كشفت صحيفة The Guardian البريطانية أن 4 أشخاص على الأقل لقوا حتفهم فوق قمة جبل إيفرست، حيث توفي كيفن هاينز (56 عاماً)، وهو من أيرلندا، في خيمته على ارتفاع 7 آلاف متر في ساعة مبكرة من صباح الجمعة 24 مايو/أيار 2019، بعد أن أُرغم على العودة قبل بلوغه القمة. وكان كيفن، وهو والد لطفلين، عضواً في فريق من المملكة المتحدة يسمى "360 Expeditions".
مصرع 4 أشخاص فوق قمة إيفرست
حيث قال فريق التسلق الذي كان يشرف على الأشخاص الذين لقوا مصرعهم فوق قمة إيفرست: "يؤسفنا أن نؤكد ببالغ الحزن أن أحد أفراد فريق إيفرست قد توفي. كان كيفن أحد المتسلقين الأقوياء والأكثر خبرة في فريقنا وتمكن قبل ذلك من الوصول لقمة جنوب جبل إيفرست وجبل وستو".
وكان يرافق هاينز أحد مرشدي الشيربا، الذي تسلق بنفسه قمة جنوب إيفرست مرتين، وشمال إيفرست وماكالو مرتين، حسبما ذكر فريق "360 Expeditions".
وجاءت وفاة هاينز بعد أسبوع من سقوط أستاذ بكلية ترينيتي الأيرلندية يُدعى سيموس لوليس، من مقاطعة ويكلاو الأيرلندية، أثناء نزوله بعد تحقيق حلم حياته في الوصول إلى القمة، ولا تزال عمليات البحث جارية لاستعادة جثمانه.
وأسهمت وسائل إعلام محلية في تحديد هوية الضحايا الثلاثة الآخرين، الذين كانوا في رحلة استكشافية أخرى غير رحلة هاينز، وهم: كالبانا داس (49 عاماً)، ونيهال أشباك باجوان (27 عاماً)، وكلاهما من الهند، وإرنست لاندغراف من النمسا.
وتقول التقارير إن الزحام على القمة سبب مصرع المتسلقين
فبعد نشر صورة التقطها الجندي البريطاني السابق نيرمال "نيمس" بورجا، تُظهِر طوابير طويلة على منحدرات القمة، تبيَّن أن المتسلق الأميركي دون كاش توفي يوم الأربعاء 22 مايو/أيار، بعد أن تأخر في النزول بسبب الزحام الشديد. وشعر كاش (55 عاماً) بالإعياء قرب القمة وساعده اثنان من مرشدي الشيربا عندما انهار مرة أخرى خلال انتظاره في طابور لمدة ساعتين لاجتياز ممر "هيلاري ستيب" الشهير.
ومثلما حدث لكاش، يبدو أن متسلقة الجبال الهندية أنجالي كولكارني لقيت مصرعها أثناء نزولها بعد أن علقت في طوابير الصاعدين.
وقالت توبدن شيربا، رئيسة إحدى شركات الرحلات: "اضطرت أنجالي وزوجها للانتظار لساعات لبلوغ القمة حيث كان هناك طابور طويل على منحدرات إيفرست. وقدم مرشدو الشيربا لها المساعدة أثناء نزولها لكنها لم تنج بحياتها".
وتتهم شركات نيبالية بتقديم رحلات مخفضة الأسعار، بالمسؤولية عن الزحام
وأصبح الزحام الشديد وإجراءات السلامة مصدر قلق متزايد خلال السنوات الأخيرة، على الأقل بعد ظهور شركات الرحلات النيبالية ذات الأسعار المخفضة التي تقدم برامج سفر لجبل إيفرست بنصف ثمن الرحلات التي تنظمها الشركات الأجنبية.
وحدثت الوفيات رغم وضع المسؤولين عن السياحة في نيبال خططاً لجدول زمني للصعود لتجنب الزحام، لكنها لم تُنفذ.
وتزايدت أعداد الحشود الراغبة في الوصول للقمة خلال هذا الموسم -التي تعد الأسوأ منذ عام 2012- بسبب الطقس غير المستقر، بمعنى أنه كان هناك 5 أيام ممكنة فقط في شهر مايو/أيار حتى الآن، مقارنة بما كان يتراوح بين 7 و 12 يوماً في السنوات الأخيرة. وتسبب ذلك في التقاء مئات المتسلقين في عدة نقاط خطرة حيث لا يمكن المرور منها إلا واحداً تلو الآخر.
ووصف متسلق الجبال والمدون الأمريكي آلان أرنيت، الذي يؤرخ كل موسم لجبل إيفرست في مدونته، الأوضاع بأنها جنونية. وقال: "خلال العام الجاري 2019 نسمع قصصاً مرعبة عن الحشود التي تتسلق من ممر South Col حتى بلوغ القمة وتستغرق مدة 10 و 12 وحتى 14 ساعة. وبسبب الزحام الشديد، تستغرق العودة إلى ممر South Col مدة قدرها 6 ساعات أخرى، ما يعني وجود حشود لمدة 20 ساعة. هذا جنون".
وأكد جيس ويلسون، وهو باحث بجامعة ليدز بيكيت، أن الطقس السيئ أدى لتقليل رحلات التسلق قبل فترة التحسن القصيرة هذا الأسبوع. وقال: "كانت الرياح شديدة، ما أجبر نحو 300 متسلق ومرشديهم، بعدد إجمالي بلغ نحو 600 متسلق على التوجه نحو القمة خلال فترة السكون القصيرة (هذا الأسبوع)".
بالإضافة إلى قلة خبرة المتسلقين، وهي مشكلة ليس لها حل حتى الآن
حيث ظلت مشاكل ممر South Col الشهير، الواقع على الجانب النيبالي للجبل، تتفاقم لسنوات عديدة بسبب عدم رغبة وزارة السياحة النيبالية في التصدي للعديد من المخاوف التي تتضمن تنظيم عمل شركات الرحلات ذات الأسعار المخفضة، وتنظيم أرقام التصاريح وفحص المتسلقين المحتملين.
وقال كينتون كول، الذي وصل لقمة إيفرست في 16 مايو/أيار الجاري للمرة 14 أثناء إرشاده لمتسلق آخر، لصحيفة The Guardian البريطانية إن هناك قضيتين متداخلتين وهما: تزايد شعبية إيفرست، خاصة بين الهنود والصينيين، وتدني مستويات خبرة متسلقي الجبل –الذي كان يُعد في وقت ما حكراً على النخبة من المتسلقين.
وأضاف: "لست متأكداً من الرد. ولكن بالنظر للصورة التي التقطها نيمس، فلا شيء ممتع في ذلك. أما أنا فأفتخر بعملي منفرداً وبكوني مرناً، لتجنب طوابير الصعود والنزول بأمان".
وأضاف كول أنه مع تزايد أعداد المتسلقين معدومي الخبرة، يرى أن إجراء نوع من أنواع تقييم القدرات يعد "خطوة في الاتجاه الصحيح".
وقال سيمون لوي، المدير الإداري لشركة Jagged Globe بالمملكة المتحدة، إن شركته قادت فريقاً من 12 متسلقاً بلغوا القمة في 23 مايو/أيار الجاري عقب الانطلاق بمجرد ظهور أعداد كبيرة بممر South Col.
وأضاف: "ليست الطوابير هي المشكلة هذا العام. ولكنها تزيد تعقيد مشكلة قائمة وهي أن المتسلقين غير المؤهلين تقودهم فرق غير مؤهلة. فإنك إذا تسلقت حاملاً الحد الأدنى من أسطوانات الأكسجين الإضافية ووقفت في طابور لمدة طويلة فقد يسبب ذلك عدة مشاكل".
ويرى لوي، مثل آخرين، أنه بدون إجراء إصلاحات فإن إرشاد الشركات لرحلات إيفرست يكون أمراً محل شك. قائلاً: "أعتقد أن الأمور ربما تصل لوضع غير مقبول، حيث ستصبح بغيضة إلى حد ما. ولذا علينا أن نسأل أنفسنا هل نريد أن نكون جزءاً من هذا الوضع".