كورونا ينغص على المسلمين عيدهم ويمنحهم نصف فرحة، والشيعة منقسمون هذه المرة

عربي بوست
تم النشر: 2020/05/24 الساعة 05:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/24 الساعة 05:42 بتوقيت غرينتش
الصورة لعائلة من أندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم/رويترز

يحتفل غالبية المسلمين حول العالم بحلول أول أيام عيد الفطر الأحد 24 مايو/أيار 2020، في مناسبة سعيدة نغصها عليهم هذه السنة فيروس كورونا المستجد، الذي حل ضيفاً ثقيلاً حرم معظمهم من أداء صلاة العيد جماعةً، وأجبرهم على الاحتفال بالعيد وسط تدابير عزل مشددة لمكافحة الجائحة.

عيد الفطر الذي يعتبر من أهم الأعياد الإسلامية يتم الاحتفال به سنوياً بأداء الصلاة جماعةً وبتبادل الزيارات العائلية وشراء الهدايا والملابس والحلويات، لكن الوضع تغير هذا العام بشكل كبير، بحسب تقرير رصده موقع فرانس 24.

هذا العام يتعين على المحتفلين التأقلم مع جائحة كوفيد-19، لا سيما أن دولاً عدة شددت خلال عطلة العيد التدابير السارية لمكافحة تفشي الفيروس الفتاك، بعدما أدى التراخي في الالتزام بالقيود خلال شهر رمضان، إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالوباء.

اختلاف داخل الشيعة: في حين يحتفل غالبية المسلمين السُّنة بالعيد الأحد، أعلن المرجع الشيعي العراقي آية الله علي السيستاني أن أول أيام عيد الفطر هو الإثنين في العراق، لكن مكتب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أعلن وفق وكالة الأناضول، أن الأحد هو أول أيام عيد الفطر المبارك، بخلاف موقف المرجع الديني الشيعي الأعلى علي السيستاني، الذي أعلن الإثنين أول أيام العيد.

وقال المكتب في بيان مقتضب، إن "مكتب السيد الشهيد الصدر يعلن الأحد أول أيام عيد الفطر المبارك".

على النحو ذاته، أعلن مكتب المرجع الديني محمد الخالصي، أن الأحد هو أول أيام العيد.

وقال المكتب، في بيان، إنه "نظراً لثبوت الرؤية الشرعية لهلال شهر شوال، مساء السبت، يعلن مكتب الخالصي أن الأحد هو أول أيام شهر شوال لهذه السنة".

وفي وقت سابق من السبت، أعلن المرجع الديني الشيعي علي السيستاني أن الأحد هو مكمل لشهر رمضان، بعد تعذُّر الرؤية بالعين المجردة.

وبذلك، سيحتفل قسم من شيعة العراق الأحد بأول أيام العيد مع السُّنة. 

 جرت العادة في العراق بأن يبدأ الشيعة صيام رمضان بعد يوم من بدء السُّنة، والعيد بعد يوم من إعلان السُّنة عطلة عيد الفطر.

وفي لبنان أعلن مكتب الوكيل الشرعي للإمام علي خامنئي في لبنان، أن الأحد هو أول أيام عيد الفطر.

عيد وسط الحظر: من مصر إلى العراق مروراً بتركيا وسوريا، حظرت دول عدةٌ أداء الصلاة جماعةً. وفرضت المملكة العربية السعودية، موطن الحرمين الشريفين، حظر تجول لمدة خمسة أيام كاملة اعتباراً من يوم السبت.

السعودية، كبرى الدول الخليجية من حيث أعداد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، سجلت منذ بداية شهر رمضان ارتفاعاً كبيراً في أعداد المصابين زاد على أربعة أضعاف، ليبلغ إجمالي عدد المصابين بالفيروس في المملكة نحو 68 ألف شخص.

صلاة بالحرمين دون مصلين: السبت أعلنت "رئاسة شؤون الحرمين" في تغريدة على تويتر، "إقامة صلاة عيد الفطر في الحرمين الشريفين، مع إيقاف حضور المصلين".

بدوره أعلن مجلس الأوقاف الإسلامية في القدس أن المسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، المغلق منذ نحو شهرين بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، لن يُعاد فتحه أمام المصلين إلا بعد عيد الفطر.

في لبنان، أعلنت المديرية العامة للأوقاف الإسلامية إعادة فتح المساجد لأداء صلاة الجمعة فقط، مع إخضاع المصلين لإجراءات وضوابط وشروط صحية صارمة لمنع تفشي الوباء، من أبرزها "الوضوء في المنزل، واعتماد فحص الحرارة قبل دخول المسجد بعد التعقيم، ووضع الكمامات والقفازات، وإحضار سجادة صلاة خاصة بكل فرد".

لا مبالاة بالتدابير: في آسيا، تقاطر المسلمون على الأسواق التجارية لابتياع حاجيات العيد، غير مبالين بتدابير التباعد الاجتماعي التي فرضتها السلطات ومُتحدّين، بالقوة أحياناً، محاولات بذلتها الشرطة للمباعدة بين الحشود.

عِشرَت جاهان، وهي أم لأربعة أطفال، قالت في تصريح لوكالة فرانس برس في أثناء تبضّعها في سوق مزدحمة بمدينة روالبندي الباكستانية: "على مدى أكثر من شهرين أطفالي محتجزون في المنزل".

أضافت: "هذا عيدٌ للأطفال، وإذا لم يتمكنوا من الاحتفال به بملابس جديدة فلا فائدة من العمل بكدٍّ طوال العام".

باكستان التي رضخت لضغوط رجال الدين للسماح بالصلاة في المساجد خلال شهر رمضان، لم تعلن بعدُ ما إذا كانت ستسمح بالتجمعات في أثناء عيد الفطر أم لا.

إندونيسيا، أكبر دولة إسلامية في العالم من حيث عدد السكان، لجأ الآلاف فيها إلى المهربين ومُزوري الوثائق للالتفاف على القيود المفروضة على السفر بهدف الوصول إلى بلداتهم والاحتفال بعيد الفطر مع أفراد عائلاتهم، ما يهدد بارتفاع غير مسبوق في أعداد المصابين بالفيروس.

"قلق كبير": إذا كان عدد الوفيات الناجمة عن كوفيد-19 في الشرق الأوسط وآسيا لا يزال أقل بكثير مما هي الحال عليه في أوروبا أو الولايات المتحدة، فإن التزايد المطرد في أعداد المصابين في هذه الدول يثير مخاوف من أن يؤدي أي تفشٍ محتمل للوباء إلى انهيار الأنظمة الصحية فيها، لا سيما أن عدداً كبيراً من هذه الدول يعاني نقصاً في تجهيز نُظمه الصحية وتمويلها.

في إيران التي سُجلت فيها أكبر حصيلة من الإصابات والوفيات الناجمة عن الفيروس بالشرق الأوسط، ناشدت السلطات المواطنين تجنب السفر خلال عيد الفطر.

وقال وزير الصحة سعيد نمكي، إن "مصدر القلق الأكبر بالنسبة إلينا هو بلوغ المرض ذروات جديدة في البلاد من جراء عدم احترام الإرشادات الصحية".

بدورها شددت الإمارات العربية المتحدة التدابير المتخذة لمكافحة تفشي الجائحة، مع فرضها حظر تجول ليلياً بدءاً من الساعة 8 مساءً بدلاً من 10 مساءً خلال شهر رمضان. لكن هذا التدبير لم يمنع كثيرين من التخطيط لرحلات إلى فنادق فاخرة على شواطئ دبي أو عجمان أو رأس الخيمة.

إذا كانت تدابير احتواء كوفيد-19 تتفاوت بين دولة وأخرى في المنطقة، فإن تداعيات الجائحة تكاد تكون واحدة على النشاط الاقتصادي في سائر هذه الدول، لا سيما على قطاعات بعينها مثل المراكز التجارية والفنادق ومتاجر الألبسة والحلويات، وهي قطاعات تعوّل في العادة على هذا العيد وما سواه من الأعياد والعطل لزيادة أعمالها وأرباحها.

وفيما بدا كأنه محاولة لإنارة شمعة سرور في عتمة الجائحة، يعتزم 40 كوميدياً مسلماً من حول العالم إحياء حفل عبر الإنترنت بعنوان "ذي سوشالي ديستانت عيد كوميدي نايت" (سهرة العيد الكوميدية عن بُعد)".

وقال مدثر أحمد، المسؤول عن منتدى "كونكورديا" الذي ينظم هذا الحدث، إن "شهر رمضان هذا العام كان صعباً بشكل خاص على المجتمعات (الإسلامية) حول العالم".

وأضاف: "نحن فخورون بجمع بعض أفضل المواهب الكوميدية المسلمة للترفيه عن أولئك الذين يحتفلون بالعيد في منازلهم". 

عيد بطعم السياسة بتونس: في تونس كان الحديث عن ثورة مضادة حاضراً وسط العيد وأزمة كورونا، حيث حذَّر الرئيس التونسي قيس سعيّد، السبت 23 مايو/أيار 2020، أنصار الثورة المضادة في تونس ومن "يحنون إلى الماضي"، معتبراً أن ما يأملونه مجرد "أضغاث أحلام"، وذلك في كلمة للتونسيين حملت عبارات "شديدة اللهجة"، بمناسبة عيد الفطر، الذي يحل بالبلاد الأحد.

كلمة الرئيس التونسي تأتي في الوقت الذي يتهم فيه سياسيون وناشطون تونسيون بارزون، الإمارات بالعداء للتجربة الديمقراطية التونسية، والسعي إلى مصادرة القرار السيادي للبلاد، من خلال ضخ كثير من الأموال بالساحة ودفع الأمور في اتجاه يشبه سيناريو الثورة المضادة في مصر عام 2013.

كما دعا رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان) التونسي، راشد الغنوشي، مواطني بلاده إلى التضامن ورص الصفوف والتهدئة، وذلك خلال كلمة له بمناسبة العيد.

وقال الغنوشي: "نتجه إلى مرحلة أخرى هي مرحلة ما بعد كورونا، لذا ندعو الجميع إلى التضامن ورص الصفوف… وندعو إلى التهدئة… وندعو إلى التوافق".

تحميل المزيد