الجونة في مهب الريح.. ضغوطات حكومية على آل ساويرس تهدد استمرار المهرجان

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/23 الساعة 12:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/23 الساعة 12:43 بتوقيت غرينتش
الملياردير المصري نجيب ساويرس/رويترز

قبل يومين تلقى محبو السينما خبراً غريباً ومفاجئاً بتأجيل الدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائي، دون أية مقدمات تنبئ بذلك. خبر لم يصدقه الكثيرون وظنوا أنه شائعة، خاصة في ظل حالة الاستقرار المادي التي يشهدها المهرجان الذي يدعمه آل ساويرس، أغنى رجال أعمال في مصر.

انتشر الخبر سريعاً، ولم تترك إدارة المهرجان وقتاً للتخمين؛ فأصدرت بياناً رسمياً أكدت فيه تأجيل دورة هذا العام، وأكدت إدارة المهرجان في بيانها أن سبب التأجيل يعود إلى المستجدات والتحديات التي يواجهها العالم أجمع في الوقت الحالي، والتي قد تعيق خروج المهرجان بالشكل المعتاد، ليسدل الستار على دورة هذا العام التي كانت ستقام في الفترة من 13 وحتى 22 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ولكن ما بين بيان المهرجان وبين ما حدث على أرض الواقع عدة حقائق توصلت لها "عربي بوست" من خلال أحد المصادر داخل شركة أوراسكوم الراعية للمهرجان، والذي أكد أن إدارة المهرجان تعرضت لضغوطات شديدة أدت لاتخاذ قرار التأجيل، منها قرارات داخلية وأخرى خارجية.

الدورة السادسة من مهرجان الجونة.. ضغوطات غير مباشرة

في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعاني منها العالم، كانت تعول الحكومة على رجال الأعمال لإنقاذها من الانهيار، ولأن آل ساويرس من أغنى رجال الأعمال المصريين فقد كانت الحكومة المصرية تعول عليهم الكثير لإنقاذ جزء من مركب الاقتصاد المصري.

 ولكن آل ساويرس ليسوا كباقي رجال الأعمال المصريين الذين يمكن الضغط عليهم بسهولة؛ فهم يتمتعون بعلاقات قوية مع حكومات أوروبية، بالإضافة إلى أن أكثر من 80% من استثماراتهم وأموالهم خارج مصر، وبالتالي لا يمكن الضغط عليهم مثل رجال الأعمال المصريين الذين تتركز أعمالهم ونشاطاتهم داخل مصر.

لذلك حاولت الحكومة بشكل غير مباشر الضغط على سميح ساويرس بالتحديد من أجل ضخ مبالغ أكبر في الاقتصاد المصري، وكذلك صندوق تحيا مصر، لكنه لم يخضع للأمر، لذلك لجأت الحكومة في دورة العام الماضي إلى حيلة ذكية، وهي منع بعض ضيوف المهرجان من دخول مصر، منهم من عاد من مطار القاهرة إلى بلده بعدما تم رفض دخوله، ومنهم من تعرض لمضايقات، وكان هذا هو السلاح الأول.

سميح ساويرس

وخلال الدورة الماضية من المهرجان اتخذت مجموعة إعلام المصريين المحسوبة على الدولة، التي يندرج تحتها 90% من المحطات الفضائية والمواقع الإخبارية المصرية، قراراً بإيقاف التغطية الإعلامية، وأصدرت تعليماتها لجميع مذيعيها ومراسليها وصحفييها بعدم كتابة أي أخبار عن المهرجان بعد مرور عدة أيام على حفل الافتتاح، حتى إن قناة ON E التي حصلت على حقوق البث الحصري لحفلي الافتتاح والختام قامت بإذاعة حفل الافتتاح مُسجلاً.

وهذه هي وسائل الضغط التي تملكها الحكومة المصرية على عائلة ساويرس.

الرعاة

 على الرغم من القوة الكبيرة التي يتمتع بها المهرجان، إلا أنه العام الماضي ومع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة في العالم، خفض عدد من الرعاة من المبالغ التي يدفعونها للمهرجان، وهو ما أثر على الدورة الماضية وجعلها الأسوأ في تاريخ المهرجان، بعدما عاني كثير من الضيوف ومراسلي الصحف والقنوات على كافة النواحي، بداية من التسكين والتنقلات، وحتى دخول العروض واستلام بطاقات التعريف.

فقد شهدت التنقلات مشكلات كثيرة بسبب توفير طائرة واحدة فقط لعدد كبير من الضيوف؛ ما أدى إلى انتظار بعضهم في المطار حتى توفير رحلة طيران أخرى في العودة، وعدم وجود تسكين في الفنادق لبعض المدعوين. فقد كانت هناك قلة في كل شيء في الدورة الماضية.

الهيكل الإداري

وفي الدورة الجديدة يشهد مهرجان الجونة تغييرات كبيرة في هيكله الإداري، كان أبرز التغييرات متمثلاً في انسحاب الفنانة بشرى من رئاسة عمليات المهرجان وكشريك مؤسس، والاكتفاء بدورها كشريك مؤسس بشكل معنوي، كما غادر أمير رمسيس المدير الفني للمهرجان موقعه في المهرجان مقدماً استقالته للإدارة، بالإضافة لبعض الانسحابات داخل الصفوف الثانية والثالثة في هيكل المهرجان الإداري والفني، مع عودة عمرو منسي كمدير تنفيذي للمهرجان، كل هذا أحدث حالة من التخبط والارتباك داخل أروقة المهرجان، وأضاف عبئاً جديداً على الدورة السادسة.

مهرجان الموسيقى

الأسباب السابقة جعلت هناك تخوفات من خروج الدورة الجديدة بشكل سيئ مثل الدورة الماضية التي كانت الأسوأ في تاريخ المهرجان، والتي أغضبت آل ساويرس بشدة.

في الوقت نفسه كان آل ساويرس، وبالتحديد رجل الأعمال سميح ساويرس، يحضرون لمهرجان الموسيقى الذي تم الاتفاق مع وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم على تقديمه في الجونة منذ عامين، وعلى الرغم من أنه كان من المفترض أن يقام في شهر مايو/أيار الماضي، إلا أنه تم التراجع عن الأمر، ولكن مع اتخاذ قرار بتأجيل مهرجان الجونة السينمائي هذا العام، قرر سميح ساويرس البدء في إقامة الدورة الأولى من مهرجان الموسيقى.

ومن المفترض، حسب مصدر داخل أوراسكوم، أن يقام المهرجان في منتجع مكادي هايتس الذي يملكه آل ساويرس، وسيتم الإعلان عن الأمر في شهر يوليو/تموز القادم في حدث فني كبير، على أن يقام المهرجان في شهر سبتمبر/أيلول في المنتجع السياحي.

تأجيل أم إلغاء

في العادة عندما يتم تأجيل دورة من أي مهرجان سينمائي فهذا يكون تميهداً للإلغاء، وخير مثال على ذلك ما حدث في مهرجان دبي، ولكن نفس المصدر أكد أن التأجيل هذا العام لمهرجان الجونة ليس تميهداً للإلغاء، ولكن التحديات التي تواجه المهرجان هذا العام كثيرة، ولا يريد صناع المهرجان خروجه بشكل سيئ كالدورة الماضية، فالمهرجان أصبح مؤسسة ولديها موظفون معينون، وليس من الطبيعي إلغاؤه، لذلك فالأمر يعتبر مجرد استراحة لمراقبة دورة المهرجانات حول العالم، ومن المحتمل أن تتم إقامة الدورة القادمة من المهرجان في موعد مختلف عن الموعد الذي يقام فيه بشكل سنوي.

تحميل المزيد