مع أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعانون أمراض القلب والأوعية الدموية آخذ في التزايد، فإن عدد أولئك الذين يموتون بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في انخفاض مستمر.
ويرجع السبب إلى تحسُّن خيارات العلاج، وجودة الرعاية، والحصول على الرعاية الصحية بشكل كبير في منتصف القرن الماضي.
إذ تُعَدُّ أمراض القلب والأوعية الدموية مسؤولة عن أكثر من 30% من إجمالي عدد الوفيات بجميع أنحاء العالم، وفي كل عام يتزايد عدد الأشخاص المُشخَّصين بتلك الحالة.
وفي عام 2015، كان أكثر من 85 مليون شخص بأوروبا من أصحاب أمراض القلب والأوعية الدموية، وفق ما نشرت صحيفة Independent.
لا بد من أن انخفاض نسبة الوفيات مؤشر إيجابي، لكنه مع ذلك يعني أن المزيد والمزيد يعيشون بأمراض القلب والأوعية الدموية، التي تعرّضهم لخطر الموت المفاجئ.
في المملكة المتحدة وحدها، تُقدَّر تكاليف الرعاية الصحية المعنيَّة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنحو 12 مليار دولار أمريكي، في حين أن إجمالي التكاليف التي يتكبدها الاقتصاد الأوروبي تقترب من نحو 260 مليار دولار أمريكي في العام.
إذن، من المنطقي أن تشكل الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية الهدف الأسمى لكثير من خدمات الرعاية الصحية بالعالم.
وتنطوي تعليمات الوقاية على حث الأشخاص على اتباع نظام غذائي أكثر صحة، وزيادة النشاط البدني، والتوقف عن التدخين.
فتلك الأمور الثلاثة من شأنها جلب فوائد متعددة، منها الحد من مخاطر الإصابة بمجموعة من الأمراض والحالات، وتحسين نوعية الحياة.
أنواح الحميات الغذائية من أجل قلب صحي
بالنسبة لكثير من الأشخاص الذين شُخِّصوا بأمراض القلب والأوعية الدموية، ربما يكون النظام الغذائي من أوائل الأشياء التي قد يباشرون بأخذها في الاعتبار.
ثمة عدد من الأنظمة الغذائية الصحية في العالم، والكثير منها مرتبط بمناطق أو بلدان، مثل:
– الحمية الشمالية الجديدة، التي تحث على تناول الخضراوات الجذرية والملفوف والتفاح والتوت والأسماك وطيور الصيد وغيرها.
– والحميات اليابانية التي تدعو إلى تناول الأرز والخضراوات المطبوخة والمخلل والأسماك واللحوم وفول الصويا.
– الحمية النباتية.
– وأخيراً حمية البحر الأبيض المتوسط.
حمية البحر المتوسط تحمي القلب
تُعد حمية البحر الأبيض المتوسط نظاماً غذائياً متوازناً، يعزز تناول الخضراوات والفاكهة، بالإضافة إلى الأسماك الزيتية وزيت الزيتون واللحوم الخالية من الدهون والمكسرات ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
عُرف هذا النظام منذ أواخر الخمسينيات، واشتهر بأن له فوائد تحمي القلب، وأكدت كثير من الدراسات الكبيرة وغير الكبيرة هذه النتائج منذ ذلك الحين.
ثم إن هناك الحمية النباتية، وهي نظام قائم على النباتات وخالٍ من اللحوم، ويتطلب الامتناع عن تناول البيض ومنتجات الألبان والعسل أيضاً.
وفيما يتعلق بأنها تحمي من أمراض القلب والأوعية الدموية، فإن الأدلة المتاحة محدودة. ومع ذلك، فإن ما نعرفه يشير إلى أن النباتيين على المدى الطويل لديهم نسبة كولسترول أقل من الآخرين غير النباتيين.
ما هي أفضل حمية؟
اكتشف فريق علمي مؤخراً فوائد الأنظمة الغذائية الإقليمية والمبتكرة، وضمن ذلك الحمية الشمالية الجديدة، وحمية البحر الأبيض المتوسط، والحمية النباتية، والأنظمة الغنية بالنترات، التي يُقال إنها تحسن صحة القلب بشكل مباشر.
وقد دُرست آثارها على القلب والأوعية الدموية على المديين الطويل والقصير.
وأشارت دراسة حديثة، قارنت بين التأثيرات على المدى القصير لحِمية البحر الأبيض المتوسط والحمية النباتية، إلى أن حمية البحر المتوسط، على الأقل على المدى القصير، تحسن من توافر أكسيد النيتريك في الأوردة والشرايين بشكل كبير.
وهو أمر مهم للحفاظ على صحة نظامنا الوعائي.
ما هو أكسيد النتريك؟
يتأثر أكسيد النتريك بشدة بعملية الشيخوخة، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطور أمراض القلب والاضطرابات الأيضية.
ومن ثم، فإن ملاحظة النتيجة المنطوية على توافر أكسيد نترات بنسبة أكبر هو خبر جيد للغاية.
وماذا عن الحمية النباتية؟
وجدت الدراسة أيضاً أن الحِميات النباتية له فوائد تتمثل في الحد من مستويات الكولسترول.
ومن ناحية أخرى، وجدت الدراسة أن أولئك الذين يتبعون الحمية النباتية يعانون نقصاً في عدد من المغذيات الدقيقة المهمة، مثل فيتامين كوبالامين واليود، حتى وإن كانوا يتناولون مكملات الكوبالامين بتوصية منا.
وهذا اكتشاف خطير: المغذيات الدقيقة هي فيتامينات ومعادن تحتاجها أجسامنا بكميات قليلة لتجري عملياتها بشكل صحيح، في حين أنَّ نقص اليود والكوبالامين يشكلان خطراً مهماً على الصحة.
الاعتدال والتوازن مفتاح الحمية الصحية
كشفت الأبحاث مراراً وتكراراً، أن الأنظمة الغذائية المتوازنة أكثر فائدة على المدى الطويل، ويشير مقالنا إلى الاتجاه ذاته بوضوح.
وعلى أية حال، ربما من الأفضل تجنب اتباع أنظمة غذائية بناءً على اتجاهات رائجة، بل الأحسن هو اتخاذ خيارات بناءً على الاحتياجات الفردية.
من المهم إيضاً الإلمام بكل الجوانب قبل إجراء أي تغيير على النظام الغذائي الذي تتبع.
وهذا لأنه في بعض الحالات، يؤدي تغيير النظام إلى نقص في العناصر الدقيقة والفيتامينات.
وهذا من شأنه أن يشكل خطراً على الصحة ويجتاح فوائدها.
علامَ نركز إذن في الطعام؟
لذا بقدر ما يوصي الخبراء بالأطعمة التي من شأنها أن تقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، توصلوا إلى ضرورة البحث عن حل في حِمية البحر الأبيض المتوسط.
أي بكلام آخر:
- تناول مزيد من الأطعمة النباتية مثل الفواكه والخضراوات والحبوب الكاملة والبقوليات والمكسرات.
- استبدال الدهون بخيارات صحية مثل زيت الزيتون بدلاً من الزبدة.
- إضافة نكهات إلى الطعام باستخدام الأعشاب والتوابل بدلاً من الملح.
- ولا بد من اقتصار تناول اللحمة الحمراء على بضع مرات في الشهر، لكن يمكن تناول الأسماك والدواجن مرتين على الأقل في الأسبوع.
وجدير بالذكر أنَّ تناول الوجبات مع العائلة والأصدقاء يشكل أيضاً جزءاً كبيراً من حمية البحر الأبيض المتوسط وثقافتها.