إذا كنت تبحث عن السعادة والنجاح في الحياة، فعليك معرفة أن الأمر لا يقتصر على قدراتك الفكرية فقط، فتحقيق السعادة والنجاح يرتبط مباشرة بـ تطوير الذكاء العاطفي (EQ).
فأذكى الأشخاص رُبما لا يكونون هم أكثر الأشخاص نجاحاً في الحياة، من المُحتمل أنك تعرف أشخاصاً أكاديميين بارعين ومع ذلك فهم غير أكفاء اجتماعياً وغير ناجحين بالعمل أو في علاقاتهم الشخصية، فالقدرة الفكرية أو نسبة الذكاء الخاص بك (IQ) ليستا كافيتين بحد ذاتهما لتحقيق النجاح في الحياة.
يُساعدك الذكاء العاطفي على بناء علاقات أقوى، فيدعم نجاحك بمدرستك أو جامعتك أو مكان عملك، ويُعينك على تحقيق أهدافك المهنية والشخصية.
وإذا اعتبرنا كل ما سبق أهدافاً خارجية، فللذكاء العاطفي أهداف داخلية أيضاً.
ما هي الأهداف الداخلية؟
الأهداف الداخلية هي التي تنبع من داخل نفسك. يساعد بناء ذكائك العاطفي على التواصل بشكل أفضل مع مشاعرك، وإدارة المشاعر السلبية كالتوتر والقلق، والتي إن لم تُسيطر عليها فستؤثر في صحتك الجسدية.
تؤدي المشاعر السلبية إلى بعض الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم، والإضرار بالجهاز المناعي، وزيادة خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية، والإصابة بالشيخوخة المُبكرة.
لذا فإن الذكاء العاطفي يساعد على اتخاذ قرارات مُستنيرة في شؤون حياتك المُعلقة والتي تحتار بشأنها.
ولكن، ما هو الذكاء العاطفي؟
يُمكن تعريف الذكاء العاطفي بأنه القدرة على فهم واستخدام وإدارة مشاعرك وعواطفك الخاصة بطرق إيجابية، لتخفيف المشاعر السلبية كالقلق والتوتر والإحباط، والقدرة على التواصل مع المحيطين بك بفاعلية أكبر.
توجد 4 صفات للذكاء العاطفي، هي:
الإدارة الذاتية: والتي تُمكنك من التحكم في مشاعرك، والسيطرة على سلوكياتك الاندفاعية، وإدارة عواطفك بطريقة صحيّة، واتخاذ المُبادرات في الوقت المُناسب، ومُتابعة الالتزامات، والتكيّف مع الظروف المُتغيرة.
الوعي الذاتي: بحيث تعرف مشاعرك الخاصة، وتعرف كيف تؤثر في أفكارك وسلوكك. تدرك به نقاط قوتك وضعفك، وهو ما يعزز الثقة بالنفس.
الوعي الاجتماعي: يمد الذكاء العاطفي صاحبه بالقدرة على فهم عواطف الآخرين واحتياجاتهم ومخاوفهم. كذلك يُمكّنه من التقاط الإشارات العاطفية الصادرة إليه منهم. يُساعد أيضاً على الشعور بالارتياح الاجتماعي، ويحمي من سوء الفهم الذي يُفسد العلاقات.
وعلى نطاق أوسع، يساعد على فهم ديناميكيات السلطة في مجتمع أو مجموعة أو مُنظمة أو مقر عمل.
القدرة على إدارة العلاقات: إذا حظيت بقدر مُناسب من الذكاء العاطفي، فأنت في هذه الحالة تعرف كيف تُطور علاقات جيدة وتُحافظ عليها، وتُلهم الآخرين وتؤثر فيهم.
تستطيع العمل بشكل جيد في فريق، وتعرف أيضاً كيف تُدير الصراعات وتُنهي الخلافات.
Do you consider emotional intelligence to be important in the workplace? If not, why? https://t.co/T57ft5aFaq #EmotionalIntelligence pic.twitter.com/3zTZBMdVfU
— TrainingZone (@TrainingZone) January 22, 2019
كيف يُمكنك تطوير الذكاء العاطفي ؟
توجد 5 طرق يُمكن رصدها، لتطوير الذكاء العاطفي، نذكرها كما جاءت في موقع Forbes:
1- تعلَّم إدارة المشاعر السلبية: يتحقق ببعض التدريب، فمثلاً إذا كان هناك شخص ما يُضايقك، فلا تقفز سريعاً إلى الاستنتاجات التي تقودك إلى المشاعر السلبية. أعطِ نفسك بعض الوقت للنظر إلى الموقف بطرق مُتنوعة.
حاول أن تُقيّم الأمر بموضوعية وتقف موقف المُتفرج بدلاً من كونك طرفاً مُباشراً، ستُساعدك هذه الطريقة على رؤية الأمور بحيادية أكبر.
تدرَّب على هذا النوع من الوعي وستلاحظ كيف سيتغير منظورك إلى الأمور ومشاعرك تجاهها.
2- تعلَّم تحديد ما يدور حولك بمُفردات واضحة ودقيقة: كن حذراً في المُفردات التي تستخدمها، فالشخص الذكي عاطفياً يميل إلى استخدام كلمات أكثر تحديداً تُساعد في عدم تضخيم المُشكلات والمواقف السلبية التي تحدث حوله.
تُساعده التعابير أيضاً على رؤيتها بحجمها الحقيقي، بعدها يعمل بجهده كاملاً على مُعالجة هذه المُشكلات، دون أن يستنفد طاقته في الغضب والضيق.
فمثلاً إذا كان لديك لقاء مع مُديرك في العمل وسارت خلاله الأمور بشكل سيئ جداً، فعليك في البدء أن تُحدد بدقة ما الذي جعل اللقاء سيئاً، وماذا يُمكن أن تفعل لإصلاح هذا في المرة القادمة.
تخلق هذه المراجعة قدرة على مُعالجة المُشكلات، بدلاً من التركيز على وجودها فقط.
3- تدرّب على وضع نفسك مكان الآخرين: دوماً ما نتعامل مع من حولنا من الخارج فقط، مهما كانت درجة قربهم منّا، وكثيراً ما يقود هذا التعامل الخارجي السطحي إلى الفهم الخاطئ وعدم القدرة على التفاهم.
التدرب على وضع نفسك مكان الآخرين حتى ولو وقتاً قصيراً جداً يمنحك بصيرة عالية فيما يُخفونه من مشاعر ومخاوف ودوافع غير مرئية وراء سلوكياتهم.
ليس المطلوب منك قبول سلوكيات مُتطاولة في حقك، ولكن سيساعدك هذا الأمر على تقليل مشاعرك السلبية تجاه المُحيطين بك، والقدرة على التعامل معهم بذكاء، وتذكَّر أن كل شخص لديه مشاكله الخاصة.
4- تعرَّف على الضغوط الخاصة بك: عليك أن تراقب نفسك، لتعرف ما هي الأمور التي تُدخلك في دائرة المشاعر السلبية على وجه الدقة، وما هي الأشياء التي تُشعرك بأن عليك ضغطاً لا تحتمله.
معرفة هذه الجوانب وتحديدها على وجه الدقة يُساعدان على التعامل معها بذكاء، وتحديد أولوياتك دون ضغط.
فمثلاً، إذا كان تفحُّص بريدك الإلكتروني قبل النوم يُشعرك بالضغط، فلا تتفحصه بكل بساطة. يُمكنك أن تفعل هذا في الصباح أو ببداية يوم العمل لترتيب أعمالك.
5- مارِس التفاؤل بدلاً من الشكوى: الطبيعي خلال الحياة أن تجد نفسك في مشكلة أو تحدٍّ أو أزمة، عليك ألا تتعامل مع هذا كأنه نهاية العالم، فعليك أن تُدرك أن الأزمات ستمرّ وسيأتي غيرها، وسيمرّ غيرها أيضاً.
كل ما عليك فعله أن تتعامل مع الوضع الحالي بهدوء وتُحدد بوضوح في أي شيء أخطأت، وماذا تعلمت.
وبهذا تُطور مهاراتك، ولا تقع في الخطأ نفسه مرة ثانية.
الذكاء العاطفي بين الزوجين
الذكاء العاطفي، الذي يتمثل في الوعي الذاتي والوعي بالآخر، ليس مهماً في مكان العمل فقط، إنه مهم للغاية في علاقة الزوجين وشعورهما بالارتياح في هذه العلاقة.
ولتأسيس أسرة ناجحة يحتاج كل من الأزواج والزوجات تنمية الذكاء العاطفي.
إذا شعرت بمشكلة ما في زواجك، فعليك أن تأخذ بعض الوقت بعيداً عن شريكك لفهم مشاعرك بدقة.
هذا الوقت ضروري لتهدئة المشاعر السلبية مثل الغضب أو الخوف، والتي يُمكنها أن تُسيطر علينا وعلى تقييمنا للأمور وأحكامنا، وهو ما يجعلنا مُندفعين بلا تروٍّ.
استرخِ ومارِس الأنشطة التي تُفضلها، كالمشي أو القراءة أو سماع الموسيقى، ثم حاول تحديد مشاعرك تجاه الموقف من جديد بعد أن أصبحت أكثر هدوءً.
عندها، عُد إلى شريك حياتك لتبدأ معه مُحادثة هادئة وعقلانية تُعبر فيها عن احتياجاتك بطريقة حازمة، لكنها ليست عدوانية.
استمع إلى احتياجات الطرف الآخر دون مُقاطعة إلى أن تتوصلا لحل، وهكذا في كل خلاف.