بينهن داليدا.. 3 نساء شهيرات خُضن “معارك” شديدة مع الاكتئاب انتهت بانتحارهن

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/03 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/03 الساعة 13:23 بتوقيت غرينتش
داليدا/ Last

أحياناً لا يمكن للشهرة والمجد أو المال والنجومية أن تنقذ شخصاً ما من فخّ الاكتئاب. إنّه أخطبوط قادر على الفتك؛ سيلفيا بلاث، داليدا، وماريا كالاس، نساء بلغن سلّم المجد والشهرة ولكنّهن تقاسمن آلام الوحدة والهجر لتنتهي حياة كلّ واحدة منهن بطريقة تراجيدية.  

سيلفيا بلاث الشاعرة التي امتهنت حرفة الموت

كانت نصوصها الشعرية فاتحة لموتها الذي تجهزت له طويلا دون أن يدرك أحد أنّها قادرة على الانتحار بشجاعة. فهي التي تقول "الموت فنّ وإني أمارسه بإتقان، في وسعكم القول إنّه دعوتي". ولدت سيلفيا بلاث في مدينة ماساتشوستس الأمريكية سنة 1932، وظهرت موهبتها الشعرية في مرحلة مبكرة من عمرها القصير، ولكنّها عانت منذ سنوات شبابها الأولى من الاكتئاب، خاصة بعد وفاة والدها سنة 1940، تمّ إيداعها في مصحة للأمراض النفسية والعقلية بعد محاولة انتحار فاشلة وتلقت العلاج عن طريق الصدمات الكهربائية.

قبر الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث/ iStock
قبر الشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث/ iStock

جربت سيليفا الانتحار أكثر من مرّة، حتى أصبحت محاولاتها بمثابة الفنّ الذي تمارسه بإتقان كما كتبت ذات مرّة، لم ينقذها الحبّ ولا الأمومة من الانتحار. جمعتها قصة حبّ مع الشاعر الإنجليزي تيد هيوز وتزوّجا عام 1956 ثم أنجبت منه طفلين.

 لم يكن هيوز الرجل الوفيّ، بل خان سيلفيا أكثر من مرّة، اكتشفت خيانته لها مع إحدى معارفها، ومنحت له فرصة العودة ولكنّ هيوز واصل خيانته غير عابئ بمحاولات زوجته التي اكتشفت رسالته لعشيقته يقول فيها إنّه سيتخلص من الأخطبوط الذي يحاصر حياته ويقصد بذلك سيلفيا لتقرّر إثرها الرحيل إلى الأبد.

غرقت سيلفيا بلاث في بركة من الأحزان. انعكس حزنها العميق على نصوصها الشعرية الأخيرة والتي انعكفت على كتابتها في آخر أيامها لتكون شاهدة على مأساتها، ولكنّها كانت مقياساً لتصنيفها ضمن أهمّ شاعرات القرن العشرين.

كانت نهاية سليفيا مثل مشهد سينمائي في فيلم تراجيدي. حرصت سيلفيا على حماية طفليها من الموت، دخلت إلى المطبخ ووضعت تحت الباب مناشف مبللة حتى لا يتسرب منها الغاز ثمّ حشرت رأسها في الفرن لترحل بهدوء بعد تسمّمها بأول أكسيد الكربون لترحل في صباح 11 فبراير/شباط 1963. 

داليدا العاشقة سيئة الحظ.. رحل جميع من تحب فقررت أن تلحق بهم 

بعد أكثر من ثلاثين عاماً على رحيلها، مازالت داليدا الفنانة المصرية ذات الأصول الإيطالية حاضرة في وجدان الجماهير إلى اليوم. ولدت داليدا في حيّ شبرا بالقاهرة عام 1933 وبدأت مسيرتها الفنيّة بعد تتويجها ملكة جمال مصر عام 1954، لعبت بعض الأدوار الصغيرة في السينما المصرية، ولكن كان حلمها أكبر من هذا بكثير فسافرت إلى باريس في كانون الأول من عام 1954 وتعلمت الغناء هناك بعد فشلها في الدخول إلى السينما الفرنسية. منحها صوتها الجميل فرصة الظهور على مسرح "الشانزليزيه" ثم مسرح "فيلا ديست" لتلقبّ فيما بعد بثورة الأغنية الفرنسية.

أشهر أغاني داليدا المعروفة في مصر

تعرّفت داليدا على لوسيان موريس، المدير الفني لإذاعة أوروبا 1، والذي آمن بموهبتها الفنيّة لتفتح لها أبواب المجد والشهرة في كلّ أنحاء أوروبا. تزوجت داليدا من لوسيان سنة 1961 بعد قصة حبّ كانت حديث الجمهور طيلة سنوات. 

يبدو أنّ الزواج يقتل الحبّ أحياناً، فقد كان زوج داليدا منشغلاً بالعمل طول الوقت ودفعها ذلك إلى الانهماك فيه أيضاً، وهو ما جعل العلاقة باردة لتنفصل عنه بعد عام واحد من زواجهما.

ارتبطت داليدا بقصص حبّ فاشلة، أولها الرسام جان سوبيكي والذي انتحر بعد عامين من تعرفه على داليدا بسبب ديونه المتراكمة. 

كانت قصة الحبّ الأكثر تأثيراً في حياة داليدا التي جمعتها بالمغني الإيطالي المغمور لويجو تينكو، الذي انتحر بعد فشله الذريع في مهرجان سان ريمو عام 1967 ليقدم على الانتحار داخل غرفته، واكتشفت جثته داليدا لتحاول هي الأخرى الانتحار بتناول جرعة زائدة من المهدئات، ولكن تمكن الأطباء من إنقاذها.

تضاعف شعور داليدا بالحزن على فقد حبيبها الإيطالي، فدخلت في مغامرة غير متكافئة مع شاب إيطالي يصغرها بعدّة سنوات وبعد حملها منه قررت الإجهاض، وهو ما سبب لها العقم لتدخل في دوامة من الاكتئاب الشديد، لم ينقذها المسرح ولا الشهرة من الحزن المفرط، بل أنقذها الحبّ مرّة أخرى بتعرّفها على مايك برانت في بداية السبعينات من القرن الماضي والذي أصبح مغنياً معروفاً فيما بعد، ولكن لم يدم الأمر طويلاً، في عام 1975 قرّر مايك الانتحار.

أكدت جاكلين بيشال صديقة داليدا في كتابها الصادر عام 2007 بعنوان "داليدا، كنتِ تناديني بأختك الصغيرة"، أنّ النجمة الموهوبة قد ارتبطت بالزعيم الفرنسي الاشتراكي فرانسوا ميتران، وكانت بداية تعارفهما في منتصف السبعينات بعد غناء داليدا أمام جمهور من الحزب الاشتراكي، ولكن بعد تعرضها إلى الإهانة، حسب ما ذكرته بيشال، انفصلت داليدا عن ميتران الذي طلب منها عدم فضح علاقتها وإبقاءها سرّاً.

تواصلت خيبات داليدا وخساراتها العاطفية، خسرت من تحبّ وخسرت صديقها الفنان ريتشارد شانفري، الذي شاركها الغناء في عدّة حفلات قبل انتحاره عام 1983.

 حاولت داليدا إنقاذ نفسها ولو للمرّة الأخيرة بالحبّ، ولكنّها فشلت مجدداً في ارتباطها بالطبيب الفرنسي فرانسوا نودي، فقررت داليدا الرحيل في غرفتها الوحيدة، كتبت رسالتها الأخيرة "الحياة لا تُحتمل… سامحوني" ثم تجمَّلت ولبست بيجامتها البيضاء وشربت كميّة هائلة من المهدئات، ثمّ أطفأت جميع الأنوار لتموت داليدا في العتمة التي خافت منها طويلاً عام 1987.

ماريا كالاس.. النجمة التي أطفأها الهجر 

 ولدت ماريا كالاس في نيويورك لأبوين يونانيين عام 1923 وتعلمت العزف الكلاسيكي على البيانو في سنّ مبكرّة، ثم برعت في الغناء الأوبرالي. عانت ماريا من مشاكل كثيرة في طفولتها أولها السمنة ومن تفرقة والديها بينها وبين أختها الرشيقة. 

بعد انفصال والديها عادت ماريا مع والدتها وشقيقتها إلى أثينا عام 1937، وهناك نالت ماريا الإعجاب بموهبتها في بلدها الأمّ اليونان وبدأت مسيرتها الفنيّة في نهاية الثلاثينات.

ورغم نجاحها مغنية أوبرا، كان وزنها الزائد سبباً لرفضها عروضاً كثيرة، حيث اعتذرت ماريا عن أوبرا "السيّدة فراشة" بعد الحرب العالمية الثانية قائلة إنّ حجمها الضخم لا يليق بالفراشة.

في عام 1949 قدمت ماريا كالاس أوبرا عايدة وأشاد بها النقادّ ووصلت شهرتها إلى أمريكا اللاتينية، وقد كان نجاحها حافزاً لتخسر ثلاثين كيلوغراماً من وزنها الزائد.

ثلاثون كيلوغراماً خسرتها ماريا، ففتحت لها أبواب الحبّ بعد أن ارتبطت بالمليونير اليوناني  أرسطوطل أوناسيس الذي تعرفت عليه أثناء رحلة بحرية عام 1959، حينها باح أوناسيس بحبّه لماريا قائلاً: "أنت فعلاً الإلهة الإغريقية التي حلمت بها وأتمنى أن ألتقيك مرّة أخرى".

تواصلت علاقة الثنائي بعد انفصال ماريا عن زوجها وانفصال أوناسيس عن زوجته إلى حدود عام 1967، كتبت ماريا لحبيبها أجمل الرسائل العاطفية "أنا كلي لك، افعل بي ما تشاء يا أوناسيس". طلبت ماريا الزواج من حبيبها أكثر من مرّة، لكنّه رفض قائلاً "أنت تريدين عائلة وأنا أريد العالم".  

منزل ماريا كالاس في مدينة سيرميوني بإيطاليا/ iStock
منزل ماريا كالاس في مدينة سيرميوني بإيطاليا/ iStock

لم تصدّق ماريا أن الحبّ خذلها بل وسيقودها إلى الهلاك. بعد ارتباط أوناسيس بأرملة الرئيس الأمريكي الراحل "جاكلين كيندي" عام 1968 دخلت ماريا كلاس في نوبات اكتئاب متواصلة.

توفيّ أوناسيس عام 1975 تأثراً برحيل ابنه، لم تصدّق ماريا كالاس أنّ ما حدث حقيقي، وأن حبيبها الذي أخلصت له قد رحل فعلا. انعزلت ماريا طويلاً في شقتها بباريس. ثمّ رحلت إلى الأبد عام 1977 بذبحة قلبية، فيما رجح البعض وفاتها بسبب تناول كميّة هائلة من المهدئات. أُحرقت جثتها على سواحل بحر إيجه قبالة سواحل اليونان، حسب وصيتها الأخيرة.

علامات:
تحميل المزيد