مباركة قلبية لمن حالفه الحظ ولحق بركب الناجحين والمتمّين للثانوية العامة، طاوين بذلك مرحلة دراسية، فاتحين الأبواب لمرحلة أخرى أكبر، يكبر معها الحلم والطموح والنوافذ الإدراكية، وبمقدار ازدياد الحلم والطموح تزداد المسؤولية والاهتمام والتركيز المضاعف عنه في الثانوية.
قبل البداية وَجبَ التنويه بأن المستقبل هو وجهتُنا وطموحنا ومآل أحلامنا وهو نتاج ماضينا وحاضر أفعالنا؛ لذا على كل منا أن يتحرى الدقة في غراس حاضره، وأن يختار تخصصاً يبني له مستقبلاً نضراً ملؤه الرضا عن سابق الحياة.
أما كيف تختار تخصصك؟ وما هي المرتكزات الأساسية التي يعتمد عليها البعض في الاختيار؟ هي أسئلة مهمة وبحاجة لإجابة تعترف بتلك الأهمية ولا تنقص من قدر تلك الأسئلة.
عزيزي الطالب/ـة أحاول هنا أن أمهد الطريق؛ لكي يتسنى لك الحصول على حياةٍ جامعيةٍ كلها رضا؛ للوصول إلى مستقبل يتوافق مع الطموح والحلم، والخيار لك.
عندما يبدأ الطلبةُ سنتهم الدراسية الأخيرة في المرحلة الثانوية يقوم الأغلبية منهم وربما البعض برسمِ مشهدٍ تخيلي لنفسه بعد هذه السنة، معتمداً على معدله الذي يسعى إليه، والكثيرُ من الطلبة يحقق المعدل الذي وضعه نصب عينيه إن اجتهد وثابر، أما البعض الآخر لا يحصل على مراده؛ لأنه أكثر من جرعة أحلام اليقظة ولم يعادلها بالمثابرة والجد؛ ليتحقق الحلم.
لذلك نجد أنه في الحالة الأولى التي سعت واجتهدت لا تدخلُ في صراعٍ مع ذاتها من أجل اختيار التخصص، والكثيرُ منهم يكون قد حجز مقعداً في الجامعة التي يفضلها، والتي توافق طموحه قبل صدور نتيجته وأكدّ حجزه بعد النتائج؛ لثقته باجتهاده وعمله من أجل تلك اللحظة طوال عام كامل.
لكن يبقى البعض الآخر الذين لم توافق توقعاتهم الواقع ربما بتقصير منهم أو بظروفٍ طارئةٍ استجدت عليهم، هنا يقع الواحد منهم في حيرة التخصصات والجامعات التي تبدأ حملاتها التسويقية في ترغيب الطلبة للتسجيل لديها دون الاعتبار لمتطلبات السوق ومؤهلات الطلبة ومقدرات ذويهم، وهو أمر بحاجة للحديث بتفصيل أكبر سأتحدث عنه في مقال منفصل إن شاء الله.
هذه الفئة من الطلاب بحاجة إلى مَن يمسك بيدها ناصحاً ومرشداً لها؛ لتستطيع ترميم الخلل الحاصل واللحاق بحلمها وطموحها المراد.
كيف السبيل إلى ذلك؟
الآن أنت في الواقع وكل ما تملكه هو نتيجتك الحالية وتقف أمام الجامعة محتاراً وحولك كثير من الناصحين بتخصص كذا وكذا، كل ما عليك الآن أن تحاول استدراك ما فات منك من حلم رحل قبل ولادته، فكّر جيداً ولا تشغل بالك بكل الطلبة الذين حجزوا مقاعدهم واختاروا تخصصاتهم، لا عليكْ انسَهم ودعك منهم، فالآن أنت بحاجة لرسم مستقبلك لا النظر لمستقبل الغير؛ لأن هذا من شأنه أن يجعلك ضائعاً أكثر.
مَن ينصحك بتخصص معين هناك وجهة نظر لديه، ربما هو يحب ذلك التخصص أو أن هذا التخصص رائج في السوق اليوم والطلب عليه ويحصل على أعلى نسبة توظيف بالنظر إلى غيره.
عندما تفكر في الأمر وتصل إلى هذا الحد أقدم لك نصيحتي، التي هي أن التخصصات بشكل عام موسمية، أي أن تخصص اليوم قد لا يُؤْتِي أُكُلَهُ غداً كحال كثيرٍ من التخصصات خاصة التكنولوجية. لذلك اسعَ نحو ما يميل له قلبك، وما هو أقرب لحلمك؛ لأنك ستبدع وسترى نفسك بعد تخرّجك منجزاً وفخوراً بنفسك.
نصيحة أخرى أقدمها لك: لا تجعل كلام المثبطين من قليلي الحظ الذين لم يحصلوا على وظيفة يؤثرون في قرارك والسبب لأنك أنت تختلف عنهم، ربما أنت أكثر حظاً منهم، وربما هم تكاسلوا في دراستهم الجامعية، وكانت حصيلة درجاتهم لا تؤهلهم لخوض مقابلة عمل، فكيف بالعمل ذاته؟!
لذلك كن أنت عندما تخطو خطوتك الأولى نحو الجامعة، وركز قدر الإمكان، وارسم مستقبلك بيدك، فمعايير اليوم لا تناسب الغد، فالغد له مقاييس أخرى، يخيطها القدر على مقاسك، فلا تقلق من الغد، وبادِر نحو حلمك.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.