في الوقت الذي كانت تقوم فيه المنظمات الصهيونية باستقطاب اليهود حول العالم إلى أرض فلسطين، بغرض تأسيس دولة هناك، كان اليهود المغاربة رافضين فكرة الهجرة، معتبرين أن انتماءهم الحقيقي يعود للبلد الذي وُلدوا وكبروا فيه، وتعلموا لغته وثقافته جيلاً بعد جيل.
هذه هي الفكرة التي تطرق لها الفيلم المغربي "فين ماشي يا موشي"، للمخرج حسن بنجلون، وبطولة الممثل اليهودي سيمون الباز، والذي تم إصداره سنة 2007.
إذ حاول المخرج من خلال الفيلم كشف مجموعة كواليس عملية الهجرة الجماعية إلى الأراضي المحتلة، والتي تمت بطرق سرية، جعلت اليهود المغاربة يهاجرون مكرهين لا راغبين.
تهجير قصري لليهود المغاربة إلى إسرائيل
يسلط فيلم "فين ماشي يا موشي" الضوء على هجرة اليهود المغاربة إلى فلسطين، بعد تأسيس دولة الاحتلال سنة 1948، وبالضبط بعدما حصلت المغرب على استقلالها من الحماية الفرنسية سنة 1956، وبداية فترة حكم الملك الحسن الثاني.
ويتبع الفيلم حكاية الرجل اليهودي المغربي شلومو، الذي يعيش في جبال الأطلس سنة 1963، ويعمل في مجال تصليح الساعات، إذ إنه كان يقاوم فكرة الهجرة إلى الدولة اليهودية منذ بداية عملية الاستقطاب من المغرب، رغم ضغوط المنظمات الصهيونية والسماسرة المغاربة، الذين كانوا يحصلون على أموال مقابل كل شخص يتم تهجيره.
كما اختار المخرج تصوير معاناة اليهود المغاربة، بعد وصولهم إلى دولة الاحتلال الإسرائيلية، حيث كانوا يتعرضون للتمييز والإقصاء من قبل الأشكناز، وذلك كونهم من أصول عربية أفريقية، مختلفين عن أولئك القادمين من دول أوروبية.
فيما رصد فيلم "فين ماشي يا موشي" أثر هذه الهجرة الجماعية الأكبر في تاريخ المغرب، وأثرها على المجتمع، الذي فقد جزءاً من تنوعه وثقافته، بعد رحيل نحو 300 ألف يهودي.
بنجلون واستعراض حقائق عن اليهود المغاربة
وحسب تصريحات حسن بنجلون الصحفية، بعد إصدار فيلمه، وعرضه في عدة مهرجانات عالمية، قال إنه قرر من خلال "فين ماشي يا موشي" كشف حقائق تاريخية مسكوت عنها، وإظهار أبعاد هذه الهجرة على المستوى الإنساني والاجتماعي والأيديولوجي.
وأضاف أنه أراد من خلال هذا العمل الفني إثارة التساؤلات عن دور المسؤولين المغاربة في تسهيل هجرة اليهود إلى إسرائيل، وعن مصير هؤلاء الذين غادروا بلدهم وانقطعوا عن جذورهم رغماً عنهم، بعد أن تم إجبارهم على السفر.
وقد حظي الفيلم بإشادات كبيرة من قبل النقاد والجمهور، كونه يتناول موضوعاً حساساً بطريقة جريئة وصادقة، لم يتم الإشارة إليها من قبل.
كما أنه أثار أيضاً ردود فعل متباينة من قبل بعض المؤسسات والشخصيات الدينية والسياسية، التي اعتبرت أن الفيلم يروّج للصهيونية أو يشوِّه صورة المغرب.
ليدافع بنجلون عن حقه في التعبير عن رؤيته الفنية، مؤكداً أن الفيلم لا يستهدف التشويش على قضية فلسطين أو الترويج لإسرائيل، بل يستهدف فقط تسليط الضوء على جانب من تاريخ المغرب.
"فين ماشي يا موشي" في مهرجانات عالمية
"فين ماشي يا موشي" هو فيلم سينمائي من إخراج حسن بنجلون، وتأليف عبد الله العياشي، وإنتاج شركة "أفريكا برود".
وقد شارك في بطولته باقة من النجوم المغاربة من بينهم عزيز حطاب، وحسناء مومني، ومحمد خيي، وعبد الله ديدان.
وقد تم عرض الفيلم في عدة مهرجانات سينمائية دولية، من بينها مهرجان كان السينمائي، ومهرجان القاهرة السينمائي، ومهرجان مراكش السينمائي.
فيما حصل "فين ماشي يا موشي" على جوائز عدة، من بينها جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة، وجائزة أفضل سيناريو في مهرجان مراكش.
كما أنه عُرض في القاعات السينمائية الفرنسية سنة 2010، وحظي بإشادة كبيرة من طرف الجمهور، خصوصاً اليهود المنحدرين من أصول مغربية منهم.