تزامناً مع الحديث عن عودة فتيات "سبايس جيرلز" (Spice Girls) للغناء سوياً في مهرجان Glastonbury العام المقبل، عاد اسم الفرقة ليتصدر عناوين الصحف التي تتابع عن كثب تفاصيل لمّ الشمل.
وقد أعلنت ميلاني سي (Mel C)، إحدى نجمات "سبايس جيرلز"، أن المجموعة تتحدث باستمرار عن العودة في يونيو/حزيران 2023، مُشيرةً إلى أنها مجرّد "مسألة وقت".
وقالت في حديثٍ مع موقع Entertainment Tonight: "ستكون مجرد مسألة وقت. إنه شيء نريد القيام به، بالتزامن مع الذكرى السنوية الـ25 لتأسيس الفرقة التي نحتفل بها هذا العام".
وفي حين تُشير التقارير إلى احتمال غياب فيكتوريا بيكهام عن المشاركة في لمّ الشمل، قال أحد المطلعين: "المفاوضات جارية، لكنها وصلت إلى مرحلة تبدو فيها الأمور محتملة حقاً، مع فيكتوريا أو بدونها".
تعالوا نتعرّف إلى قصة "سبايس جيرلز"، تلك الفرقة التي حققت نجاحات استثنائية في سنواتٍ قليلة فقط، لدرجة أنها قورنت بنجاح فرقة "البيتلز" (The Beatles)، قبل أن تنسحب فجأة من دائرة الضوء في عزّ نجاحها وشهرتها.
اقرأ أيضاً
كيف تأسّست فرقة "سبايس جيرلز"؟
في تسعينيات القرن الماضي، قرر المنتج كريس هربرت وابنه بوب هربرت إنشاء فرقة موسيقية نسائية، تنافس فرق الرجال التي كانت سائدة وقتئذٍ، على رأسها Backstreet Boys.
وفي العام 1994، وضع الرجلان -بمشاركة المموّل تشك ميرفي- إعلاناً في مجلة The Stage التجارية يطلب فتيات "أنيقات، منفتحات، طموحات، وقادرات على الغناء والرقص".
مئات الفتيات قدّمن، لكن تمّ اختيار خمس فقط، هن: فيكتوريا آدامز، ميلاني براون، جيري هالويل، ميشيل ستيفنسون، وليان مورجان.
اختار المنتجون اسم Touch للفرقة في البداية، وانتقلت الفتيات سوياً إلى منزلٍ يملكه المموّل ميرفي ويقع في مايدنهايد-يركشاير حتى يتمرّن ويتعرّفن إلى بعض عن كثب.
لاحقاً، تمّ الاستغناء عن ليان مورجان بسبب عمرها، فكانت ميلاني سي (Mel C) بديلتها، وكانت تبلغ نفس عمر باقي الفتيات. خلال الشهرين الأولين، عملت المجموعة على عروض تجريبية ورقص روتيني في استوديوهات ترينيتي في نافيل.
بعد فترة قليلة، أصبح واضحاً أن ميشيل ستيفينسون لن تستطيع إكمال المشوار مع المجموعة هي الأخرى، ففُصلت من الفرقة بعدما كانت قد قرّرت مغادرتها أساساً من تلقاء نفسها، بسبب إصابة والدتها بسرطان الثدي.
في كتابه Spice Girls Revisited، يقول ديفيد سينكلير إن المنتج الابن هربرت بدأ بعد ذلك في البحث عن بديلة لستيفينسون.
أول بديلة مُحتملة كانت أبيغايل كيس، لكنها لم تحظَ بإعجابه. ثم قابل ابنة الـ18 عاماً إيما بونتون، بناءً على اقتراح مدرّب الأصوات بيب ليمر، التي تركت لديه انطباعاً جيداً. فدعاها لمقابلة أعضاء الفرقة في العام 1994؛ وعن ذلك اليوم، تقول جيري هالويل (إحدى فتيات الفرقة): "علمتُ على الفور أن تلك هي من ستنضمّ إلينا".
في العام 1995 تركت الفتيات المنتجين هربرت لأنهما لم يستمعا مرّة إلى أفكارهن ورغباتهن، وكان فسخ التعامل سهلاً لأن الفتيات الخمس أجّلن توقيع عقدٍ رسمي بناءً على مشورة قانونية من بعض المقرّبين، بمن فيهم والد فيكتوريا بيكهام (طوني آدمز).
أخذت الفرقة جميع التسجيلات الأساسية لأسطوانتها من إدارة المكاتب، لضمان إبقاء السيطرة على إنتاجهن، وذهبن في نفس اليوم لمقابلة المنتج إليوت كينيدي الذي كان حاضراً في العرض التجريبي للمجموعة، وذلك لإقناعه بالعمل معهن.
في النهاية، وخلال صيف 1995 وقّع الفتيات اتفاقية مع Virgin؛ وانطلاقاً من هنا، بدأت الفتيات بكتابة وتسجيل الأغنيات استعداداً للألبوم الأول. ووقعن في نهاية العام عقداً مع شركة للدعاية وتوزيع أعمالهن.
اقرأ أيضاً
نجاحات استثنائية في 4 سنوات فقط!
يُمكن القول إن الفرقة انطلقت رسمياً في عالم الغناء عام 1996، مع صدور أولى أغنياتها Wannabe في 7 يوليو/تموز، والتي حققت نجاحاً هائلاً.
صحيحٌ أنها حلّت بالمركز الثالث في بادئ الأمر، لكنها أصبحت الرقم واحد في الأسبوع التالي، لتبقى في هذا المركز على مدى سبعة أسابيع. وقد أثبتت الأغنية أنها إنجازٌ كبير للفرقة، بعدما أصبحت الأغنية رقم 1 في 31 دولة.
أغنية Wannabe لم تحقق أعلى نسبة مبيعات لأول أغنية قدّمتها فرقة نسائية فقط، بل حققت أيضاً أكبر نسبة مبيعات لفرقة نسائية على مرّ العصور.
وكان فيديو كليب الأغنية، الذي صُوّر قبل أسابيع من إصدارها في شارع "بانكراس كامبيرس" في لندن وأخرجه يوهان كاميتز، قد بُث تجريبياً على قناة The Box الموسيقية وحقق نجاحاً فورياً.
قيل إنه إبداعي، خصوصاً أنه صُوّر بتقنية اللقطة الواحدة على مدار الأغنية، وكان سبباً رئيسياً في نجاح أغنية Wannabe وانطلاق "سبايس جيرلز" في عالم الشهرة، بعدما عُرض 70 مرة في الأسبوع.
لاحقاً في مايو/أيار 1996، أجرت الفرقة أولى مقابلاتها الصحفية مع بول غومان الذي كتب إن "سبايس جيرلز على وشك تغيير المعادلة الفنية نحو موسيقى بوب خارجية".
في العام نفسه، أصدرت الفرقة أول ألبوماتها Spices في أوروبا. كان نجاح الألبوم منقطع النظير، لدرجة أن الفرقة صارت تُقارن بفرقة البيتلز، بسبب الاهتمام الكبير الذي حصلت عليه.
بيع من ألبوم Spices نحو مليونَي نسخة في بريطانيا وحدها، خلال سبعة أسابيع فقط، مما جعل الفرقة تحقق أسرع نسبة مبيعات لبريطانيين منذ أيام البيتلز. وفي المجموع بيعت 3 ملايين نسخة في بريطانيا من ذاك الألبوم، مما شكّل أعلى نسبة مبيعات لألبوم على مرّ العصور لفرقة نسائية.
احتل الألبوم المركز الأول لـ15 أسبوعاً غير متتالية، وأصبح أكثر الألبومات مبيعاً في أوروبا خلال العام 1997، حيث بيعت قرابة 8 ملايين نسخة حسب منظمة التسجيلات العالمية.
وفي الشهر نفسه، اجتذبت فرقة "سبايس جيرلز" حشداً من 500 ألف متفرج عندما أنارت الفتيات أضواء الميلاد في شارع أكسفورد لندن. وفي الوقت نفسه بدأ سيمون فولر بإنشاء عقد رعاية للفريق، بلغت قيمته مليون جنيه إسترليني، مع عدد من الشركات مثل: بيبسي، واكرز، كادبوري، وبولارويد.
فازت الفرقة بثلاثة ألقاب في 1996، خلال حفل جوائز النجاحات الساحقة في ساحة لندن، بالإضافة إلى جائزة أفضل فيديو كليب لأغنية Say You'll Be There.
بقيت الفرقة تحقق نجاحاً تلو الآخر حتى العام 1998، حين قرّرت إحدى الفتيات -جيري هاليويل- أن تترك "سبايس جيرلز" في مايو/أيار بشكلٍ مفاجئ، ومن دون أن تُخبر أحداً من زميلاتها أو المنتجين.
وفي عام 2001 أعلنت الفرقة أنها ستتوقف إلى أجلٍ غير مسمّى، وأن كل واحدة من الفتيات ستركز على مشوارها الفني الخاص، في ما يخصّ مستقبلهن القريب، على الرغم من أنهن أعلنّ أن الفرقة لم تنقسم.
جيري هاليويل تترك "سبايس جيرلز" فجأة
أصدرت جيري هاليويل بياناً في وقتٍ لاحق، عن طريق محاميها، ذكرت فيه الآتي: "من المحزن أن أؤكد أني تركت سبايس جيرلز بسبب اختلافات بيننا، وأنا متأكدة أن المجموعة ستستمر لتكون ناجحة، وأتمنى لها كل الخير".
ادّعت هاليويل أنها مرهقة وتريد وقتاً للراحة، وكان رحيلها عن المجموعة صادماً للمعجبين، وتصدّر مانشيتات الأخبار الفنية خلال تلك الفترة كما تسبّب بحالةٍ من الفوضى على صعيد الإنتاج وعقود العمل.
كذلك فقد وضعت هاليويل الفرقة في مشكلة قانونية. ووفقاً لـBBC، فإن الشركة الإيطالية "أبريليا" رفعت دعوى على المجموعة لخرقها العقد.
وبحسب الدعوى القضائية، فقد تسبّب رحيل هاليويل في "خسارة أرباح بأكثر من 1.6 مليون جنيه إسترليني لشركة السيارات الإيطالية، نتيجة لتركها المجموعة بعد أسابيع فقط من توقيع الاتفاقية.
فازت شركة "أبريليا" بالدعوى، وخسرت فرقة "سبايس جيرلز" ما يقارب المليون جنيه إسترليني.
في الفيلم الوثائقي Giving You Everything، قالت صاحبة الشعر الأحمر وهي تتأمل قرارها بالمغادرة: "شعرت أنني لم أعد أنتمي للفرقة. لم يعودوا بحاجة إليّ، وبالتأكيد أحسستُ أنني زائدة على الحاجة.
وبعد أن تركت الفرقة، أصدرت جيري أغنيتين فرديتين هما Look At Me وIt's Raining Men، في مطلع الألفية وحتى أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
وحققت جيري نجاحاً نسبياً، وخاصة بعد أن تصدرت أغنيتها It's Raining Men قوائم الأغنيات في بريطانيا لعام 2001.
في مقابلة مع 'أوبرا: أين هم الآن؟' وصفت هاليويل تجربتها كعضو في "سبايس جيرلز"، قائلة: "مع وجود ملايين المعجبين ووسائل الإعلام الذين يشاهدون كل خطوة تخطوها السيدات، أصبح التدقيق أكثر من اللازم. أعتقد أنني شعرت بمزيدٍ من الوعي بنفسي، وبوزن جسدي. كل الأشياء التي يمرّ بها الجميع. ولم أحتمل ذلك".
في العام 2007 سُجّلت عودة أولى لـ"سبايس جيرلز"، بمشاركة جيري هاليويل، في جولة موسيقية بين أمريكا الشمالية وأوروبا. وكالعادة حطّمت الفرقة الأرقام القياسية عندما بيعت تذاكر 17 حفلة في لندن، خلال 38 ثانية! قُدّرت أرباح الجولة بـ70 مليون دولار، وفازت الجولة بجائزة البيلبورد لأفضل جولة موسيقية في عام 2008.
وفي العام 2012 عادت الفرقة واجتمعت لتغني في الحفل الختامي لأولمبياد لندن، وكانت تلك آخر مرة غنت فيها فيكتوريا بيكهام مع "سبايس جيرلز"، ثم رفضت المشاركة في أي نشاطٍ لها.
ويفسر البعض عدم رغبة فيكتوريا بيكهام في الانضمام إلى الفريق مرة أخرى، بخوفها من أن يؤثر ذلك على عمل علامة الأزياء الخاصة بها، كما أنها "سئمت من التدقيق في صوتها". فهل تفاجئ الجميع وتشارك في لمّ الشمل لعام 2023؟