30 مليون سائح يتوجهون إلى السعودية سنوياً، معظمهم من المعتمرين والحجاج. و السعودية ترمم مساجدها الأثرية لاستقبال من تستهويهم زيارة الوجهات التاريخية الدينية، وعلى رأسها المساجد التي بُنيت في عصر الدولة الإسلامية الذهبي.
تضم المملكة العديد من الآثار التاريخية والإسلامية، أهمها وأشهرها -بلا شك- الحرمان الشريفان بمكة والمدينة، ومسجد قباء الذي يعد أول مسجد بُني في الإسلام.
وتولي الحكومة السعودية هذه الأماكن اهتماماً كبيراً، ففي 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وجّه ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، بتأهيل وترميم 130 مسجداً، من ضمنها مسجد القنطرة بالطائف، الذي أنشئ خلال العهد العثماني.
#ولي_العهد يوجه بتأهيل وترميم 130 مسجدًا تاريخيًا في 10 مناطق بالمملكة بتكلفة 50 مليون ريال للمرحلة الأولى ضمن برنامج #إعمار_المساجد_التاريخية.
— هيئة السياحة والتراث (@scthKSA) November 12, 2018
القرار الأخير يأتي ضمن برنامج "إعمار المساجد التاريخية"، الذي أطلقته الهيئة السعودية العامة للسياحة والآثار برئاسة سلطان بن سلمان، الشقيق الأكبر لولي العهد السعودي الحالي، في عام 1997.
وأُنجزت من خلاله عمليات ترميم وصيانة لأكثر من 100 مسجد في مختلف المناطق والمدن.
السعودية ترمم مساجدها الأثرية واهتمام خاص بالدرعية وجدة
اعتمدت منظمة "اليونيسكو"، التابعة للأمم المتحدة، منطقتي الدرعية وجدة التاريخيتين ضمن قائمة التراث العالمي.
ولمنطقة الدرعية التاريخية رمزية كبيرة، خصوصاً للعائلة الحاكمة في السعودية.
فقد ارتبط ذكرها بالدولة السعودية الأولى، وكانت عاصمة لها تُعرف أيضاً باسم "إمارة الدرعية".
إذ شكَّلت الدرعية "منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية، بعد أن ناصر الإمام محمد بن سعود دعوة التجديد الديني التي نادى بها الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب عام 1157هـ (1744م)، فأصبحت الدرعية قاعدة الدولة ومقر الحكم".
لهذا، حظيت مساجدها التاريخية باهتمام خاص.
ومن أهم المساجد التي انتهت هيئة السياحة والآثار من ترميمها مسجد السريحة، الذي بُني قبل 300 عام، ويعد أقدم مساجد الدرعية.
يوجد أيضاً مسجدا الظويهرة والدواسر، كما أن هناك 34 مسجداً تحت الترميم حالياً.
يعتبر مسجد الظويهرة أحد المساجد القديمة في حي #البجيري بـ #الدرعية_التاريخية، حيث يمتاز المسجد بطابعه التراثي الأصيل في مواده وتصميمه العام. pic.twitter.com/upMYanOsvL
— #البجيري (@AlBujairi) October 31, 2016
منطقة جدة التاريخية حظيت هي الأخرى باهتمام ملحوظ، لكونها تجذب عدداً كبيراً من السياح السعوديين والأجانب على مدار العام.
فقد تم ترميم كلٍّ من مسجدي الشافعي والمعمار، بالإضافة إلى 10 مساجد أخرى تحت الصيانة، من بينها مسجد الحنفي.
ومسجد الشافعي، الذي يُنسب إلى الإمام محمد بن إدريس الشافعي، أحد أئمة مذاهب السُّنة الأربعة، هو أحد أقدم المساجد في السعودية.
وتشير بعض المصادر إلى أنه بُني في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب. وكان أول المساجد التي قامت هيئة السياحة والآثار بترميمها، وأُعيد افتتاحه عام 2015.
ومساجد بناها العثمانيون
قدَّم العثمانيون خدماتٍ جليلة للمناطق التي كانت تحت حكمهم في شبه الجزيرة العربية.
وكان من بين ما قدموه بناء المساجد، التي ما زال بعضها قائماً يعمر بالمصلين، مثل مسجد العنبرية، الذي أُنشئ في عهد السلطان عبد الحميد الثاني بالمدينة المنورة نحو عام 1908، ومسجد المعمار في جدة (نحو عام 1682)، ومسجد القبة بالأحساء الذي افتُتح عام 1571، ومسجد القنطرة في الطائف (نحو عام 1562).
#مسجد_العنبرية من أبرز المساجد التاريخية في #المدينة_المنورة، يتميز بطرازه العثماني وتزامن بنائه مع بناء محطة سكة الحديد (محطة العنبرية) عام 1907م، ليكون مصلى للزوار والحجاج عند خروجهم من المحطة.#مساجدنا_التاريخية pic.twitter.com/swBo2VeTmA
— تراث المملكة الحضاري (@chp_sa) May 25, 2018
وقد أسهمت هيئة السياحة والآثار السعودية، من خلال برنامج إعمار المساجد التاريخية، في ترميم ما كان منها بحاجة إلى الترميم.
في شهر مايو/أيار 2018، أعاد الأمير سلطان بن سلمان افتتاح مسجد المعمار بعد ترميمه.
والمسجد يحمل اسم "مصطفى معمار باشا"، وكان والياً على جدة عندما أنشئ المسجد نحو عام 1682.
يحتوي على بعض السمات التي كانت تتميز بها المساجد في العهد العثماني، مثل الآيات القرآنية المحفورة على الجدران.
#مسجد_المعمار من أقدم المساجد في #جدة_التاريخية، وسمي بذلك نسبة إلى مصطفى معمار باشا الذي بناه في عام 1263هـ، وافتتحه الأمير #سلطان_بن_سلمان في 15 مايو 2018 بعد ترميمه على نفقة الملك عبدالله.#مساجدنا_التاريخية pic.twitter.com/y3Wdtp3cdJ
— تراث المملكة الحضاري (@chp_sa) May 22, 2018
وفي مدينة الأحساء، قامت الهيئة بترميم مسجد القبة، الذي بناه حاكم الأحساء علي باشا عام 1571، في عهد السلطان العثماني سليم الثاني.
ويتميز المسجد بأروقته المصممة على الطريقة العثمانية، وقبّته الضخمة.
أما في الطائف، فيجري العمل على ترميم مسجد القنطرة، الذي بُني أواخر العهد العثماني، لإعادة افتتاحه.
والهدف التوعية بإرث السعودية واستقطاب السياح
الإنفاق السعودي على ترميم وإحياء العديد من المساجد يأتي تماشياً مع سياسات وتوجهات لإعادة إحياء التراث. ويغطي مسارات عدة من المشاريع الوطنية، مثل: الآثار، والمتاحف، والتراث العمراني، والحِرف والصناعات اليدوية، والتوعية والتعريف بالتراث الثقافي، وتطوير مواقع التراث العمراني والأثري وغيرها.
في مدينة جدة مثلاً، تعد المنطقة التاريخية أهم وجهة سياحية، ومنذ عدة أعوام تقام مهرجانات سنوية، أهمها خلال شهر رمضان، وتكون زيارة المساجد الأثرية جزءاً من جدول الرحلة.
أما الأحساء، فهي أهم وجهة سياحية في المنطقة الشرقية من السعودية، وتعد زيارة مسجد القبة داخل قصر إبراهيم باشا من الأنشطة الرئيسية فيها.