شهدت العاصمة المغربية الرباط الأحد 24 يناير/كانون الثاني 2016 مسيرة حاشدة لطلبة "مراكز تكوين المدرسين"، مطالبين بإلغاء مرسومين لوزير التعليم صدرا قبل أشهر.
وعرفت المسيرة توافد آلاف الطلبة من مختلف المراكز الجهوية لتكوين المدرسين، رافعين شعارات ضد الحكومة، وضد وزارة الداخلية التي فرقت مسيرات احتجاجية لهم 7 يناير/كانون الثاني، ما أدى إلى وقوع حالات إغماءات واعتقالات حينها.
ويطالب الطلبة، البالغ عددهم 10 آلاف شخص إلغاء مرسومين قضيا بتخفيض المنحة المالية الشهرية التي يستلمونها من الدولة، بالإضافة إلى عدم إلزامية توظيف الخريجين، عكس ما كان عليه الأمر سابقاً.
ويتشبث الطلبة أيضاً بما كان عليه الحال سابقاً في المراكز، أي بالاكتفاء بالامتحان الذي يتم إجراؤه لدخول مراكز التكوين، حيث يتدربون داخلها لمدة سنة، قبل أن يتم توزيعهم للعمل في مدارس وثانويات المغرب.
لا أسباب للتصعيد
وبالرغم من عقد ممثلين عن الطلبة الأساتذة حواراً السبت 23 يناير/كانون الثاني، مع وزارة الداخلية، ممثلة في شخص والي (محافظ) العاصمة الرباط، للخروج بحل لهذه الأزمة، بالإضافة إلى وعده بتوظيف جميع الأساتذة البالغ عددهم عشرة آلاف، عبر مرحلتين، إلا أنهم قرروا الخروج في احتجاجات.
عبد الله بوانو، رئيس فريق حزب "العدالة والتنمية" بمجلس النواب، والذي يتزعّم الأغلبية الحكومية، أكد في تصريح لـ"عربي بوست" أن موضوع فصل التكوين عن التوظيف "أمرٌ محسوم فيه منذ سنوات، فالممرضون والمهندسون وغيرهم يمرون من نفس المسطرة"، وهو ما يعني بحسب بوانو "أنه لا تراجع عن إلغاء المرسومين".
وشدّد نفس المتحدث على أن "فريق حزب العدالة والتنمية في البرلمان قال إن هناك حاجة إلى الحوار مع الطلبة، وقد فتحته الحكومة بطريقة رسمية، وبالتالي فنحن لا نجد أي أسباب لهذا التصعيد، اللهم إن كان هناك طرف من الأطراف يريد استغلال هذا الأمر بالتزامن مع ذكرى 20 فبراير الاحتجاجية".
وأوضح القيادي في حزب رئيس الحكومة لـ"عربي بوست" أن المغرب "له اليوم مؤسسات تستجيب للمطالب المعقولة والقانونية الموجودة في الدستور الجديد للمملكة".
وزاد أن "الحوار مستمر مع الأساتذة المتدربين"، مشيراً إلى أنهم "أمضوا قبل الالتحاق بمراكز التكوين على المرسومين اللذين يطالبون بإلغائهما".
وأكد بوانو أن "منطق فرض آراء معينة على الدولة انطلاقاً من الشارع ليس حلاً، وإنما هناك الحوار الذي تحتاجه الفترة الانتقالية كي تمر الأمور في إطار سلس"، حسب تعبيره.
"حوار فاشل"
دخلت وزارة الداخلية، ممثلة في شخص والي (محافظ) جهة الرباط، في حوار مع الأساتذة المتدربين، قصد الخروج بحل لهذا الملف، غير أن الحوار باء بالفشل ولم يصل إلى حلول متوافق عليها.
واقترحت وزارة الداخلية على ممثلي "التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين"، وهي الممثلة للطلبة المحتجين، توظيف الفوج الذي يضم 10 آلاف أستاذ عبر دفعتين، الأولى في شهر أغسطس/آب 2016، والثانية بعد مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، حسب ما جاء في بلاغ مشترك صدر بعد اللقاء.
وأكدت وزارة الداخلية على "ضرورة عودة الأساتذة لمراكز التكوين التي يقاطعونها لأزيد من شهرين".
من جهتها، اعتبرت التنسيقية الوطنية الممثلة للأساتذة في بلاغ لها أن الحوار "قد باء بالفشل ولم يتم التوصل فيه لأية نتيجة"، مشددة على أن "أبواب الحوار في المستقبل لازالت مفتوحة".
الحكومة: لا تراجع
ولا تزال الحكومة المغربية متشبثةً بالمرسومين، رافضةً الاستجابة لمطالب الأساتذة المتدربين، ومؤكدة على أنها "لن تتراجع على المرسومين".
وشدّدت الحكومة على لسان الوزير المنتدب المكلف بالمالية، عقب الاجتماع الوزاري المنعقد يوم الخميس الماضي 21 يناير/كانون الثاني، على أنها " لن تسمح بتنظيم أي مسيرة غير مصرح بها مسبقاً وفق القوانين الجاري بها العمل، وأنها ستتخذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان احترام القانون".
كما أكدت الحكومة على أنه "لن يكون هناك أي تراجع عن المرسومين المنظمين لسلك التأهيل التربوي وللمباراة، وأن الحوار سيتواصل وفق هذا الإطار".
يذكر أن المسيرة الاحتجاجية التي نظمت الأحد 24 يناير/كانون الثاني بالرباط، عرفت مشاركة عدد من الحقوقيين والنشطاء المدنيين والفنانين، وممثلين لأحزاب سياسية، تعبيراً عن "تضامنهم مع الطلبة في خلافهم مع الحكومة".