النوم المتقطع، اضطرابات النوم، الأرق، الكوابيس.. إذا كنت تعاني إحدى هذه المشكلات المتعلقة بالنوم فبالنسبة لك قد يكون اقتناص ليلة نوم هادئة أفضل الأشياء التي تحدث في يومك.
جسدنا يحتاج لأن يحصل على نوم هانئ مريح، وهذا الأمر ليس ترفاً أو رفاهيةً، بل لإعادة بناء نظامك المناعي، ومعالجة المعلومات، والاستراحة قبل بداية يومٍ جديدٍ مليء بالأشغال والأعمال التي تحتاج تركيزاً وطاقة، وحين لا تحصل على قسطٍ مناسبٍ من النوم فإن كل تلك الوظائف والكثير غيرها يختل توازنها.
سأخبرك أمراً، هذه ليست معلومة جديدة لكنها مهمة، ألا وهي ضرورة حصولك على 7 إلى 9 ساعاتٍ نوم كل ليلةٍ، والنوم أقل من ذلك يعد خطراً على صحتنا الجسدية والنفسية وجميعنا تقريباً يدرك هذا، لكن بالرغم من ذلك يعاني كثيرون من اضطرابات النوم ويغدو النوم المتقطع روتيناً يومياً، ففي أمريكا مثلاً لا يحصل واحد من كل ثلاثة بالغين على قسط كافٍ مريح من النوم. وهذا ينقلنا إلى الأسئلة الأهم:
كيف تعرف أنها ليست مجرد ليلة سيئة، وأنك تعاني من اضطرابات النوم والنوم المتقطع
تظهر أعراض الحرمان من النوم عند استمرار عدم الحصول على قسطٍ وافٍ من النوم أو من النوم غير الجيد. وقد استعرض موقع Greatist الأمريكي بعض اضطرابات النوم الشائعة، التي تشمل:
- اضطراب الخدَر أو التغفيق، وهو الشعور بالنعاس المستمر أثناء النهار.
- متلازمة تململ الساقين (RLS)، وهي حالة تسبِّب رغبة مُلِحَّة لا يمكن التحكم فيها في تحريك الساقين.
- توقف التنفس أثناء النوم.
- اضطراب النوم الإيقاعي اليومي، وهو عدم وجود نمط ثابت للساعة البيولوجية.
كيف تعرف أنك تُعاني من الحرمان من النوم؟ ابحث عن علاماتٍ مما يلي:
- الإعياء خلال اليوم
- العصبية المفرطة
- التثاؤب المتكرر
- النعاس المفرط
ولو تكررت الليالي التي لا تحصل فيها على نومٍ كافٍ فسيبدأ جسدك بالتمرد عليك. ولا تقل ماذا سيحدث لجسدي إذا لم أنم بما فيه الكفاية. لأنه سيحدث الكثير، وهنا 13 أمراً يؤثر بها عدم الكفاية النوم على جسدك:
1- نظامٌ مناعيٌ ضعيفٌ
اعتبر جهازك المناعي جيشاً على أهبة الاستعداد دائماً لحمايتك من قوى العدوى والأمراض الشريرة.
وكالجيش تماماً، يحتاج جهازك المناعي للوقت ليبني دفاعاته. حين تكون نائماً يبدأ جهازك المناعي في العمل ويهيئ نفسه ببناء المواد (مثل الأجسام المضادة والسيتوكينات) التي تساعده في محاربة العدوى.
الحرمان من النوم يُضعف نظامك المناعي بعدم السماح له بخلق دفاعاتٍ كافيةٍ. وحين تضعف دفاعات مناعتك ترتفع فرص مرضك؟ كما أن قلة النوم تجعل التعافي يحتاج وقتاً أطول حين تمرض.
2- مشاكل الجهاز التنفسي
يعتمد جهازك التنفسي على النوم الجيد ليُبقي نفسه قوياً، والعكس أيضاً صحيح. لكن بعض الأمراض والاضطرابات تحول دون إنجاح تلك العلاقة التكافلية.
يُعد توقف التنفس أثناء النوم اضطراباً متعلقاً بالتنفس يحدث عند النوم ويُمكن أن يؤثر على جودة نومك بتعكير صفوه، وتكرار الاستيقاظ بسبب ذلك الاضطراب يسبب المزيد من حرمان النوم.
قد يجعلك الحرمان من النوم كذلك سريع التأثر بالأمراض التنفسية مثل الإنفلونزا أو نزلات البرد الشائعة، كما أنه يزيد من سوء حال الأمراض التنفسية الموجودة لديك أصلاً.
3- مشكلات القلب
حين يتعلق الأمر بالقلب، فإن لقلة النوم كما للإفراط فيه آثارهما السلبية على صحة قلبك وأوعيتك الدموية. وقد ربط الباحثون بين النوم لأقل من خمس ساعاتٍ أو أكثر من تسع ساعاتٍ يومياً بارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات والأزمات القلبية.
4- ارتفاع خطر الإصابة بالسرطان
وجدت دراسةٌ أُجريت عام 2015 أن قلة النوم مرتبطةٌ بارتفاع خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، بعدما تبين تشخيص عدد من مرضى السرطان ببعض اضطرابات النوم مثل الأرق وتوقف التنفس أثناء النوم.
كما أن هناك خطراً على أولئك الذين يعملون في مناوباتٍ ليليةٍ. قد يخفض العمل في مناوباتٍ ليليةٍ لسنواتٍ طويلةٍ من مستويات الميلاتونين لديك، وهو هورمونٌ يساعدك على النوم. قد يشجع ذلك من نمو الأورام السرطانية.
5- ارتفاع خطر الإصابة بالسكري
قد تمنع قلة النوم جسدك كذلك من إفراز ما يكفي من الأنسولين، الهرمون المسؤول عن خفض مستويات السكر في الدم. قد يسبب ذلك رفع مستويات السكر في الدم، ما قد يزيد من خطر إصابتك بمرض السكري من النوع الثاني.
في مراجعةٍ لدراساتٍ أُجريت عام 2015 استنتج الباحثون أن 7 إلى 8 ساعاتٍ من النوم ستكون مثاليةً لإبقاء الإنسولين في دمك عند مستوىً صحيٍ.
6- مشاكل في التفكير
كما يُذكرنا فيلم التسعينات المأخوذ عن كتاب The Baby-Sitters Club فإن المخ هو مركز السلسلة. لكنك إن لم تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم فإن ذهنك قد يُصبح ضبابياً، ما يُمكن أن يقود لشتى أنواع المشكلات.
الذاكرة، مهارات حل المشكلات، وحتى الإبداع، كلها أشياء قد تتأثر سلباً بليلةٍ واحدةٍ فقط من النوم المضطرب. في دراسةٍ صغيرةٍ أُجريت عام 2011، أكمل 18 رجلاً مهمتين: الأولى بعد ليلةٍ كاملةٍ من النوم، والثاني بعد ليلةٍ من السهر. وليس مفاجئاً أن الليلة التي خلت من النوم أثرت سلباً على الانتباه، والمنطق، وزمن رد الفعل، من بين أشياء أخرى.
7- النسيان
ترتبط صعوبة تذكر الأشياء ارتباطاً وثيقاً بمشكلات التفكير. وكما اتضح، فإن للنوم تأثيراً كبيراً على ذاكرتك وقدرتك على التعلم.
يساعد النوم عقلك على "حبس المعلومات" داخله، ما يسمح لك بحفظها واسترجاعها عند الحاجة. يُبقيك النوم يقظاً ومستعداً لأصغر التفاصيل.
8- انخفاض أو انعدام الرغبة الجنسية
أجل، لقد قرأت ذلك بشكلٍ صحيحٍ. حين لا تحصل على نومٍ كافٍ فإن رغبتك الجنسية تنخفض.
وجدت دراسةٌ صغيرةٌ أُجريت عام 2011 أن قلة النوم قد خفضت هرمون التستوستيرون لدى الرجال الصحيحين في سن الشباب بنحو 10 إلى 15%. كما لاحظ المشاركون في التجربة كذلك تغييراً في مزاجهم العام بانخفاض معدلات نومهم.
ووفقاً لدراسةٍ أُجريت عام 2015 فإن الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم مهمٌ كذلك للرغبة الجنسية لدى النساء. وجدت الدراسة أن النساء اللاتي ينمن أكثر كن أكثر اهتماماً بالجنس في اليوم التالي. كذلك كانت النساء اللاتي نمن أكثر في المعدل تشعرن بإثارةٍ أكبر من نظيراتهن اللاتي نمن لفتراتٍ أقصر.
9- زيادة الوزن
في حين أنه من الطبيعي الاستمتاع بوجبةٍ خفيفةٍ متأخرةٍ، فإن الحرمان من النوم يجعل من الوجبات الخفيفة الليلية أمراً معتاداً ونعرف جميعاً ما يحدث بعدها!
وعلمياً، تؤثر قلة النوم على إنتاج مخك للهرمونات التي تتحكم في الجوع والشبع. ويُسبب عدم نومك لمدةٍ كافيةٍ انحفاضاً في مستويات اللبتين (الهرمون الذي يجعلك تشعر بالشبع) وزيادةً في مستويات الغرلين (الذي يفتح شهيتك للأكل)، ما يدفعك للأكل قبل النوم.
كما ترتبط قلة النوم بمقاومة الأنسولين، ما يُمكن أن يخفض من قدرة جسدك على احتمال الجلوكوز (السكر).
وقد نظرت دراسةٌ عام 2012 في العلاقة بين الوزن والنوم لدى أكثر من 2000 شخص بالغ خلال 3 سنواتٍ ووجدت أن أولئك الذين ينامون أقل من 5 ساعاتٍ كل ليلةٍ كانت لديهم فرصٌ أكبر لزيادة الوزن، والإصابة بالسمنة في نهاية المطاف.
10- ارتفاع خطر الحوادث
قد يتسبب توليك القيادة مع عدم حصولك على ما يكفيك من نومٍ في حدوث الكوارث. وفقاً لدراسةٍ أُجريت عام 2018 فقد كان الذين ينامون 6 ساعاتٍ يومياً أو أقل أكثر عرضةً لحوادث السيارات من أولئك الذين ينامون 7 إلى 10 ساعاتٍ. وتزيد الفرص مع كل ساعة نومٍ أقل.
قد يؤثر ذلك عليك بشكلٍ خاصٍ إذا كنت تعمل لساعاتٍ طويلةٍ، أو كنت تعمل في مناوباتٍ، أو كنت سائقاً تجارياً، أو كنت تسافر كثيراً، كما قد يؤثر كذلك على توازنك وتناسق حركاتك، ما يجعلك أكثر عرضةً للسقوط، أو الاصطدام بالأشياء، أو التعرض لحوادث مشابهةٍ.
11- مشكلات البشرة
لم تحصل الأميرة النائمة على اسمها "أميرة الجمال النائم" من فراغٍ. إذ ستعيث قلة النوم فساداً في بشرتك.
فقد وجدت دراسةٌ صغيرةٌ عام 2015 مولتها شركات Estee Lauder أن النساء اللاتي لا يحصلن على نومٍ جيدٍ كافٍ لديهن علاماتٌ أبرز على تقدم الجلد في السن وانخفاض وظائف الحاجز الجلدي. ولا تزال دراساتٌ إضافيةٌ بحاجةٍ لأن تُجرى لفهم تأثير النوم على الجلد بشكلٍ كاملٍ.
12 اضطراب إنتاج الهرمونات
للنوم تأثيرٌ كبيرٌ على إنتاج الهرمونات في جسدك، وعدم الحصول على الكفاية منه يمكنه أن يسبب ضرراً جسيماً لهرموناتك. مثلاً يتطلب إنتاج قدرٍ مناسبٍ من التستوسترون ثلاث ساعاتٍ على الأقل من النوم الجيد.
قد تعبث قلة النوم كذلك بهرمون النمو الذي يؤثر على طولك ونموك بشكلٍ عامٍ. وهرمون النمو مهمٌ لإصلاح الأنسجة والخلايا ولبناء الكتلة العضلية. وقد تؤثر قلة النوم على إنتاج ذلك الهرمون.
13- تغير المزاج
أتعرف ذلك المزاج العكر الذي يعتريك بعد ليلةٍ من الأرق؟ يرجع ذلك لعدم نومك لمدةٍ كافيةٍ.
قد تُلقي قلة النوم بتبعاتها على حالتك النفسية، فتجعلك أكثر عرضةً لتقلبات المزاج والارتياب، وحين لا يُعالج فقد يسبب لك الحرمان من النوم رؤية أو سماع أشياء غير موجودةٍ (هلاوس).
وعند الأشخاص الذين يعانون من حالاتٍ نفسيةٍ بعينها، قد يسبب عدم الحصول على نومٍ كافٍ زيادةً في أعراضٍ أو سلوكياتٍ معينةٍ.
كيف تحارب اضطرابات النوم، وتغطُّ فيه بسرعةٍ؟
من البديهي أن نقول إن أفضل علاجٍ لقلة النوم هو ضمان الحصول على نومٍ كافٍ كل ليلةٍ (بين 7 إلى 9 ساعاتٍ). ومن المهم كذلك ضمان جودة النوم في تلك الساعات.
جرب هذه النصائح لضبط دورة نومك مرةً أخرى:
- ادخل إلى السرير واستيقظ يومياً في نفس الموعد (حتى في الإجازات والعطل).
- تجنب تناول الطعام أو الوجبات الخفيفة قرب موعد نومك.
- قلل أو امنع القيلولات أثناء اليوم (تلك نصيحةٌ صعبةٌ).
- تمرّن بانتظامٍ ومارس أي نشاط حركي (لكن ليس قرب موعد النوم).
- لا تتناول الكافيين بعد الظهر.
- تجنب استخدام الأجهزة الإلكترونية قبيل النوم (دع الهاتف).
- التزم بطقوس استرخاءٍ قبيل النوم (كالتأمل أو أخذ حمامٍ دافئٍ).
لا يزال جدول نومك مضطرباً؟ إذا كنت لا تزال تعاني من مشكلات في النوم أو تشعر بإعياءٍ مزمنٍ خلال اليوم، فقد حان الوقت للتحدث لطبيبك. يمكن لطبيبك أن يعمل معك على الوصول لجذر المشكلة وأن يجد لك علاجاً يساعدك على إغلاق عينيك.