من المعروف أن البستنة والتواجد في الطبيعة مفيدان بدنياً ونفسياً، على الرغم من ذلك لا يزال الكثيرون منا لا يقضون وقتاً كافياً في الهواء الطلق.
أشار تحليلٌ تلويٌّ للبحوث التي تدرس آثار البستنة إلى مجموعة واسعة من التحسينات الإيجابية في الصحة الاجتماعية والبدنية والنفسية.
على المدى الطويل، يمكن أن يخفف كل ذلك من المشاكل الصحية المختلفة ويمنعها، على سبيل المثال، يعد القليل من إزالة العشب وتقليم الأشجار والنباتات نشاطاً معتدلاً بما يكفي لجعل البالغين في حالة جيدة.
ووفقاً للبحث الذي أجرته جامعة بنسلفانيا، يمكن للنشاط الخفيف المرتبط بالبستنة أن يحسن نومك أيضاً، بحسب موقع Stuff النيوزيلندي، وقد دعمت الكثير من الدراسات هذا الأمر.
حالة مزاجية أفضل
تقول عالمة الصحة والرفاهية مارني ليشمان: "لقد نشأنا لنكون في الهواء الطلق في الطبيعة وكنا نفعل ذلك لآلاف السنين". وتابعت: "لكن، بمرور الوقت، حاصرنا أنفسنا في الأماكن المغلقة، لدرجة أن الكثير من الناس نادراً ما يخرجون".
وتشير مارني إلى أن التكنولوجيا والمجتمع الذي يعاني المزيد من المخاوف قد أدى إلى تفاقم هذا الأمر.
تقول: "يريد الكثير من الآباء من أطفالهم أن يكونوا بالداخل، مع غلق المنزل لابقائهم بأمان"، وأضافت: "لكن هذا حدس مهني غير جيد للصحة النفسية للأسرة".
ومن المفارقات أن الخروج إلى الهواء الطلق يمكن أن يساعد بالفعل في تخفيف هذا التوتر.
في دراسة أجريت في هولندا، تم تكليف المشاركين بإكمال مهمة مضنية قبل تقسيمهم إلى مجموعتين. قامت مجموعة بالقراءة في المنزل لمدة 30 دقيقة، بينما قامت المجموعة الأخرى بالبستنة.
بعد ذلك، ذكرت المجموعة التي قامت بالبستنة أنها في حالة مزاجية أفضل من مجموعة القراءة، وأنها خفضت مستويات هرمون الكورتيزول.
التواصل مع العالم
يمكنني أن أفهم ذلك، فمنذ ولادة ابني قضينا الكثير من الوقت في الهواء الطلق. في الأيام الأولى، كان المشي بالعربة متنفساً لكلينا على حدٍّ سواء، تنفست في الهواء النقي وانتابني شعور بالاتزان وتنفس ابني في العالم من حوله.
تقول مارني:
"التواجد في الهواء الطلق أمر جيد للأطفال في العديد من النواحي". وأضافت: "يساعدهم ذلك على التواصل مع العالم، ويغذِّي خيالهم، ويحفزهم جسدياً، ويمنحهم شعوراً بالاستقلالية، وإحساساً بالهدف".
إنه رائع كذلك لغرس عادات الأكل الصحية؛ إذ أظهرت دراسة أجرتها جامعة كوفنتري تأثير برامج البستنة المدرسية على تناول الفاكهة والخضراوات لدى أطفال المدارس.
على مدار 12 أسبوعاً، صنع 46 طفلاً تتراوح أعمارهم بين تسعة وعشرة أعوام مشروعاً مدرسياً لإنشاء حديقة.
أجاب أطفال على استبيانات حول عاداتهم الغذائية قبل وبعد المشروع.
أظهرت النتائج أن الأطفال الذين شاركوا في مشروع البستنة بالمدرسة تناولوا 26% أكثر من الفواكه والخضراوات بعد ذلك.
علاوة على كل هذه المتعة، من الجيد أن أعرف أن كل هذا الوقت الطبيعي لا يفيد ابني الآن فحسب، بل سيستمر في الاستفادة منه أثناء نموه.
درجات أقل في اختبارات الصحة النفسية
وجدت دراسة حديثة أن البالغين الذين كانوا أقل تعرضاً للأماكن الطبيعية أثناء طفولتهم حصلوا على درجات أقل في اختبارات الصحة النفسية، مقارنة بالأشخاص الذين تعرضوا لها أكثر.
تسلط ويلما زيليما، الباحثة في معهد برشلونة للصحة العامّة ISGlobal ومنسقة الدراسة، الضوء على أن الاستنتاجات: "تُظهر أهمية التعرض في الطفولة للأماكن الطبيعية لتطوير سلوك يقدّر الطبيعة وحالة نفسية صحية في مرحلة البلوغ".
بينما يواصل نموه، آمل أن ينمو كذلك حب ابني للهواء الطلق والطبيعة، آمل أن يستمر في جني الثمار التي تترتب على ذلك. ومن يدري، ربما يوماً ما سيكون قادراً على إعادة إحياء كل نباتاتي المحتضرة التي تبدو مريضة.