمل علامة "مقاومة للبقع" يشيع فيها المواد الكيميائية، لأن الفاعلات بالسطح الفلورية غالباً ما تكون المكون الرئيسي في واقيات البقع.
كما تنتشر المواد الكيميائية في كثير من المنتجات التي تحمل علامة "مقاومة للماء". وقالت شيدر إن الركون إلى ملصقات "محافظة على البيئة" و"خضراء" أمر عسير أيضاً، لأنه لا يوجد تعريف قانوني لهذه المصطلحات، وقد تكون مجرد مصطلحات تسويقية "لا تدل على شيء".
وأضافت شيدر أن أنجع حل هو فرض حظر على استخدام "الفاعلات بالسطح الفلورية" خارج الاستخدامات التي لا غنى عنها مثل الأجهزة الطبية، التي لا يُتاح استخدام مواد كيميائية بديلة فيها.