لا يمكنك إخضاع صراعاتك الذهنية للنوم؟ سواء كانت تحرمك من النوم بسرعة أو تبقيك مستيقظاً، لا شك في أن الذهن المضطرب يمثل أكبر عقبة أمام السبات. يقول لورانس تشان دو، الأستاذ المساعد بطب النوم في مركز ويكسنر الطبي بجامعة ولاية أوهايو في كولومبوس: "إنه إحدى أكثر المشكلات التي نسمعها في عيادة النوم، خاصة بين من يعانون الأرق".
علامة على وجود شيء يثير التوتر
إذا كنت تكثر التفكير حين تتأهب للنوم ولا يمكنك النعاس، فستلقي اللوم على يومك المجنون. سواء كنت تستكشف مدينة جديدة أو تتحقق من قائمة المهام في محيطك المعتاد لمنزلك أو مكتبك، سيظل عقلك يجمع معلومات جديدة طوال اليوم.
ويوضح ذلك د. مايكل بريوس، أخصائي علم النفس السريري والمتخصص بفي اضطرابات النوم، ومؤلف كتاب قوة الزمن، الذي يدعو إلى فهم ساعة الجسد وإيقاعاته اليومية، "حتى تصعد إلى السرير لا تنعم بأي لحظة هدوء، وكل هذه المعلومات، ومن ضمنها القلق، تطير خارج الباب"، بحسب ما نٌشر في موقع Everyday Health الأمريكي.
أما إذا كنت تستيقظ في منتصف الليل ولا تسمح لك صراعاتك الذهنية بالعودة إلى النوم، فقد يعني ذلك أن هناك شيئاً يزعجك أكثر مما تعترف لنفسك بذلك، ويقول د. بريوس: "هذه علامة على وجود شيء يثير التوتر في حياتك".
ومن الجدير بالذكر أن الجميع يواجه مشكلات بالنوم من وقت إلى آخر. ولهذا السبب قمنا بصياغة الاستراتيجيات التالية. بإمكان هذه الإرشادات مساعدتك على الاسترخاء وتنقية ذهنك قبل أن تصبح صعوبة النوم عادة أقوى من أن تتغلب عليها وحدك.
إذا أصبحت صعوبة النوم ليلاً أمراً متكرراً إلى درجة العادة، فأخبِر الطبيب. وإذا كنت تواجه أعراض الأرق، فهناك طريقة بإمكان الطبيب أو أخصائي النوم مساعدتك بها.
هذا ما عليك أن تجربه بنفسك:
إذا لم يكن بإمكانك النوم عندما تضع رأسك على الوسادة، فهذا ما عليك القيام به:
1. تخلَّص من الأجهزة
ظل أطباء النوم يخبرونك سنواتٍ بضرورة التوقف عن استخدام الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية قبل النوم، وذلك لسبب وجيه. ليس فقط لأن إضاءة الشاشات الإلكترونية تعطّل إنتاج الميلاتونين -وهو ما يجعل النوم أصعب من الناحية الفسيولوجية– بل ترفع كذلك معدلات القلق والتوتر.
خاصة مع تلقّي أخبار مزعجة من خلال البريد الإلكتروني أو الوسائط الاجتماعية، وهو ما يجعل دورة التفكير أكثر سوءاً مع الأخبار السيئة، وفقاً لكلام د. تشان.
هذا بالإضافة إلى أن التطبيقات والمواقع الإلكترونية والأخبار التي تستخدمها على هذه الأجهزة مصممة (أو الجزء الأكبر منها) لإبقائك (وإبقاء ذهنك) منخرطاً معها. ويضيف:
"الإنترنت مصمم لجذب الانتباه بحيث تقضي وقتاً أطول على الشاشة، وهو ما يضر بقدرتك على النوم".
ولتحصل على نوم مريح، أوقِف تشغيل الأجهزة ساعة أو ساعتين، أو مدة 30 دقيقة على الأقل، قبل النوم.
2. حدِّد وقتاً للقلق
كما تحدد مواعيد لرؤية أصدقائك ولاستقبال الرسائل، حدِّد وقتاً للقلق. حدِّد وقتاً ثابتاً في كل يوم (من 15 إلى 30 دقيقة)، قبل موعد النوم بساعة أو ساعتين على الأقل، لكتابة ما يقلق على الورق. وبالإضافة إلى كتابة ما يقلقك.
حدِّد تصرفاً واحداً على الأقل يمكنك القيام به للتعامل مع المشكلة. التفكير في تلك الأمور بشكل مبكر خلال اليوم يساعدك على تخفيف قلقك وتفكيرك بشأن هذه الأمور عندما تضع رأسك على الوسادة. يقول د. تشان "يعتمد النوم المثالي على خلق روتين ونظام زمني، وهذا أمر لا يتغير".
3. خلق نظام روتيني لإراحة ذهنك
يقول د. دافيد برودنر، الطبيب الرئيس والمؤسس لمركز صحة الجيوب الأنفية والحساسية والنوم في مدينة بوينتون بولاية فلوريدا، إن "معظم الأشخاص يعتقدون أن النوم مثل التنفس، يقوم الجسم به بشكل طبيعي ولا إرادي.
وهذا غير صحيح. حياتنا العصرية تخلق الكثير من التحفيز على مدار اليوم وتدفع العقل للعمل بسرعات خيالية، وإذا لم نمنح عقولنا الوقت لتستريح، فستواصل العمل بهذه السرعة في أثناء النوم".
قبل النوم بـ30 دقيقة على الأقل، ابدأ تحضيراتك للنوم ثم قم ببعض تدريبات الاسترخاء، مثل الاستماع إلى الموسيقى أو القراءة. وحافِظ على هذه العادة، وستدرب ذهنك على توقُّع النوم بعد هذه الفترة.
4. حافِظ على الأمور الإيجابية
الآن ألقيت بهمومك ومخاوفك، استبدل هذه الأفكار السلبية التي مررت بها بأخرى إيجابية، لتشعر بالرضا والعرفان. يقول د. بريوس إن تأثير هذه الأفكار الإيجابية يصبح أعظم عندما تكتبها. لذا حاوِل قضاء بعض الدقائق في كتابة قائمة من 3 إلى 5 أمور تشعر بالامتنان تجاهها.
5. تدريب 4-7-8 للتنفس
سمعت عن التنفس العميق لمقاومة التوتر أو الإجهاد، ولكن هناك سبب وجيه لكونه فعالاً أيضاً للنوم. لكي تحظى بالنوم، يحتاج معدل ضربات القلب أن يتباطأ، وتعتبر تدريبات التنفس واحدة من أكثر الطرق فاعلية لتحقيق هذا الهدف.
ومن تدريبات د. بريوس المفضلة تدريب 4-7-8 للتنفس: شهيق للعدد أربعة، ثم الاحتفاظ بالنفَس للعدد سبعة، ثم الزفير للعدد ثمانية. كرر ذلك من 5 إلى 7 مرات على الأقل، وسيتباطأ معدل ضربات القلب.
6. قم بإرخاء العضلات تدريجياً
عندما ترقد في السرير، قم بشد وإرخاء عضلاتك واحدة تلو الأخرى، بدءاً من أصابع قدميك وانتهاءً برأسك. لن تصدق مقدار الاسترخاء الذي ستشعر به، كما يجبرك ذلك أيضاً على التفكير في أجزاء جسدك، وصرف تفكيرك عن أي أفكار أو مخاوف.
7. حافِظ على جدول زمني منتظم للنوم
هذه واحدة من الركائز الأساسية للنوم الصحي، وتنصح جميع إرشادات النوم بذلك، للحصول على نوم هانئ ليلاً، وهذا يساعد الذهن أيضاً.
يقول د. بريوس: "إذا كنت تحاول النوم مبكراً وعقلك غير مستعد للنوم، فسيركز على أمور أخرى، وهو ما يجعلك يقظاً ومنتبهاً".
إذا استيقظت في منتصف الليل ولم تتمكن من العودة للنوم، فإليك ما ستقوم به:
1. اخرج من السرير
على الرغم من أن ذلك قد يبدو مضاداً للحدس البديهي، ينصح أطباء النوم جميع من لديهم هذه المشكلة بالنزول عن السرير بعد نحو 20 دقيقة من القلق (وهي واحدة من الخطوات المميزة المعروفة لعلاج الأرق).
إذا كنت تقضي وقتاً طويلاً قلِقاً في السرير، فسيبدأ عقلك في ربط السرير بالقلق ولن تتمكن من النوم. وستخلق بذلك حلقة مفرغة تدور بها، حتى يصبح السرير مكاناً يصبح النوم فيه عصيّاً.
بدلاً من ذلك، اخرج من السرير وقم بأي نشاط يساعد على الاسترخاء، مثل قراءة كتاب أو بعض الأعمال الخفيفة أو كتابة يومياتك. وبمجرد أن تبدأ في الشعور بالنعاس، توجه نحو السرير. يقول د. بريوس: "الهدف هو زيادة كفاءة النوم وفاعليته، وهو ما يعني أن تكون نائماً عندما تكون في السرير".
2. إبطاء معدل ضربات القلب
قد تكون مارست تدريب 4-6-7 للتنفس أو قمت بإرخاء عميق للعضلات قبل النوم. والآن جرّبهما مجدداً، والهدف ليس فقط إبطاء معدل ضربات القلب، بل إبعاد ذهنك أيضاً عن التفكير والقلق.
3. اكتب مخاوفك
احتفِظ بمذكرة بجوار السرير ودوِّن فيها مخاوفك التي تشغل بالك.
يقول د. برودنر إن ذلك ليس مثل وقت القلق المخصص للنوم، حيث لا تضع حلولاً لمخاوفك وما يقلقك. إنك تخرجها فقط من رأسك ليرتاح ذهنك.
4. قم بتشغيل التلفزيون
أراهن على أنك لم تستمتع لهذه النصيحة من قبل. وهذا لأن د. بريوس قد يكون طبيب النوم الوحيد في العالم الذي يسمح لمرضاه بمشاهدة التلفزيون إذا راودتهم أفكار تعيق قدرتهم على النوم. مشاهدة عرض ممتع قد يزيح عن ذهنك ما يعتليك من هموم.
وقد يساعدك على الاسترخاء. (انتبِه إلى أن معظم إرشادات النوم لا تنصح بمشاهدة التلفزيون ليلاً، وضمن ذلك نصائح المؤسسة الوطنية للنوم. لذا، إذا لم تساعدك هذه الطريقة، فتجاوزْها).
ماذا عن الضوء الأزرق الذي ينبعث من شاشة التلفزيون ويعطل إنتاج الميلاتونين؟ يقول د. بريوس: "على الرغم من انبعاث الضوء الأزرق من شاشة التلفزيون، فإنك لا تحصل على قدر كبير من تلك الإضاءة كما تعتقد.
أو ليس مثلما ستتعرض مع الأجهزة الأخرى مثل الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية". إلى جانب ذلك، معظم الأشخاص لا يشاهدون التلفزيون فعلياً، حيث إن الكثيرين يستمعون إليه بأعين مغلقة، وليس بإمكان الإضاءة الزرقاء اختراق الأعين المغلقة.