شعرت بالرعب مما يحدث في جسدي، وأحسست بأنني على شك الموت، لقد كانت تجربة قاسية ، فقد دخلت في إحدى نوبات الهلع المريعة.
في نوبات الهلع يبدأ القلب بالتسارع، دون أدنى إنذار، ويشعر المرء بأنه لا يستطيع التنفس، ويبدأ في أتعرق، على الرغم من أن الجو يمكن أن يكون غير حار.
روت الكاتبة إيملي شيفير هذه التجربة الشخصية في مقال نشرته بمجلة Women's Health، بهدف زيادة الوعي بنوبات الهلع وتوضيح الفارق بينها وبين نوبات القلق.
تقول إيملي، "كنت قد بدأت مؤخراً مراجعة أخصائية نفسية لعلاج الاكتئاب والقلق؛ لذلك اتصلت بها بمجرد أن وصلت إلى غرفتي. لقد عرفت بالضبط ما كان يحدث: لقد كنت أعاني نوبة من نوبات الهلع.
على مر السنين، علمت أنني لم أكن الوحيدة التي تعاني ذلك، على الرغم من أن بعض الناس أشاروا إلى هذه الأعراض من الخوف الشديد بوصفها (نوبات القلق)، في حين وصفها آخرون بـ (نوبات الهلع)".
لكن، هل هذان المصطلحان قابلان للتبادل، بمعنى أنه يُمكن لأحدهما أن يحل محل الآخر، أم أنهما يعنيان شيئين مختلفين تماماً؟
ما الفرق بين نوبات الهلع ونوبات القلق؟ إحداهما تعتبر "مرضاً عقلياً"!
دعنا نوضح شيئاً ما من البداية؛ تعتبر نوبات الهلع مرضاً عقلياً موثقاً، وفقاً للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) الصادر عن الجمعية الأميركية للأطباء النفسيين (APA)، أما نوبات القلق، فلم تدرج رسمياً في هذا الدليل.
تقول الطبيبة الحاصلة على درجة الدكتوراه في الطب النفسي ومديرة قسم الأبحاث والمشاريع الخاصة بالجمعية الأميركية لعلم النفس د. فالي رايت، "إن مصطلح نوبات القلق مصطلح أكثر عاميةً.
لذا، إذا شعرت ببعض الأعراض التي قد تصفها بأنها نوبة قلق، فمن المحتمل أنك تعاني نوبة هلع".
إذاً، ما هو بالضبط تعريف نوبة الهلع؟
"إن نوبة الهلع هي حالة مفاجئة من الخوف الشديد، يُمكن أن تأتي بشكلٍ غير متوقع، وعادةً ما تصل إلى ذروتها خلال 10 دقائق"، تقول د. رايت.
تحدث هذه النوبات الشديدة عندما يبدأ الجسم في التفاعل مع الخطر بطريقة استنفاد عام للجهاز العصبي، فيما يعرف بنظرية الكر والفر.
وأضافت د. رايت، "لكن عندما يبدأ الجسم في التفاعل مع الخطر عندما لا تكون في خطر حقيقي، كما يحدث في أثناء نوبة الهلع، يمكن أن يكون الأمر منهكاً للغاية".
كيف يمكن أن أعرف بإصابتي بنوبة هلع؟
وفقاً للجمعية الأميركية للقلق والاكتئاب (ADAA)، تشمل الأعراض المألوفة لنوبات الهلع ما يلي:
- خفقان وتسارع القلب، أو تسارع في معدل ضربات القلب .
- التعرق .
- الارتجاف أو الارتعاش .
- الإحساس بضيق في التنفس أو الاختناق .
- مشاعر الاختناق .
- ألم في الصدر أو الشعور بالانزعاج .
- الغثيان أو الشعور بألم حاد في المعدة .
- الشعور بالدوار، أو عدم الاستقرار، أو الدوخة، أو الإغماء .
- القشعريرة أو الإحساس بالحرارة .
- التنميل (إحساس بالخدر أو الوخز) .
- تبدد الواقع (الإحساس بمشاعر غير واقعية)، أو الانفصال عن الشخصية (الشعور بالانفصال عن الذات) .
- الخوف من فقدان السيطرة أو "الإصابة بالجنون" .
- الخوف من الموت .
وما الذي يسبب نوبات الهلع؟
بصراحة، يمكن أن يكون السبب في حدوث نوبات الهلع هو التعرض لمحفز محدد (مثل الخوف من كائن أو موقف معين إذ يصاب البعض بنوبات الهلع عند ركوب الطائرات )، أو من دون أي سبب على الإطلاق، وفقاً لما ذكره موقع المعهد الوطني للصحة العقلية.
ولكن، إذا أصبت بنوبات هلع متكررة وغير متوقعة، أو الخوف من نوبات الهلع الوشيكة أو المتكررة، أو بدأت في تجنب مواقف معينة قد تتسبب في تعرضك لنوبة هلع، فقد تعاني اضطرابات الهلع.
تقول د. رايت، "على سبيل المثال، قد يلاحظ الأشخاص الذين يعانون اضطرابات الهلع أعراضاً تبدو غير خطيرة على الإطلاق، مثل زيادة معدل ضربات القلب. ويفسرونها بطريقة سلبية، ما يجعلهم أكثر قلقاً. ومن هنا يتطور الأمر ليصبح نوبة هلع".
هل تجعلك أشياء بعينها أكثر عرضةً للإصابة بنوبات الهلع؟
يمكن أن تحدث نوبات الهلع لأي شخص، ولكن هناك بعض العوامل التي قد تجعلك معرّضاً لخطر الإصابة بها بوجه خاص.
1- نوع الجنس: تختلف احتمالات الإصابة بين الرجال والنساء
النساء معرضات لاحتمال الإصابة بالقلق أكثر من الرجال بمقدار الضعف، وفقاً لدراسة نُشرت في العام 2016 في مجلة Brain and Behavior.
ويرجع هذا إلى اختلافات في كيمياء الدماغ وبسبب الهرمونات أيضاً، فضلاً عن الطريقة التي تتعاطى بها النساء مع التوتر مقارنة بالرجال، وذلك وفقاً لما ذكره مؤلفو الدراسة.
بالنسبة للنساء، على سبيل المثال، تنشط استجابة الكرّ أو الفرّ بمعدل أسرع من الرجال، وتظل نشطة فترة أطول بفضل هرموني الإستروجين والبروجستيرون.
كما لا يُعالج السيروتونِين، وهو الناقل العصبي (الذي يؤدي دوراً في تنظيم التوتر والقلق) بالسرعة نفسها التي يُعالج بها في الرجال.
2- الجينات الموروثة: هناك جين يزيد فرص حدوثها
تؤدي الجينات الوراثية دوراً كبيراً في تشخيص اضطرابات الهلع.
فقد وجدت دراسة نُشرت عام 2013 في مجلة Journal of Neuroscience، أن الأشخاص المصابون باضطرابات الهلع لديهم جين يسمى NTRK3، والذي يُبالغ من إحساس المرء بالمخاوف وأيضاً رد الفعل على هذا الخوف.
3- المشكلات العقلية الأخرى
إذا كنت تعاني اضطرابات عقلية أخرى -من بينها الاكتئاب- فربما تكون أكثر عرضة لحدوث نوبات الهلع، حسبما ذكرت الجمعية الأميركية للقلق والاكتئاب (ADAA).
كما اتضح أيضاً أن اضطرابات القلق الأخرى مثل: الرهاب الاجتماعي، أو اضطراب الوسواس القهري؛ تجعلك أكثر عرضة للإصابة بنوبات الهلع.
4- العوامل البيئية: الأسرة، العمل، الوفاة عوامل كثيرة تعزز احتمالات نوبات الهلع
"إذا نشأت وسط أحد الوالدين أو أحد أفراد الأسرة الذين يعانون اضطرابات القلق، فمن المرجح أن تصاب بها أيضاً"، حسبما تقول رايت.
بالإضافة إلى العامل الوراثي، "فإن هذا العامل أيضاً يمكن أن يؤثر على مزاجك وسلوكياتك الأساسية المكتسبة".
يمكن أن تجعلك العوامل البيئية الأخرى المجهدة بشكل خاص -مثل فقدان وظيفة أو حدوث وفاة في عائلتك- أكثر عرضة للإصابة بـ"نوبات الهلع"، وفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية لعلم النفس (APA).
كيف يمكنك معالجة نوبات الهلع؟
تذكير هام: لست مضطراً إلى التعايش مع هذه النوبات.
تقول د. رايت، "بسبب أن نوبات الهلع يمكن أن تكون مخيفة للغاية، يُمكن أن تصيب الأشخاص الذين يعانونها بالإحباط، لكن هناك الكثير من الأشياء التي يمكن أن يفعلوها للمساعدة في التحكم في نوبات الهلع".
وأوضحت د. رايت أنه يتعين عليك أولاً، إذا كنت تشعر بالقلق الشديد بشأن أي من الأعراض التي ربما تواجهها في أثناء نوبة الهلع (مثل الأمور المتعلقة بمشاكل القلب)، أن تتأكد من أن يقوم الطبيب بفحصك. بعد أن يتم اعتبارك شخصاً سليماً صحياً وبدنياً، غالباً سيقترح طبيبك علاجاً سلوكياً إدراكياً و/أو دواءً مضاداً للقلق.
يُعرف العلاج السلوكي الإدراكي (CBT)، بأنه علاج نفسي يركز على تغيير أنماط تفكير الشخص المصاب، وفقاً للجمعية الأميركية لعلم النفس.
تقول د. رايت، "إذ الهدف من العلاج يتمثل في التعرف على الأعراض، ومعرفة ماهيتها وما تعنيه، وإزالة الغموض الذي يكتنفها، وحتى لو حدثت نوبات هلع، ألا يفقد المرضى السيطرة أو يتصرفوا بجنون أو يعتقدوا أن هذه النوبات ستتسبب في قتلهم".
يمكن وصف أدوية من قبل الطبيب أيضاً؛ عادةً ما تكون مصاحبة للعلاج السلوكي الإدراكي.
ووفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية للقلق والاكتئاب، فإن مضادات الاكتئاب التي تعمل باعتبارها مثبطات للقلق طويلة المفعول، يمكن أن تكون فعالة.
كما يُمكن وصف الأدوية المضادة للقلق سريعة المفعول (المعروفة أيضاً باسم البنزوديازيبينات، مثل زانكس) للتخفيف من حدة أعراض القلق مثل سرعة معدل ضربات القلب، أو التعرق، وفقاً لما ذكرته الجمعية الأميركية للقلق والاكتئاب.