يُعد المصابون بالسمنة من يعانون معرَّضين بصورة كبيرة لخطر الدخول في مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا والموت؛ ليس فقط من الفيروس، بل نتيجة الإصابات الأخرى.
وفي بداية شهر مارس/آذار 2020، كشفت البيانات الواردة من إيطاليا، وهي دولة مرت بمعدل وفيات مرتفع بسبب فيروس كورونا، أن 99% ممن ماتوا كانوا يعانون من مرض مزمن واحد على الأقل.
وأوضح البحث المنشور في دورية Lancet العلمية، أن 60% ممن ماتوا في ووهان بالصين كانوا يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو من النوع الثاني من مرض السكري.
ولكن ما غاب عن نقاشات الشبكات الاجتماعية المنتشرة وكذلك عن رسائل الصحة العامة هو أنّ هذه الحالات مرتبطة بأسلوب العيش، وأن التغيير في النظام الغذائي وحده قد يحسّن الكثير من عوامل الخطورة هذه بسرعة وبصورة ملحوظة وفقاً للخبرة السريرية التي شهدتها.
من هذا المنطلق كتب الدكتور عاصم مالهوترا، خبير القلب واستشاري في هيئة الصحة البريطانية NHS0، كتابه عن علاقة السمنة بالكورونا.
يقول مالهوترا إنّ الأمر بعيد كل البعد عن كونه مشكلة متعلقة بالسمنة وحدها. إذ يدور الأمر حول عوامل من الممكن تعديلها والوقاية منها، ترتبط بأسلوب الحياة والتي أدّت إلى تردي حالة الجهاز المناعي.
اسم الكتاب "خطة المناعة لـ21 يوماً The 21 Day Immunity Plan"، ويوضح مؤلفه أن أهم ما حفزه لكتابته هو الموت المبكر لفردين من عائلته بسبب الجهاز المناعي المتوعك.
إذ مات أخاه الأكبر أميت بسبب فيروس أصاب قلبه وهو في الـ13 من عمره، وكان يمتلك جهاز مناعةٍ ضعيفاً؛ لولادته بمتلازمة داون.
والحالة الثانية كانت والدته، التي عانت من ألم لا يوصف طوال الأسابيع الأربعة التي قضتها منذ دخولها الأخير إلى المستشفى بسبب عدوى أصابت الحبل الشوكي.
كان القصور في جهازها المناعي سببه بالكامل تقريباً اختيارات متعلقة بأسلوب الحياة. ولأن هيئة الخدمات الصحية الوطنية كانت تتعامل مع أكثر مما يمكنها، لم ينتبهوا للنوبة القلبية، وتأخر العلاج.
عانت والدته لالتقاط أنفاسها بينما كانت السوائل تحيط برئتيها. وفي النهاية دخلت في غيبوبة وانتشرت العدوى في جسدها، وتوفيت في عمر 68 عاماً فقط.
ولكن على الرغم من المأساة والإحصائيات المزعجة والقصص التي تحطم القلب، يمكننا أن نتعلم من الدروس التي أعطاها لنا الفيروس وننظر نحو مستقبل أفضل.
خطة المناعة لـ21 يوماً
وبحسب ما نشرته صحيفة The Telegraph، فإن خطة المناعة لـ21 يوماً المناعية تتضمن أغذية مفيدة تساعد على تنظيم وتقليل عمليات الالتهاب، وتقلل من مقاومة الإنسولين، وتحسن من الصحة الأيضية العامة.
وستساعدك هذه الخطة على:
- فقدان الدهون الزائدة في الجسم بطريقة جذرية وممتعة، مما سيحسن بدوره الصحة الأيضية بغض النظر عن فقدان الوزن.
- تعزيز الوظائف المناعية الطبيعية مما يجعلك أقدر على مواجهة العدوى من خلال الطعام، وتغيير أسلوب الحياة.
- تقليل خطر النوع الثاني من مرض السكري. إذ تساعد على التحكم في مستوى السكر بالدم، والحاجة للأدوية بالنسبة للمصابين بهذه الحالة بالفعل.
- تقليل الأدوية الكثيرة والوقاية من أمراض القلب.
- تضع قدمك على طريق تقليل خطر الإصابة بفقدان الذاكرة والسرطان على نحو كبير.
وعلى مدار هذه الأسابيع الثلاثة ستتبع ما يلي:
- خطة طعام
- تحريك جسمك يومياً
- تمارين تنفس
- تحسين عادات نومك
- تقليل التوتر
- تحسين السلامة العقلية عن طريق بذل جهود متضافرة لاستثمار الوقت والاستمتاع به مع الأصدقاء والعائلة.
ولو كنت تعاني من النوع الثاني من مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم، أو أمراض في القلب، وبالأخص إذا كنت تتناول أدوية لهذه الحالات؛ فلا بد من استشارة طبيبك قبل بدء خطة الـ21 يوماً، لأنك ستحتاج على الأغلب إلى تعديل أو تقليل هذه الأدوية، وربما توقفها تماماً.
الحركة
نعرف أن الجلوس فترات طويلة والاستقرار بشكل عام يزيدان من خطر الإصابة بأمراض القلب، وارتفاع ضغط الدم، والنوع الثاني من مرض السكري.
والتمرين المنتظم للجهاز الدوري والقلب لديه الأدلة الأقوى عندما يتعلق الأمر بتقليل خطر الإصابة بالعديد من الأمراض؛ بل أظهرت الأبحاث أن التمرين يقلل من مقاومة الإنسولين في خلال 3 أشهر بالنسبة لمن يبدأ من أسلوب حياة خامل، حتى دون فقدان الوزن.
وخلال هذه الأسابيع الثلاثة من الخطة، يجب أن تلتزم بالمشي السريع لمدة 30 دقيقة على الأقل لمدة 5 أيام في الأسبوع.
وإذا أردت الدقة، يمكنك قياس معدل ضربات القلب لتحصل على قياسٍ موضوعي لشدة النشاط.
وعليك استهداف أن يكون معدل ضربات القلب يتراوح بين 50% و70% من أعلى معدل لديك، وهذا مرتبط بعمرك. وسبب اختيار هذا المدى يعتمد على العديد من الدراسات التي تكشف عن تغيرات نفسية مفيدة تبدأ في الجسم عندما تمارس الرياضة في هذا المستوى، وتشمل هذه التغيرات انخفاض مقاومة الإنسولين.
ولحساب هذا المعدل تطرح عمرك من 220. فمثلاً إذا كان عمرك 40 عاماً فإن الرقم هو 180. وهنا يجب أن تستهدف أن يكون معدل ضربات قلبك بين 50% و70% من هذا الرقم، والذي سيكون في هذا المثال من 90 إلى 126 ضربة في الدقيقة.
والهدف الآن هو الحركة بقدر ما تستطيع، لذا لا تجلس أكثر من 45 دقيقة في الجلسة الواحدة، ويمكنك الفصل بينها بدقيقتين من الحركة.
لذا يقترح مالهوترا أن تقف وتؤدي تمرين القرفصاء 10 مرات. واختر السلم دائماً، والأهم هو أن تتحرك بطريقة ممتعة سواء كانت هذه الحركة في الرقص، أو ركوب الدراجة.
تنفس
التوتر النفسي عامل خطر كبير في نحو 90% من كل الأمراض المزمنة، لكن جسد وعقل الإنسان يمكنهما تحقيق التوازن سريعاً والتحرر من التوتر باستخدام النهج الشمولي.
ويُعد التركيز على تنفس الشخص واحداً من أسهل وأفضل الطرق لتنشيط هذا الجزء في الجهاز العصبي المسؤول عن تقليل التوتر، والمعروف بالجهاز الباراسمبثاوي.
وفي غضون ثوانٍ قليلة من الإبطاء المتعمد لتنفس الشخص، سيقل أيضاً معدل ضربات القلب، وفي هذا بيان قوي لكيفية تأثير العقل على الجسد.
أسلوب التنفس التالي يومياً طوال خطة المناعة لـ21 يوماً:
1- اختر وضعية مريحة تسمح لك بالتخلص من أي توتر. وابدأ بالانتباه للمكان الذي يتركز فيه تنفسك، هل تتنفس ببطنك، أم تستخدم الصدر العلوي. ومع الزفير، أرخِ عضلات الكتف وتخلَّص من أي شد في العضلات. حرِّر رقبتك بحركات بسيطة جداً وخفيفة من اليمين إلى اليسار. وعندما تصبح مستعداً أغلِق عينيك واترك جسدك يغرق في حالة عميقة من السكون. ولاحظ كيف يتخلص جلدك من الشد أيضاً.
2- وجِّه إدراكك تجاه الجزء السفلي من القفص الصدري، ولاحِظ الحركة الخفيفة للجانبين مع الشهيق والزفير. وركِّز على نعومة نَفَسِك، وتجنَّب صنع مقاومة في نهاية الشهيق. إذ يتعلق هذا التمرين بتصفية الذهن.
3- وإذا كنت تفضل شيئاً مفصل التعليمات أكثر، فتنفس ببطء بينما تعد حتى الرقم خمسة في رأسك، ثم أخرِج النفس. وهناك أسلوبٌ آخر مفيد وهو التنفس من أنفك لمدة أربع ثوانٍ، والاحتفاظ بالهواء لمدة سبع ثوانٍ، ثم الزفير في ثماني ثوانٍ.
4- ابدأ بتمارين تنفس مثل هذه لمدة 10 دقائق يومياً، وزِد عليها تدريجياً حتى تصل إلى 20 أو 30 دقيقة.
الطعام
استمتع:
- تناول ثلاث وجبات على الأكثر، وكُلْ حتى تشعر بالشبع فقط. خذ وقتك في تناول الطعام، وكُلْ مع الآخرين قدر المستطاع، واستمتع بالطعام.
- تناول ملعقتين إلى أربع ملاعق على الأقل من زيت الزيتون البكر يومياً.
- تناول حفنة صغيرة من المكسرات (الجوز/اللوز/البندق/المكاديميا) يومياً.
- تناول 5 إلى 7 حصص من الخضراوات والفواكه الليفية قليلة السكر يومياً على الأقل (انظر بالأسفل). وينصح مالهوترا بتناول قطعتين على الأكثر من الفاكهة قليلة السكر، و/أو ثمرة واحدة من الفاكهة متوسطة السكر، و5 ثمرات من الخضراوات في اليوم الواحد. إذ ستساعدك الأطعمة الليفية على الشعور بالشبع فترة أطول، وتقلل الارتفاع السريع في سكر الدم والإنسولين، كما أنها مفيدة للبكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء.
- تناول الخضراوات في وجبتين يومياً على الأقل.
- تناول الأسماك الدهنية مثل السلمون، والماكريل، والتونة، والرنجة، والسردين ثلاث مرات أسبوعياً على الأقل.
ما هي الفواكه والخضراوات التي يجب أن أتناولها؟
- الخضراوات المليئة بالألياف مثل القرنبيط، والبروكلي، والهليون، والباذنجان، والسبانخ، والبصل، والفلفل، وكرنب بروكسل، والفطر، والخيار، والكرفس، والطماطم، والكوسة (وعلمياً تعد الطماطم من الفاكهة، على الرغم من أن معظم الناس يعتقدون أنها خضراوات). ويمكنك تناول هذه الأنواع بِحرية.
- الفواكه منخفضة السكر ومن ضمنها جميع أنواع التوت مثل التوت البري، والتوت العادي، والفراولة، إلى جانب الأفوكادو، والليمون، والمشمش (تزن الحصة الواحدة 80 غراماً. تناول حصتين بحد أقصى في اليوم).
- الفواكه متوسطة السكر: التفاح، والكمثرى، والبرتقال، والخوخ (يمكنك تناول حبة واحدة بحد أقصى في اليوم).
تجنّب الآتي:
- جميع السكريات المضافة، وعصائر الفاكهة، والعسل، والقطر. كما تجنّب السكر المضاف والسكروز (الذي يتكون من 50% غلوكوز و50% فركتوز). ولا تسبب الفاكهة الكاملة بشكل عامٍ مشكلة، لكن من أجل صحة التمثيل الغذائي لا تستهلِك الكثير من الفواكه عالية السكر مثل الموز، والأناناس، والمانجو، والكرز.
- حددت منظمة الصحة العالمية حداً مثالياً أقصى لا يتجاوز 6 ملاعق صغيرة من السكر المضاف، وعصير الفاكهة، والقطر، والعسل للشخص البالغ العادي في اليوم. وتذكَّر أن قطعة شوكولاتة واحدة، أو كوباً من عصير الفاكهة، أو عبوة الكولا تحتوي على ما يقرب من 3 أضعاف هذه الكمية!
- تجنّب جميع الكربوهيدرات منخفضة الجودة والأطعمة النشوية التي تفتقر إلى الألياف. ويشمل ذلك جميع أنواع الكربوهيدرات المصنعة، والمعجنات، والكعك، والبسكويت، والمعكرونة، والكسكسي، والأرز. كذلك، تجنب جميع الحبوب لمدة 21 يوماً من الخطة، لأن هذه الأطعمة، خاصةً الأرز والقمح والشوفان وجميع أنواع الخبز، تحتوي على كمية عالية من النشا الذي يرفع غلوكوز الدم لدى من يتمتّعون بمقاومة الإنسولين. ومن أفضل البدائل التي لا تميل إلى الاحتواء على نسبة غلوكوز كبيرة في الدم: الكينوا.
- استبدِل أرز القرنبيط (المتوافر في معظم المتاجر الكبيرة) بالأرز، والكوسة أو الكرفس بالمعكرونة.
- تجنّب جميع الأطعمة فائقة المعالجة. ولا تتناولها إذا كانت تأتي في عبوة وتحتوي على خمسة مكونات أو أكثر، خاصةً إذا كانت تحتوي على مواد مضافة وحافظة.
صُم
حصل الصيام المتقطع، أو الأكل المقيد بالوقت، على الكثير من الاهتمام في الآونة الأخيرة. فعلى مستوى بسيط للغاية، يسمح الصيام المتقطع للجسم باستخدام الطاقة المخزنة عن طريق حرق الدهون الزائدة في الجسم.
وخلال فترات الصيام المطول، مثل 16 أو حتى 24 ساعة، يتحول الجسم من استخدام الغلوكوز باعتباره مصدراً أساسياً للطاقة إلى استخدام الدهون في شكل كيتونات.
ومرةً أخرى، على الرغم من أن الصيام المتقطع قد يساعد في إنقاص الوزن، فقد أظهرت عدة دراسات أنّ العديد من فوائد الصيام المتقطع لا علاقة لها بفقدان الوزن، بل تشمل تحسناً في انخفاض الإنسولين، والتحكم في مستويات الغلوكوز بالدم، وانخفاض ضغط الدم، والمساعدة في إنقاص الدهون بمنطقة البطن.
بمعنى آخر، يحسِّن الصيام صحة التمثيل الغذائي.
ولتنفيذ خطة الـ21 يوماً، يعود الأمر إليك في اختيار الصيام أو لا. ويعتمد ذلك على ما ستبدأ به لإصلاح نظامك الغذائي.
وإذا شعرت بالثقة بأنه يمكنك إدخاله إلى روتينك اليومي، فافعل ذلك على مدار بضعة أسابيع، عن طريق تقليل الفترة الزمنية التي تأكل فيها تدريجياً من 12 ساعة إلى ثماني ساعات. وما تهدف إليه في النهاية هو الصيام لمدة 16 ساعة يومياً، أي أن تكون فترة تناول الطعام بين الساعة 10 صباحاً و6 مساءً أو 11 صباحاً و7 مساءً، أو 12 مساءً و8 مساءً.
وخلال تلك النافذة التي تمتد لثماني ساعات، يجب تناول الطعام وفقاً لمستوى جوعك، مع الاستمرار في الالتزام بخطة تجنب الأطعمة فائقة المعالجة والكربوهيدرات المكررة.
وعند إجراء هذا التغيير، قد تشعر بالجوع والعصبية وضعف القدرة على التركيز. وعادةً ما تختفي هذه الآثار الجانبية في غضون شهر؛ لذا لا تستسلِم مبكراً!
اختلِط بالناس
ابذل جهداً لزيادة الوقت الذي تقضيه مع الأصدقاء والعائلة كل أسبوع؛ فليس هذا مفيداً لصحتنا العقلية فحسب، بل يساعد في تخفيف التوتر أيضاً.
النوم
تكشف الدراسة أنه بمجرد انخفاض عدد ساعات نومك إلى أقل من 7 ساعات في الليلة، تبدأ مقاومة الإنسولين في الزيادة.
وستؤدي التغييرات الإجمالية في نمط الحياة التي تتضمنها هذه الخطة أيضاً، إلى زيادة وقت النوم وارتفاع الإنتاجية.
فالسبب الرئيسي لسوء النوم هو الإجهاد؛ لذا تحتاج إلى إيجاد طرق للتخفيف من ضغوطك من خلال أنشطة مثل التأمل، واليقظة، وممارسة التمارين المعتدلة بانتظام.
ماذا أفعل بعد خطة المناعة لـ21 يوماً؟
إذا سارت الأمور على ما يرام وبدأت تلحظ النتائج، فاستمر! وفيما يتعلق بتخفيف مرض السكري من النوع الثاني؛ يظهر أقصى تأثير عند معظم الأشخاص خلال ما يصل إلى 70 يوماً من اتباع حميةٍ غذائية.
وإذا أصبح هذا هو أسلوب الحياة الذي تسير عليه بسهولة، ينصح مالهوترا بالالتزام بقاعدة 80/20؛ أي اتبع الخطة على الأقل في 80% من الوقت، وإذا كنت تريد مكافأة في شكل تحلية سكرية أو وجبة جاهزة أو نوع مختلف من الكربوهيدرات كالحبوب الكاملة؛ يمكنك الاستمتاع بها في 20% من الوقت من دون الشعور بالذنب.