تعرَّف عليه الجمهور المغاربي طفلاً صغيراً، وكانت أعراس العائلة وجيرانها وأصدقائها تمنحه فرصة لغناء "الرّاي" في أجواء حميمية، وكان احتفاء الحاضرين حافزاً على سيره في درب النجومية.
عمِل الفنان المغربي عبدالحفيظ الدوزي على تطوير نفسه بنفسه، وصنع لنفسه اسماً بالميدان الفني، في هذا اللقاء مع "عربي بوست"، يتحدث الدوزي عن المجال الذي يشتغل فيه، مبرزاً أن "الأغنية المغربية استطاعت أن تتجاوز عائق اللهجة، وأصبحت تُروَّج بشكل صحيح من طرف فناني دول الخليج والمشرق".
وفي حديثه عن فن "الراي" يعتبر الدوزي أن "موسيقى الرّاي مزيج لثقافة فنية بين المغرب والجزائر".
بداية، الحمد لله على شفائك من كورونا، كيف تغلبت على هذه الوعكة الصحية؟
لن أنكر أن فترة إصابتي بكورونا، أنا وإخوتي، كانت صعبة جداً، بسبب طبيعة المرض ومضاعفاته التي تتغير دائماً، لكن -ولله الحمد- أحاطتنا العناية الإلهية واهتمام الطاقم الطبي الذي أشرف على متابعة علاجنا، ولن أغفل أيضاً أن الجانب النفسي يلعب دوراً كبيراً في الشفاء؛ فكلما تقبلت الإصابة، بصدر رحب ومعنويات مرتفعة، زادت فرصة شفائك بسرعة.
المجال الفني تضرر بشكل كبير من الجائحة، هل تضررت مادياً بسبب إلغاء العديد من الحفلات سنة كاملة؟
من الطبيعي أن يكون هناك ضرر مادي ولو طفيفاً، بسبب توقف الأعمال الفنية، كل هذه المدّة لدى جميع العاملين بالقطاع، وأتحدث هنا ليس فقط عن الحفلات؛ بل إنتاج الأعمال الفنية عموماً، لكن الشيء الذي يحزُّ في نفوسنا بشكل أكبر هو اشتياقنا إلى الصعود فوق الخشبة ولقاء الجمهور بشكل مباشر كما عهدنا ذلك سابقاً.
هل في اعتقادك أن الأغنية المغربية استطاعت أن تتجاوز عائق اللهجة؟
طبعاً، والدليل هو الكمُّ الكبير من الأغاني المغربية، خصوصاً الشابة التي أصبح لها صيت كبير لدى الجمهور العربي عبر امتداده، سواء في الخليج أو مصر أو بقية الدول العربية، ليس هذا فقط، بل حتى إقبال الفنانين العرب على خوض تجربة الغناء باللهجة المغربية يُعتبر في حد ذاته، نجاحاً لها ودليلاً على أنها أصبحت تُروّج بالشكل الصحيح.
طرحت مؤخراً العديد من الأعمال الفنية التي تنتمي لصنف "الرّاي"، كيف تقيّم هذا اللون الفني اليوم؟
لقد كان الرّاي -ولا يزال- من بين أقوى الأنماط الموسيقية الموجودة في الساحة الفنية، بفضل لحنه وكلمات أغانيه التي دائماً ما تكون قريبة من قلوب الجمهور قبل آذانهم، لأنها تتغنى بقصص حبهم ومشاكلهم وجميع مواضيع واقعهم المعيش، ومع التجديد الذي طالها في السنوات الأخيرة، سواء على مستوى الكلمة أو اللحن أو التوزيع، فأنا أتوقع عودة قوية لفن الراي الجميل الذي اشتقنا إليه.
اضطرت الجزائر مؤخراً إلى سحب ملف إدراج فن "الراي" ضمن قائمة "اليونسكو"، هل يمكن القول إن هذا الفن مشترك بين الدول المغاربية؟
مسألة فن الرّاي وإلى أي بلد ينتمي سوف تبقى مفتوحة وقابلة دائماً للنقاش، ولا أظن أنه ينتمي لبلد واحد معين، فهو قد تشبَّع قليلاً من الثقافة والموسيقى الجزائرية، وأضافت إليه ثقافة الجهة الشرقية للمغرب طابعاً ونمطاً جديدَين، على الرغم من الشبه الكبير بينها وبين ثقافة الجارة الجزائر، خصوصاً ثقافة المناطق الحدودية للبلدين، لذا نستطيع القول إن موسيقى الرّاي امتزاج لثقافة البلدين.
هل في اعتقادك أن الفنان يجب أن يحمل على عاتقه مهمة الدفاع عن قضايا وطنه؟
بالطبع يتوجب عليه ذلك، كيف لا والفنان دائماً يحمل على عاتقه لقب (سفير بلده)، فإن كان الجندي يحمل سلاحاً للدفاع عن وطنه، فالفنان سلاحه هو الموسيقى أو الفن الذي يؤديه بصفة عامة، تعبيراً عن حبه لبلده، والتزامه بالدفاع عنها بالطريقة التي يستطيع بها ذلك.