كشفت أبحاث جديدة أن نسبة كبيرة من الموضوعات الطبية المنشورة عبر مواقع الإنترنت المختلفة، والتي تتناول أمراض السرطان وأعراضه، إما معلومات مغلوطة أو غير دقيقة وصائبة؛ ما يجدد المخاوف من استقاء الكثير من الناس معلوماتهم الطبية من خلال الإنترنت.
1 من كل 3 مواضيع صحية عن السرطان كان به معلومات مغلوطة
وفي بحث جديد أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة الأمريكية، يستخدم 72% من البالغين في الولايات المتحدة المعلومات المتعلقة بالصحة من خلال الإنترنت. ومع ذلك، اتضح أن الأخبار الكاذبة أكثر قابلية للمشاركة من الأخبار التي يتم التحقق منها، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
ويمكن أن يؤدي انتشار معلومات مغلوطة عن الأمراض والصحة العامة إلى إعاقة تقديم الأدوية الصحيحة والملائمة؛ ما قد يؤثر سلباً على العلاقات بين المريض والطبيب. كما أن له صلات بزيادة خطر الوفاة. ويأتي ذلك بالإضافة إلى التأثيرات النفسية السلبية التي قد تتبع قراءة الشخص لأعراض وتشخصيات مغلوطة ويتوهَّم إصابته بها.
ويشكك بعض الخبراء في أن وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤثر على قرارات المريض بشأن خطوة الحصول على علاج لمرض السرطان.
وبحسب موقع Medical News Today، قادت جامعة يوتا بحثاً ضخماً لفحص دقة معلومات علاج السرطان على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت، والبحث في إمكانية حدوث ضرر.
وفي النتائج وجدوا أن ثلث مقالات السرطان الأكثر شيوعاً على وسائل التواصل الاجتماعي تحتوي على معلومات مغلوطة، ومعظم هذه المقالات تحتوي على معلومات ضارة وقد تؤذي القرّاء أيضاً.
نشر معلومات مغلوطة عبر الإنترنت بات أسهل من أي وقتٍ مضى
وفي تصريحات أستاذ قسم علاج الأورام بالإشعاع والمشرف الرئيسي على الدراسة، سكايلر جونسون: "تأكدت مخاوفي عندما أشارت البيانات إلى أن العديد من المقالات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي تحتوي على معلومات مغلوطة ومضللة وأضرار. وكان الاكتشاف المفاجئ هو أن هذا النوع من المعلومات كانت تتم مشاركته بشكل متزايد عبر الإنترنت عند مقارنته بالمعلومات الواقعية والآمنة والدقيقة".
وخلال عملية البحث بين المقالات الطبية الأكثر شيوعاً باللغة الإنجليزية- والتي غالباً ما تكون هي المادة الأساسية للمقالات الطبية المترجمة عربياً في المواقع المهتمة بالصحة والأمراض- عن السرطانات الأربعة الأكثر انتشاراً، وهي: الثدي والبروستاتا والقولون والمستقيم والرئة، تضمنت مقالات ومنشورات طبية تم نشرها على Facebook و Reddit و Twitter و Pinterest بين يناير/كانون الثاني 2018 وديسمبر/كانون الأول 2019. وبعد إجراء التحليل الإحصائي للبيانات، وجد الباحثون أن 32.5% من المقالات تحتوي على معلومات مغلوطة. وجاء في التفاصيل أن الغالبية العظمى من عناوين المواضيع كانت مضللة، وكان في المقالات إساءة استخدام للأدلة، وورد فيها علاجات غير مثبتة.
كما وجدوا أيضاً أن 30.5% من المقالات تحتوي على معلومات مغلوطة ومؤذية بشكل مباشر بالصحة والجسم والسلامة العامة.
وقد حثت مقالة من بين كل 3 مقالات طبية عن السرطان عبر الإنترنت، باللغة الإنجليزية، إما على تأخير أو عدم السعي للحصول على رعاية طبية لظروف قابلة للعلاج، أو بدفع تكاليف علاجات باهظة الثمن، أو العلاج الذاتي بمواد يحتمل أن تكون سامة ومؤذية، أو استخدام علاجات بديلة يمكن أن تتفاعل بشكل عكسي مع العلاجات الأخرى.
واكتشف العلماء أيضاً أن المقالات التي تحتوي على معلومات مغلوطة ومضللة تلقت ما معدله 2300 مشاركة، بينما تلقت المقالات الدقيقة 1500 مشاركة في المقابل. ويحدث ذلك لأن الناس قد يشاركون المعلومات الخاطئة لأنها تتماشى مع المعتقدات الخاطئة الراسخة، في حين أن المعلومات الدقيقة نظراً لكونها "غير مشهورة" قد لا تحظى بالاهتمام نفسه.
كيف يمكن استقاء المعلومات الطبية الدقيقة إذاً؟
أثناء البحث عبر الإنترنت، من المحتمل أن تجد مواقع ويب للعديد من الوكالات والمنظمات الصحية غير المعروفة التي تدّعي المصداقية. وبالإجابة عن الأسئلة التالية، يجب أن تكون قادراً على العثور على مزيد من المعلومات حول هذه المواقع. ويمكن العثور على الكثير من هذه التفاصيل في قسم "التعريف" أو "نبذة عنا" عبر معظم المواقع الإلكترونية.
والأسئلة كما يلي وفقاً للمؤسسة الوطنية للصحة الأمريكية:
1- من يرعى/يستضيف الموقع؟ هل من السهل العثور على هذه المعلومات؟
إذ تكلِّف مواقع الويب أموالاً لإنشاء وتحديث المعلومات عليها. لذلك ابحث ما إذا كان مصدر التمويل (أو راعي الموقع) واضحاً، لأنه قد تمنحك معرفة من يمول الموقع نظرة دقيقة حول مهمة الموقع أو هدفه.
كذلك في بعض الأحيان، قد يكون عنوان موقع الويب (يسمى عنوان URL) مفيداً. فمثلاً:
- .gov يحدد كونها وكالة حكومية.
- .edu يحدد أنها مؤسسة تعليمية، مثل مدرسة أو كلية أو جامعة.
- وعادة ما يحدد .org المنظمات غير الربحية (مثل المجموعات المهنية والجمعيات العلمية والطبية أو البحثية؛ ومجموعات الدعم والمؤسسات التطوعية الهادفة).
- بينما يحدد .com مواقع الويب التجارية (مثل الشركات وشركات الأدوية والمستشفيات في بعض الأحيان)، وقد تحتمل تلك المواقع نسبة من الأهداف التجارية التي تعتمد على اللغة اللافتة أكثر من قيمة المعلومات المنشورة ودقتها.
2. من كتب المعلومات؟ ومن قام بمراجعتها؟
غالباً ما يتم تحديد المؤلفين والمساهمين في المواد العلمية، ولكن بالطبع لا يكون الأمر كذلك دائماً. وإذا كان المؤلف مدرجاً في القائمة، فاسأل نفسك: هل هذا الشخص خبير في هذا المجال وهذا العلم أم لا؟ هل يعمل هذا الشخص في منظمة صحية تعطيه إمكانية معرفة ونشر المعلومات، وإذا كان الأمر كذلك، فما هي أهداف المنظمة التي تنشر المادة؟
كذلك تساءل إذا ما كانت المعلومات الصحية مكتوبة أو تمت مراجعتها من قبل أخصائي رعاية صحية حقيقي؟ وفي العادة ستخبرك المواقع الموثوق بها من أين استقوا معلوماتهم الصحية وكيف ومتى تمت مراجعتها ونشرها لضمان الحداثة.
وبحسب موقع Lifehack، تحتوي مواقع الويب الجديرة بالثقة على معلومات اتصال يمكنك استخدامها للوصول إلى رعاة أو مؤلفي المادة ومشرفي الموقع. وقد يتم إدراج عنوان البريد الإلكتروني و/أو رقم الهاتف و/أو العنوان البريدي في أسفل كل صفحة أو في صفحة منفصلة باسم "نبذة عنا" أو "اتصل بنا".
3. متى تمت كتابة المعلومات؟
ابحث عن مواقع الويب التي تظل محدثة بمعلوماتها الصحية طوال الوقت؛ لأن المعلومات الطبية يتم تحديثها بشكل شبه فوري طوال الوقت. وبالطبع قد لا ترغب في اتخاذ قرارات بشأن رعايتك الصحية وقرارات في أهمية الحصول على علاج أو تشخيص بناءً على معلومات مغلوطة أو قديمة مضى عليها سنوات وسنوات.
غالباً ما يكون أسفل صفحات المواضيع أو على رأس الموضوع تاريخ للنشر. وقد يتم تحديث الصفحات الموجودة على نفس الموقع في أوقات مختلفة- قد يتم تحديث بعضها أكثر من غيرها وفقاً لتحديثات العالم الطبي والأبحاث.
وبالرغم من أن المعلومات القديمة ليست عديمة الفائدة تماماً، ولكن استخدام أحدث المعلومات وفقاً للأبحاث والأدلة هو الأفضل دوماً.
وبطبيعة الحال فإن المصدر الأدق والأمثل في الحصول على معلومات طبية موثوقة هو الطبيب والعيادات الصحية المختصة.