لا مدينة مغربية تضاهي ثقافة المقاهي الشهيرة في طنجة.. فما السرّ في “عروس الشمال”؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/14 الساعة 10:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/14 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
في المغرب لا مدينة تضاهي ثقافة المقاهي الشهيرة في طنجة.. فما سرّ القهوة في "عروس الشمال"؟/ Creative Commons

أن تكون من سكان مدينة طنجة المغربية يعني أنك تُؤمِّن مخزونك الكافي من الكافيين. هناك الكثير من الأماكن التي يمكنك الجلوس فيها والقراءة والدردشة. ويبدو أنه من المُحال على المرء التفكير في رفض دعوة على فنجان قهوة في طنجة. فما سر هذه المدينة؟

مقاهي طنجة.. شهرة عالمية منذ عقود

تقول صحيفة The Washington Post الأمريكية التي رصدت أجواء مقاهي طنجة، إنه في داخل المغرب، لا توجد مدينة أخرى يمكنها أن تضاهي تماماً ثقافة المقاهي التاريخية مثل طنجة. في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، أعطى الكتاب والفنانون المغتربون مثل بول بولز وويليام بوروز مقاهي المدينة شهرة عالمية. 

لكن العديد من الأماكن التي يرتادها الناس كانت قائمة بالفعل منذ عقود عندما وصلوا، وكان نجوم مغاربة مثل محمد مرابط ومحمد شكري ومحمد حمري حضوراً منتظمين في المشهد أيضاً. ولا تزال هناك الكثير من أماكن تجمعاتهم موجودة في مقاهي طنجة الساحرة.

إلى جانب هذه المؤسسات، أطلقت موجة من الطنجاوية المبدعين مساحات جديدة نابضة بالحياة وأكثر شمولاً للجلوس واحتساء القهوة. ويُشكِّل الرجال أغلب مرتادي المقاهي، على الرغم من أنَّ وصول المغرب إلى نصف نهائي كأس العالم في ديسمبر/كانون الأول قد جلب النساء إليها بأعداد غير مسبوقة من الخارج، واهتم جيل جديد من أصحاب المقاهي بجذب المزيد من النساء.

تقول الصحيفة الأمريكية، صحيح أنَّ مجتمع المغتربين الفني كان له دور مهم في تاريخ المدينة وساعد في خلق الجو الساحر المرتبط بالعديد من المقاهي. لكن مقهى هافا Cafe Hafa ليس رائعاً لأنَّ ميك وكيث دخنا هناك قبل 60 عاماً. بل هو رائع لأنه يمكنك احتساء الشاي والتهام البصارة -حساء شهي من البازلاء المهروسة- من مقعد على جانب التل فوق المحيط الأطلسي الأزرق مطلاً عبر المياه الفاصلة عن إسبانيا.

ووصف الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو طنجة بأنها "مدينة مفتوحة على مصراعيها بكل ما تحمله الكلمة من معنى"، وقد ساعد ذلك في تشكيل عادات شرب القهوة في المدينة اليوم.

فالشراب التقليدي هو الإسبرسو في فنجان صغير. لكن لطلب شيء أقرب إلى القهوة الأمريكية، اختر القهوة المخففة "allongé". وللحصول على مشروب به حليب أكثر من اللاتيه "au lait"، اطلب "نص نص". ومع ذلك، ستجد الشاي المغربي "أتاي" في كل مكان.

ما أشهر المقاهي في مدينة طنجة والتي تكتسب زواراً من جميع أنحاء العالم؟

مقهى بورطو ريكو

ومقارنةً بالمدن الواقعة أقصى الجنوب، ستجد المزيد من محلات تحميص القهوة الصغيرة منتشرة في جميع أنحاء المدينة. ويمزج مقهى بورطو ريكو Cafes Porto Rico، حيث يبدأ شارع لابلاج "Rue de la Plage" في الانحناء نحو الميناء من سوق سوكو الكبير، القرفة والتوابل في خليط القهوة.

غران كافيه دي باريس

وهناك مقهى يضمن لك يوماً مثالياً في طنجة، ابدأ يومك في غران كافيه دي باريس Gran Cafe de Paris، الذي يُعد سيد المقاهي الكبير في طنجة، ويقع في الجزء العلوي من شارع البوليفار في نقطة انحداره نحو الشاطئ.

وتعطي الديكورات الداخلية الخشبية طابعاً خاصاً، ويقع المقهى مقابل مبنى القنصلية الفرنسية القديمة. وتقدر ميريام شعيب، رسامة مغربية فرنسية مقيمة في طنجة، صخب المكان. وتقول ميريام: "ما أحبه في ذلك هو أنَّ الرصيف الجانبي صغير جداً، ويمكنك تقريباً الجلوس بالكامل في الشارع، وسط الزخم".

مقهى سينما ريف

ولا شك أنك ستحب أن تنهي اليوم في سوق السوكو الكبير، أكثر ساحات طنجة حيوية. تقول لمياء الصقلي، صانعة مجوهرات في طنجة: "يحب الناس في طنجة، أكثر من المدن المغربية الأخرى، الخروج في المساء سواء الأزواج أو الأسر الكبيرة".

تقدم شرفة مقهى سينما ريف Cinema Rif أفضل إطلالة على هذا المشهد. بدأت الفنانة إتو برادة في ترميم المسرح المتهدم في عام 2006؛ مما أدى إلى ظهور مجموعة كبيرة من الألوان في قلب المدينة. وأضافت المقهى وحولت كل شيء إلى مؤسسة ثقافية غير ربحية.

تقول مليكة شاغال، رئيسة مجلس إدارة المؤسسة الثقافية: "رأينا أنَّ هناك حاجة إلى مكان يلتقي فيه الجميع". وهو مكان ممتع لمشاهدة مدينة طنجة وهي تستيقظ ببطء، لكن في المساء، تكون مليئة بالشباب الطنجاوية الذين يلتقون بالأصدقاء، بينما يبيع الباعة الجائلون الأطعمة المقلية الطازجة؛ مثل الكعك المحلى، والمكسرات المحمصة في الساحة.

مقهى كلاريدج

مقهى كلاريدج Cafe Claridge هو بديل لقضاء أمسية طيبة. وأزيل من المركز السياحي، لكن لا يزال على الطريق الرئيسي، وهو مكان يشبه الأحياء العادية التي يمكن ارتيادها كل يوم؛ بلا زخرفة، فقط قهوة قوية وشاي وسجائر وأخبار. وفي أيام الشتاء الممطرة في طنجة، يمكن تجربة مقهى لا جيرالدا للحصول على منظر رائع من الطابق الثاني لمضيق جبل طارق.

كافيه بابا 

أولئك الذين يتابعون مسار الأديبين الأمريكيين بول بولز وويليام بوروز سيرغبون في الذهاب إلى كافيه بابا Cafe Baba وكافيه هافا Cafe Hafa. في حين أنَّ كليهما يقدم المعتاد، فكافيه بابا عبارة عن مقهى متواضع مزدحم بالقرب من الجزء العلوي من المدينة، بينما تقترب من باب القصبة في شارع عمرة.

مقهى طنجس

سيكون من الصعب زيارة المدينة دون التوقف في واحد من المقهيين الأخيرين المتبقيين في سوق سوكو الصغير بوسط المدينة؛ وهما كافيه سنترال Cafe Central وكافيه طنجس Cafe Tingis. وكلاهما اختيار مثالي، لكن البعض قد يفضل Tingis (المسمى على الاسم الروماني القديم للمدينة) بسبب شرفته الأمامية الصغيرة المصنوعة من الحديد المطاوع والمطلة على الزاوية الخلفية للميدان.

مطبخ وقهوة ألما

بعض الإضافات الجديدة الجريئة إلى المشهد تستحق الزيارة بالتأكيد. والأفضل من بينها هو مطبخ وقهوة ألما Alma Kitchen & Coffee، الواقع على بعد مبنيين من المرسى الجديد. افتتحته لمياء صقلي وزوجها المصور سيف كوسمات العام الماضي بهدف التصميم والشمولية.

تقول لمياء: "كنا حريصين جداً على إنشاء مكان يشعر فيه كل من الرجال والنساء بالترحيب، وحرصنا على تأكيد ذلك مع موظفينا".

ومن المقرر أن يحظى مشهد المقاهي في طنجة بدفعة مماثلة من افتتاح ميزون سيترون Maison Citron في وقت لاحق من هذا العام، في حي مارشان بالقرب من كافيه هافا Cafe Hafa.

لاس تشيكاس

تعمل ميريام شعيب وشقيقتها سارة على تجديد فيلا برتغالية تعود إلى مطلع القرن الحالي، التي ستعرض الرسوم التوضيحية الملونة لميريام عن المشاهد المغربية اليومية. وإذا كنت بالقرب من باب القصبة، فإنَّ متجر Las Chicas العصري يحتوي على شرفة صغيرة جميلة تقدم الشاي والقهوة والمأكولات الخفيفة.

إذا كانت هذه تبدو أقل أصالة، فقد أغفلت الهدف. فمدينة طنجة هي أكثر من مجرد تذكير بالاستعمار الغربي. ولطالما كانت طنجة المدينة الأكثر عالمية في المغرب، والمقاهي -جديدها وقديمها- هي دليل حي على ذلك.

تحميل المزيد