غالباً تذكرون أغنية "قصة فلسطين" أو Story of Palestine، وبطلتها الشابة التي تدق على طاولة أمامها، وتغني بالإنجليزية قصة فلسطين، وتقول: "كانت هناك أرض تُسمى فلسطين، حيث عاش المسلمون والمسيحيون واليهود بسلام"، وخلال دقيقة و30 ثانية لخصت حكاية فلسطين من القرن الـ19، حينما كانت فلسطين تحت حكم الدولة العثمانية.
مروراً بتأسيس الحركة الصهيونية وخطتها لإقامة دولة حصراً على اليهود، وساعدهم في الخطة الانتداب البريطاني بعد فوز قوى التحالف في الحرب العالمية الأولى، وبعد حرب 1948 أعلن قيام الدولة التي حلمت بها الحركة الصهيونية، فيما قُتل الفلسطينيون وهجروا وحرموا من حق العودة لبيوتهم وأراضيهم.
الأغنية كانت أشهر وأنجح الأغاني التي أُطلقت في خضم أحداث القدس والشيخ جراح وقصف غزة، ورغم إمكانات التصوير والموسيقى البسيطة للغاية، فإن الأغنية حققت 11.5 مليون مشاهدة في أيام، عبر حساب الشابة المصرية إيمان عسكر فقط، فضلاً عن مشاركتها عبر عشرات الحسابات العربية والأجنبية.
"عربي بوست" أجرى حواراً مع مغنية Story of Palestine لنعرف قصة الأغنية، وقصة إيمان. (شاهد الحوار كاملاً عبر إنستغرام)
قصة أغنية "قصة فلسطين"
مع متابعة إيمان للأحداث المشتعلة في فلسطين، وشعورها بالمسؤولية تجاه إيصال الصوت الفلسطيني، بدأت حديثاً مع ابنتها فيروز (7 سنوات)، لتخبر جيلاً أصغر عن الجارة فلسطين، شرحت إيمان تاريخ فلسطين بطريقة بسيطة يفهمها عقل طفلة بهذا العمر، واختارت اللغة الإنجليزية لذلك، كونها اللغة الأقرب لجيل ابنتها كما شرحت.
الأسلوب البسيط في كتابة الكلمات واختصار تاريخ فلسطين والاحتلال في ثوانٍ معدودة، جاء تأثراً بالطريقة المبسطة التي كانت تشرح بها إيمان الأغنية لابنتها فيروز، وأيضاً بعملها على مدار نحو 11 عاماً في صنع المحتوى، نصفها في شركة Nutty Scientists وهي شركة لصناعة المحتوى والتمثيل وتبسيط العلوم للأطفال، حيث كانت تكتب النص وتقوم بتمثيله للأطفال، والنصف الآخر من سنوات خبرتها العملية جاء من خلال شركة Axeer، حيث عملت في صناعة المحتوى في مجال الترويج للشركات ومنتجاتها بالرسوم الكارتونية والشرح البسيط، بالإضافة طبعاً لكونها أماً لطفلين، ومحبة للأطفال.
كتبت إيمان الأغنية في دفتر صغير على مرتين، الأولى كتبت خلالها مطلع الأغنية، وتركتها من الضغط بسبب الأحداث، ثم عادت في اليوم التالي لتكملها، وأنهتها بالفعل في 4 ساعات، لكنها لم تتخيل مطلقاً أن نشرها سيحظى بهذا الانتشار الواسع.
تخيلت إيمان أن يعجب بالأغنية عشرات الأشخاص، وتؤثر في 10 إلى 15 زميلاً من جنسيات أجنبية كانوا يتابعونها ضمن قائمة المتابعين التي لم تكن تتجاوز 3300 شخص، بالإضافة إلى التأثير في ابنتها، لكنها فوجئت أن هذه الـ90 ثانية ستصنع منها نجمة يتابعها نحو 120 ألف شخص عبر إنستغرام فقط، فضلاً عن مشاهدة 11.5 مليون شخص لمقطع الفيديو عبر حسابها.
علاوةً على شعور إيمان بالإحباط والثقل في بعض مراحل تقديم المحتوى، مثل سلسلة رمضان "ليه بنحب رمضان"، التي قدمتها على مدار 30 يومياً بشكل فردي لإنتاج الأفكار وتصويرها وتعديلها ونشرها، لكنها لم تأتِ بمردود فيه تفاعل كبير من خارج دائرة متابعيها القدامى، لكنها أكملته على كل الأحوال لالتزامها أمام نفسها بالفكرة من البداية.
من هي إيمان عسكر؟ وماذا تقدم؟
إيمان، الشابة المصرية التي تعيش في مصر، هي زوجة، وأم لطفلين (فيروز 7 سنوات – آدم 3 سنوات)، تخرجت في كلية التجارة وإدارة الأعمال بالجامعة الألمانية، لكنها عملت في مجال صناعة المحتوى في السنوات الـ11 اللاحقة لتخرجها، تنوع صنع المحتوى بين المحتوى العلمي، والاجتماعي، والتثقيفي، والتاريخي، وقضايا السفر وأسلوب الحياة بشكلٍ عام؛ سواء في شركتي الإنتاج التي عملت بهما -سبق ذكرهما- أو عبر حسابها على إنستغرام EmaasWorld الذي أسسته في أغسطس/آب 2020.
لا تحب إيمان تعريف نفسها كـ"ناشطة" أو "سياسية" لارتباط شهرتها لدى الشريحة الأكبر من جمهورها بأغنية عن القضية الفلسطينية، كما لا ترجح أن تحصر نفسها في تقديم محتوى محدد، رغم نصائح المحيطين بها في التركيز على قضية واحدة، لكن المعيار بالنسبة لها أن تقدم محتوى في قضية تفهم فيها بقدرٍ كافٍ، وتشعر بالتأثر الشخصي بها، وأخيراً أن تملك ما تضيفه أو تقوله عن هذه القضية.
لذلك؛ فإن خطة إيمان في تقديم المحتوى (باللغتين العربية والإنجليزية لتنوع جمهورها بين استخدام اللغتين)، تماماً كما كانت طول عامٍ مضى، إذ تشعر بالرضا الكافي عن هذه النقطة التي وصلت لها في المحتوى الذي تصنعه، إذ يجمع بين المحتوى المتنوع سرد قصص ملهمين ومؤثرين مثل مالكوم إكس، أو الحديث في مواضيع نفسية وعائلية واجتماعية مثل "حب الذات" و"لغات الحب"، والمحتوى المتخصص في تسليط التركيز على قضايا إنسانية بعينها مثل القضية الفلسطينية، وقضايا المسلمين المضطهدين مثل الإيغور والروهينغا، وقضايا اللاجئين كذلك. المعيار بالنسبة لإيمان في أن تلهمها القصص لتستطيع أن تلهم بها عندما تقدمها.
قبل "قصة فلسطين"، كانت إيمان تقدم محتوى متنوعاً كما ذكرنا سابقاً، ومحتوى كوميدياً واجتماعياً، وأيضاً قدمت 5 أغاني راب أخرى، الأولى التي أطلقت بها حسابها كانت "فين الفاكسين؟" (أين اللقاح؟)، وهي أغنية كتبت كلماتها وغنتها عن حياتنا في 2020، بعد آمال رأس السنة في سنة لحياة اجتماعية أعمق، وسفر، وطرق متنوعة لكسر الروتين، وفجأة حلت جائحة أبقتنا في المنازل مع ضغط كبير لحياة جديدة في المنازل فقط.
هذه الأغنية التي صُورت في استوديو مجهز بفريق عمل مكون من أكثر من 10 أشخاص كانت تعتقد فيها إيمان أن تنتشر انتشاراً واسعاً، وتكون سبباً في شهرتها، لكن لم يحدث، على عكس تصورها من "قصة فلسطين" التي لم تتخيل أن تنشر أبعد من دائرة العائلة والأصدقاء. لكن هذا لم يزعج إيمان، رغم أنه أحبطها في مراحل، لكنها الآن تعتقد أن النجاح جاء في الوقت المناسب، لتحدد رؤية أكثر وعياً وشمولية للمحتوى الذي عليها تقديمه.
كما غنت Toz "طظ" وهي كلمة عامية مصرية تعني غير مهم، وفي الأغنية شجعت لعدم المبالاة بتعليقات الناس، مادام الشخص يملك مبادئه ويتحرك وفقها، وعدم الاهتمام أيضاً بمرات الوقوع مادام يعقبها وقوف مرة ثانية، وعدم إيلاء اهتمام لتعليقات الناس السلبية أو تنمرهم، ولا مقارنة حياتك بحياة الآخرين.
أيضاً قدمت أغنية "الهالوين" لتنتقد فكرة التقليد الأعمى لأفكار الآخرين وثقافتهم دون فهم سياقها، والتخلي عن الهوية واتباع ثقافة الغير، وكذلك قدمت أغنية مع ابنتها وأصدقائها لتنصح الأطفال حول إجراءات الوقاية من كورونا، والتعامل مع العودة للمدرسة في ظل جائحة صحية عالمية، وكذلك أغنية "غمض عنيك"، وقد كتبت كلماتها قبل 4 سنوات.