يؤذيها فتزداد تمسكاً به.. ما الذي يجعل الفتاة تخضع لشريك مؤذٍ ومتسلط؟ “رضوى” نموذجاً

عدد القراءات
5,837
عربي بوست
تم النشر: 2020/07/02 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/02 الساعة 14:54 بتوقيت غرينتش
المشهد الذي شهد تفاعلاً كبيراً على السوشيال ميديا من مسلسل "ليه لأ"

لا أنسى المشهد الشهير لعادل إمام وعايدة رياض في فيلم "اللعب مع الكبار"، حينما دارت بينهما مناقشة حادة حول الزواج "هاتتجوزني ولا لأ؟"، طرحتها عايدة فتطور النقاش إلى معركة، وراحا يضربان بعضهما بطريقة كوميدية تهلك مشاهدها من الضحك كلما عُرض المشهد من جديد، كأنه يعرض للمرة الأولى.

بعيداً عن شكل العلاقة في الفيلم وما لي عليه من مآخذ أخلاقية، لكن حالة الندية رغم الحب الكبير بينهما بدت لي مثيرة للتأمل، تذكرت المشهد الذي ذهب إلى أقصى التطرف في الندية وقوة أطرافه، وأنا أشاهد عملاً بعد آخر بدت فيه علاقات الخطوبة أشبه بالأمراض النفسية المتوطنة، يمارس فيه كل طرف أمراضه ونواقصه تجاه الطرف الآخر منتجين علاقات متطرفة ومريضة جداً، هي بحسب صُناع الدراما "انعكاس للمجتمع".

خالد المتسلط

مشهد واحد لا يتخطى الدقيقتين ونصف، تحول إلى قنبلة انفجرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عنوانه "خالد يجبر رضوى على استثناء صديقتها المقربة من الزفاف. لو مكانها تعملوا ايه؟" من بين مشاهد المسلسل المثير للجدل "ليه لأ؟" انتشر هذا المشهد على نطاق واسع.

المسلسل الذي تلعب بطولته أمينة خليل، يعرض أكثر من نوع لـ"الخطاب" يشتركون جميعاً في أنهم "سيئون للغاية ومرضى"، تدور القصة الرئيسية للعمل حول عاليا، الفتاة التي تحاول عيش حياة الاستقلال من باب "التجربة" سعياً وراء الفوز في مسابقة عالمية، جائزتها المالية 20 ألف جنيه إسترليني، مع منحة للدراسة في الخارج.

لكن ماذا عن صديقتها رضوى؟ والمشهد الذي "كسَّر الدنيا" حرفياً، تظهر فيه رضوى تحت ضغط من خطيبها الذي يخيّرها بمنتهى القسوة، إما أن تخبر صديقتها المقربة عاليا بعدم حضور الفرح أو أنه سيقوم بإلغائه، في الواقع، البطل الحقيقي في هذا المسلسل هو "رضوى" (الفنانة مريم الخشت) وليس عاليا (الفنانة أمينة خليل)، رغم الفارق في الظهور والمساحة وحتى ترتيب الأسماء، إلا أن أكثر المتفرجين وجدوا أنفسهم ينفعلون ويغضبون بل ويشعرون بالإهانة وأحياناً بالغيظ بصحبة رضوى لا عاليا.

أحب الناس رضوى لأن مريم الخشت نفسها كانت رضوى في يوم من الأيام، تقول في تصريح لها: "أنا أعرف كتير أوي زي رضوى، مش بس كدا، أنا كمان في مرحلة معينة من حياتي كنت رضوى".

في المشهد راحت رضوى تستجدي خطيبها خالد (الممثل محمد شاهين) كي يسمح لها بتنفيذ أوامره بطريقة لائقة، لكنه كان متسلطاً وحاسماً، سيتم الأمر كما يريد وعلى طريقته، وحين أتمت مراده راح يربت على ركبتها تماماً كما يربت أصحاب الكلاب على رؤوس حيواناتهم الأليفة حين يحسنون الصنع.

تتسم الشخصية المتسلطة بعدة صفات بدا أن خالد قدمها باقتدار عبر شخصية مرسومة بدقة، أوضحت بقوة كيف يؤذي الشخص المتسلط حياة من حوله، خاصة إن كان بعضهم مصاباً بالاكتئاب، "لما قرأت المشهد لأول مرة عيطت، بعتبره الماستر سين في المسلسل" تحكي مريم أكثر عن المشهد الذي استغرق تصويره ثلاث مرات فقط.

الخائن الجميل

ربما النموذج الأبرز لـ"الخطيب" الذي راحت الأعمال الدرامية تعرضه واحداً بعد آخر هو نموذج الخطيب "الخائن" المثير للتعاطف في الوقت ذاته، هكذا تعاطف الجميع مع العلاقة التي جمعت أمينة خليل ومحمد شرنوبي في المسلسل ذاته (ليه لأ) بالرغم من ارتباط شرنوبي بأخرى، لكن القلوب راحت تهيم بالخطيب الخائن في المشاهد التي جمعته مع "عاليا".

لم يكن هذا هو النموذج الوحيد لـ"الخائن الجميل" فقد سبق له الظهور في مسلسل "فرصة ثانية" بصرف النظر عن جودة العمل من عدمه، حيث  تكتشف البطلة ملك (الممثلة ياسمين صبري) خلال جولة لها بأحد المولات أن خطيبها (الفنان أحمد مجدي) يخونها، تلقي له الدبلة "دي هديتك مني" وترحل غاضبة، لتفاجئك في الحلقة الأخيرة بأنها تزوجت من نفس الشخص وأنها مثلت دور الفاقدة للذاكرة طوال حلقات المسلسل لتنتقم، فتجدك كمشاهد سعيداً بذلك الثنائي الذي تسبب خلال الأحداث في تعذيب ووفاة طرف ثالث هو (أيتن عامر) لكن لا بأس فالثنائي الجميل يستحق -بحسب صُناع العمل- حياة سعيدة.

المفاجأة الحقيقية كانت بالنسبة لي وللجميع طارق في مسلسل "أبو العروسة"، لم يتخيل أحد للحظة أنه سيكون ذلك الزوج الخائن في الموسم الثاني من المسلسل، حالة الورود والفراشات التي أحاطت بالثنائي زينة وطارق، والتي أصابت الكثيرين بالإحباط لم تبدُ متسقة مع التغيير الفج الذي لحق بهم من بعدها.

حسن السيكوباتي

لا تملك إلا أن تتعاطف مع حسن منذ اللحظة الأولى، في مسلسل "حلاوة الدنيا"، أرمل وسيم يربي ابنته الوحيدة يجيد استدرار عطف المصورة الشابة عليا، رغم أسلوبه الفظ، غير المبرر تجدك كمشاهد تنتظر منه لحظة رضا عن الفتاة المسكينة، التي ترضى بوضعه الاجتماعي، وتحتمل سلوكياته غير المبررة حتى يأتي ذلك المشهد، حين تتعرض عليا  للتحرش فيصفعها على وجهها بعنف بدلاً من الانتقام لها، متهماً إياها بأنها السبب في التحرش بسبب ملابسها.

يجيد صاحب الشخصية السيكوباتية  التلاعب بالآخرين، كلامه عذب، يعطي وعوداً كثيرة، فيحيل الحق باطلاً والباطل حقاً، يعجبك شكله، والأغرب أنه يقنعك بأن الأمر كان خطأك في البداية، لهذا نجح حسن في استعادة عليا بعد هذا الموقف، بدموعه ومحايلاته والتظاهر بالضعف والبؤس أمامها.

حبيب الأختين

صحيح أنها علاقة مثيرة للاشمئزاز، لكنها لا تلبث تظهر في المسلسلات بطرق مختلفة، عن ذلك الخطيب الذي ينتقل في علاقته من الأخت لأختها، تارة يتم قبول فعله وتارة لا، فمثلاً في مسلسل "سابع جار"، وما إن تحظى الشابة المتدينة المحترمة دعاء بخطيب أخيراً، لا يلبث الخطيب الذي يبدو متديناً أن يعجب بشقيقتها المتحررة هبة، لكن أياً من هبة أو العائلة لم يقبلوا بتلك العلاقة المشبوهة.

لم تسر الأمور بذات الطريقة في مسلسل "زي الشمس"، فحين قرر عمر (الفنان أحمد السعدني) خيانة خطيبته نور (دينا الشربيني) مع شقيقتها فريدة (ريهام عبدالغفور) تقبلت العائلة انتقال الخطيب من شقيقة لأخرى، وصولاً لإنجاب ثلاثة أطفال من الشقيقة التي تموت فيعاود عمر إحكام الحبل من جديد حول رقبة نور،  والتي للمفاجأة تبدي قبولاً مبدأياً بالعودة إليه!

نساء مازوخيات

اضطراب الشخصية المازوخية شكل من أشكال الاضطرابات النفسية يسلك المصاب به سلوكاً هادماً للذات، باختصار هي شخصية منهزمة فاقدة للتقدير الذاتي، تتقبل الإيذاء البدني والمعنوي في صمت، شعرت بهذا وأنا أشاهد كل هاتي البطلات اللائي تعرضن لأقصى درجات الانهزام المادي والمعنوي، وواصلن علاقاتهن المؤذية.

لم تعترض رضوى، الجميلة، على ضربها في بيت أهلها، حيث دفعها خطيبها اعتراضاً على محاولاتها التصرف بلياقة تجاه صديقتها، لم تعترض على أي شيء وكان همّها الأساسي أن يبقى كل شيء على ما يرام حتى وإن لم يكن كذلك في الواقع. أحب الجميع رضوى لأنها ظهرت محجبة دون أن تسيء للحجاب، أو تربط بين الحجاب والتخلف أو "البهدلة"، باختصار ظهرت كـ"محجبة ستايل" تقول مريم: "مفيش علاقة بين الحجاب والضعف، رضوى بنت متدينة، لكن في نفس الوقت بتعرف تلبس واخدة بالها من نفسها، اتعمل مجهود ضخم في الستايلنج عشان تطلع حلوة بالحجاب"، مع ذلك فهي تبقى مازوخية وإن أثارت تعاطف الجمهور، لكنها مؤذية أكثر من خطيبها لأنها مَن سمحت لها بذلك دون مبرر يذكر.

المازوخية الثانية برأيي هي عليا في "ليه لأ" البطلة التي تقع في حب شخص مرتبط، ارتضت لنفسها أن توضع بموضع مشبوه، أما المازوخية الأكبر برأيي فهي أيتن عامر، في مسلسل "فرصة ثانية" والتي تهوى تعذيب ذاتها، تارة بحب شخص مرتبط، هي تعلم أن "زياد" يحب خطيبته ملك، وأنها كانت السبب في انفصالهما، لكنها توافق على الزواج منه، يتركها يوم الزفاف وحدها، ويقوم بتطليقها حين يعلم أن خطيبته الأولى تعرضت لحادث، لكنها تواصل مطاردته، بصرف النظر عن حسابات الكرامة والكبرياء.

ربما الوحيدة التي لم تكن مثلهن هي دعاء في "سابع جار"، كانت ضحية بلا حول ولا قوة، صحيح أنه قد تم إظهار في صورة المحجبة المعقدة البخيلة الراغبة في الارتباط بأي ثمن، لكنها اكتسبت تعاطف الجمهور، خاصة في ذلك المشهد الذي ظهرت فيه تصلي وتشكو إلى الله ما جرى بحقها مرددة: "أنا محتاجة عوضك إنت يا رب".

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

رحاب لؤي
كاتبة صحفية متخصصة في الفن
كاتبة صحفية، عملتُ في العديد من الصُحف والمواقع الإلكترونية، أحب الرسم والقراءة والأداء الصوتي
تحميل المزيد