تريد أن تقرأ أكثر، أو تشعر بأنَّك يجب أن تقرأ أكثر؟ ربما تكون قد انتهيت للتو من إعادة مشاهدة جميع مواسم مسلسل Game of Thrones تحضيراً للموسم الثامن، وتشعر بأنَّ دماغك يؤلمك، أو بأنَّه مُخدَّر تماماً، وتقول لنفسك: ماذا لو كنت قضيت كل ذلك الوقت، أو حتى ربعه فقط، في القراءة؟ لكنَّك تعتقد أنَّ القراءة صعبة. أو على الأقل، قراءة الكتب صعبة.
إذ تقرأ منشورات شبكات التواصل الاجتماعي باستمرار، ولكن عندما تحاول قراءة رواية، تجد نفسك تتصفحها سريعاً، ثم تجد نفسك تنقر على هاتفك الذكي رسالة ما أو تغريدة.
ربما تكون حالتك ميؤوساً منها؛ فدماغك متحجرٌ بالفعل ولا يقبل التجديد، وهو ضحية كل تلك العروض التلفزيونية والتكنولوجيا المحمولة المؤثِّرة.
لذا فلتعترف بأنَّك لن تقرأ أبداً أكثر من 280 حرفاً مرة أخرى، بل ربما تكون قد توقفت بالفعل عن قراءة هذه المقالة!
تريد أن تقرأ أكثر؟ اختر سلسلة روايات
لكن هناك حلاً، وهو نهجٌ جديد للقراءة لمواجهة كثرة اهتماماتك في القرن الحادي والعشرين: اختر كتباً طويلة للغاية، ويُفضَّل أن تكون سلسلة طويلة للغاية.
في بعض الأحيان، تكون الحجة المنافية للبديهة هي الحجة الصائبة!
ربما تظن أنَّ أفضل طريقةٍ لاستعادة عادة القراءة، إذا كنت شخصاً مشغولاً بالعمل والأسرة والتلفزيون والإنترنت، هي البدء بقراءة كتابٍ قصير، وربما حتى قصة قصيرة.
لكنَّك حالما تنتهي من قراءة هذا الكتاب القصير، تجد صوت الموسيقى المُغرية للمسلسلات يجذبك، فتُمسك جهاز التحكم عن بُعد لتشغيل التلفزيون. (أو تسمع صوت الإشعارات على هاتفك، فتفتح تطبيقات التواصل الاجتماعي).
ويكون كل ما فعلته هو قضاء 3 ساعاتٍ في قراءة رواية قصيرة على سبيل المثال.
لكنَّك إذا اخترت كتاباً طويلاً، ستقضي ساعاتٍ أكثر بكثير في القراءة، وبذلك، لن تشاهد التلفزيون.
وقد يحظى دماغك بفرصةٍ لإعادة تشكيل نفسه في صورته السابقة قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي.
قد تظن أنَّ ذلك اقتراحٌ أبله تماماً، لأنَّ المشكلة هي عدم القدرة على التركيز!
قراءة شيء مألوف أسهل من بداية قصة جديدة
إذن، فما الفرق الذي سيحدثه ذلك إذا كُنَّا لا نستطيع التركيز أساساً، سواءٌ على قراءة كتابٍ من 100 صفحة، أو كتاب من 1000 صفحة؟
في كلتا الحالتين، لا ننتبه إلى الكتاب، بل ننجذب إلى تفحُّص تطبيقات التواصل الاجتماعي، أو أي شيء آخر.
لكنَّ حجة هذا الاقتراح هي أنَّ الاستمرار في قراءة شيء مألوف أسهل من البدء في قراءة شيء جديد، لذا فاحتمالية إيجاد 10 ساعاتٍ وسط مشاغل حياتك لقراءة كتاب طويل واحد أكثر من احتمالية إيجاد ذلك الوقت نفسه لقراءة كتابين قصيرين أو ثلاثة.
والدليل متابعة مسلسلات شاهدتها سابقاً
ولاكتشاف صحة ذلك، تخيَّل أننا نتحدث هنا عن مشاهدة المسلسلات وليس القراءة: أليس السبب الذي يدفعك إلى متابعة مسلسل تلفزيوني يومياً هو سهولة الاستمرارية وجاذبيتها؟
فأنت تعرف أنَّك تحب مسلسل The Crown، على سبيل المثال، وتعرف هوية الشخصيات، وتفهم ملامح العالم الذي يعيشون فيه.
والأهم من ذلك أنَّك تريد أن تعرف الأحداث التالية.
لذا فمن المغري مشاهدة الحلقة القادمة من مسلسل The Crown بدلاً من بدء متابعة مسلسلٍ جديد تماماً.
وبالمثل، فقراءة الصفحات المائة الثانية من الرواية التي بدأتها بالفعل أسهل من قراءة الصفحات المائة الأولى من روايةٍ جديدة، وكذلك من الأسهل قراءة الصفحات المائة التالية.
فأنت اعتدت أسلوب المؤلف في النثر وطبيعة الشخصيات، وتريد أيضاً معرفة الأحداث التالية. لذا كلما طال الكتاب، شعرت بالإثارة تجاه قراءته.
قراءة السلاسل الأدبية لا يحتاج تركيزاً كبيراً
ولذلك، تُعَد قراءة السلاسل الأدبية حلَّاً مثالياً. فقراءة الصفحات المائة الثانية من الجزء الثاني في إحدى السلاسل أسهل من قراءة الصفحات المائة الأولى من الجزء الأول في سلسلةٍ أخرى.
وهكذا دواليك، حتى تصل إلى الجزء الثامن وأنت تشعر بارتياحٍ كبير تجاه عالم الرواية لدرجة أنَّ مواصلة التركيز تصبح أمراً غير شاق، ولا تفعل شيئاً حينئذٍ سوى الاستمتاع بالقصة.
لذا فالآن ليس من المرعب التقاط كتابٍ لقراءته، لأنَّه ليس كتاباً جديداً، بل كتابٌ تعرفه، وتثق به، وجعلك منذ فترةٍ طويلة تتساءل عن الأحداث التالية.
وأنت واثقٌ من أنَّه سيجعلك تطرح هذا التساؤل مرة أخرى.
وهذا الكتاب المألوف، على عكس بعض القصص الجديدة غير المألوفة، سيجذبك إلى قراءة أجزاء صغيرة منه في المواصلات أو تناول الوجبات؛ فالحاجز أمام دخول عالمه منخفضٌ لأنَّك دخلته بالفعل.
بعبارةٍ أبسط، يمكن القول إنَّ الكتب تجعلك تقرأ، لكنَّ السلاسل تجعلك تقرأ بشراهة.
وأخيراً، نصيحة مجرب
جرَّبت المحررة في مجلة The Atlantic جولييت لابيدوس هذه النظرية بالفعل، وطوال الأعوام الخمسة عشر الماضية تقريباً، كانت دائماً في منتصف سلسلةٍ واحدة على الأقل (السلسلة هي المكافئ الأدبي للمسلسل التلفزيوني).
ومن السلاسل التي أنهت قراءتها In Search of Lost Time وA Dance to the Music of Time وThe Sea of Fertility وThe Alexandria Quartet وUSA Trilogy وروايات Patrick Melrose وThe Hunger Games وغيرها.
أمَّا السلاسل التي ما زالت تقرأها، حسب صحيفة The Guardian، فتشمل روايات Palliser وChildren of Violence وثلاثية القاهرة (تقرأ في العموم جزءاً واحداً كل عام).
والخُلاصة: إذا كان الكتاب قصيراً جداً، سرعان ما ستعود إلى تصفُّح تويتر وشبكات التواصل الاجتماعي، أمَّا إذا كان طويلاً للغاية، فستبدأ القراءة بانتظام مرةً أخرى.