مستوحى من معاناته الشخصية.. بن أفليك يقدم أفضل أدواره في The Way Back

على مدار السنوات الماضية، عكس بن أفليك طاقة إبداعية لا يبالغ المرء عندما يصفها بأنها "ناقمة على العالم". ولعل فيلم The Way Back تجسيد للحظة مفصلية في تاريخه.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/03/09 الساعة 21:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/10 الساعة 15:01 بتوقيت غرينتش
يقدم بن أفليك في ذلك الفيلم الدرامي المؤثر والصادق، دور مُدرب كُرة سلة مدمن للكحول، يحاول أن يعيد حياته إلى مسارها الصحيح/ reuters

على مدار السنوات القليلة الماضية، عكس بن أفليك طاقة إبداعية على الشاشة لا يبالغ المرء عندما يصفها بأنها "ضجِرة وناقمة على العالم". وتأرجح مستواه ما بين الصعود والهبوط، غير أن أجواء عزلته الأخيرة تزامنت مع ما بدا أنه ذروة مسيرته الفنية، عندما وافق على تقديم دور باتمان. 

عندما صدر فيلم Batman v. Superman: Dawn of Justice عام 2016، كان أفليك حاز مؤخراً ثاني جائزة أوسكار له (جائزة أفضل فيلم عن فيلمه Argo لعام 2013)، وحصل على مراجعات نقدية ممتازة عن أدائه في فيلم Gone Girl. 

لماذا إذن بدا عليه الضجر الشديد في أثناء ارتدائه بدلة مدرعة ومحاربته للأشرار؟

حياة بن أفليك الشخصية تؤثر في مسيرته المهنية

بحسب ما أشارت إليه مجلة The Atlantic في تقرير فني نقدي، فإن حياته الشخصية كان لها دور كبير في خياراته الفنية وأدائه.

إذ انفصل أفليك في 2015 عن جينيفر جارنر، التي استمر زواجه بها 12 عاماً (أعلنا الطلاق بعدها بعامين من إعلانهما الانفصال)، ثم أُودع في مصحة لإعادة التأهيل، بسبب إدمانه الكحول عام 2017، ومرة أخرى عام 2018

غير أن الممثل لم يتحدث عن هذا الوقت العصيب من حياته بمزيدٍ من التفاصيل حتى الآن، تزامناً مع صدور فيلمه الجديد The Way Back. 

يقدم بن أفليك في ذلك الفيلم الدرامي المؤثر والصادق، من إخراج غافين أوكونور، دور مُدرب كُرة سلة مدمن للكحول، يحاول أن يعيد حياته إلى مسارها الصحيح. 

إدمانه الكحول كان الدافع إلى بطولة فيلم The Way Back

في حوارٍ مطوَّلٍ مع صحيفة The New York Times الشهر الماضي، تحدث أفليك عن معاناته مع الكحول وكيف وجد الدور "علاجياً"، وهو دور قال أوكونور عنه إن الممثل كان على استعداد لأن "يذهب من خلاله إلى أعماق مظلمة جداً".

يظهر ذلك التواصل والتفاني جلياً: في فيلم The Way Back، إذ يستعرض أكثر أداء صافٍ وطبيعي لأفليك ضمن ما قدمه خلال مسيرته الفنية. 

لسببٍ وجيه، تتمحور حوله تلك الدراما المُصغرة التي تركز على شخصيتها الرئيسية، ذلك النوع الذي يندُر للغاية في هوليوود هذه الأيام. 

يؤدي أفليك دور جاك كانينغهام، وهو مدرب كرة سلة غير تقليدي في إحدى المدارس الثانوية، مر بأوقاتٍ عصيبة ولكنه يعود مرة أخرى إلى المدرسة التي درس فيها في السابق، ليُدرب فريق كرة السلة بها. 

لدى الفيلم مقومات الأعمال الدرامية الرياضية الملهمة، ويركز على رحلة جاك للتعافي من إدمان الكحول، من خلال علاقته بطلابه. 

غير أنَّ نص الفيلم السينمائي يتفادي النبرة الخطابية غير الضرورية والعِبر البسيطة المباشرة التي تتعلق بكيفية التغلب على الإدمان، ويُشدد على الكيفية التي ستكون بها رحلة جاك للتعافي تدريجية وصعبة.

المخرج ركز على إظهار أفليك الإنسان.. لا الفنان

وعلى الرغم من ذلك، يُعد أهم سبب لنجاح الفيلم هو أفليك نفسه. 

في الماضي، قدَّم أفضل أداء في تجاربه عندما علِم مُخرج فيلمه كيف يُمكنه تحديداً استغلال صورته الفنية، وخير مثال على ذلك فيلم Gone Girl للمخرج ديفيد فينشر، الذي يظهر أفليك خلاله في دور رجلٍ ناجحٍ ووسيم، مُتهم بقتل زوجته. 

تمكن فينشر من أن يقضي على جاذبية أفليك الهادئة بأقل قدر ممكن من الشعور بالتهديد. 

وفي دور نِك ديون الودود، اعتمد أفليك على سحره وجاذبيته، في حين أصر على أنه لم يكن على علم باختفاء زوجته إيمي (روزاموند بايك)، وفي الوقت نفسه لمَّح إلى أن مظهره السينمائي كان يمثل ستاراً يُخفي اضطرابه وانعدام ثقته بنفسه. 

يساعد استعراض فيلم Gone Girl على تفسير السبب الذي يجعل صراحة فيلم The Way Back وصدقه يبدوان انفصالاً عن الطابع السابق للنجم، فالفيلم الجديد لا يتمحور حول أفليك بطل الفيلم الرئيسي؛ بل عن أفليك الإنسان. 

تجربة باتمان لم تحقق مرادها

من المحتمل أن مسحة السوداوية التي وظفها فينشر في فيلم Gone Girl قد راقت للمُخرج زاك سنايدر، الذي اختار أفليك ليؤدي دور باتمان، بصفته متمرساً في مجال مكافحة الجريمة. 

غير أن أداء أفليك طغت عليه أجواء عالم الفيلم الخيالي الجنونية، فضلاً عن عددٍ لا حصر له من مشاهد الحركة، ونتيجة لذلك بدت شخصيته الاستثنائية جامدة وخالية من الحياة. 

حقق فيلم Batman Vs Superman نجاحاً ساحقاً في شباك التذاكر، ولكنه لقي استقبالاً فاتراً من النقاد. أما الجزء اللاحق منه بعنوان Justice League، والذي تعرَّض لجولاتٍ مكثفة من جلسات إعادة التصوير، فانتُقِد بشدة؛ نظراً إلى أنه كان مُخيباً للآمال من الناحية المالية

أُجِّلت الخطط لجعل أفليك يكتب ويُخرج ويؤدي بطولة فيلم عن باتمان خارج السلسلة (والآن يُنفذ هذا الفيلم باختيار روبرت باتينسون في دورِ البطولة). 

من المؤكد أن أفليك لم يكن مُهتماً بالجولة الصحفية لفيلم Dawn Of Justice كما بدا عليه في ذلك الحين، وصرح لصحيفة Times، في عدد شهر فبراير/شباط، قائلاً: "أريت أحدهم سيناريو فيلم باتمان"، مُشيراً إلى فيلمه المُؤجل. 

وأردف: "قال: أعتقد أن النص جيد. أعتقد أيضاً أنك ستثمل حتى الموت إن مررت مُجدداً بما مررت به للتو". 

أفليك يسير نحو أدوار درامية أكثر عمقاً

والآن، عوضاً عن تقديم أفلام كوميدية ناجحة غير شخصية أو أفلام تعتمد على حضوره السينمائي، يركز في الوقت الحاضر على تقديم أدوار لرجالٍ محاصَرين بالوساوس ومُحطَّمين، في أعمالٍ درامية أكثر تواضعاً مُخصصة للبالغين. 

ساعدت مشاعر الرثاء والشفقة التي استحضرها أفليك في أدائه بفيلم Triple Frontier، في العام الماضي، على رفع مُستوى فيلم الأكشن المُتميز نسبياً، والذي أدى فيه دور جُندي مُخضرم مُدمن على الكحول يلقى مصيراً مأساوياً

تتزايد حالة الهشاشة التي يُظهرها أفليك على الشاشة في فيلم The Way Back. 

فهو يؤدي دور جاك بنوعٍ من التثاقل الجسدي، مُدركاً كيف يُمكنه بالضبط أن يُهوّل من ثمالته الشديدة بإبطاء حركاته وتبليد ردود فعله. 

يُعبر أفليك عن جميع انفراجات الفيلم العاطفية من خلال قليل من الخيارات؛ ركلة غاضبة لعلبة بيرة فارغة عندما يُواصل الشرب، أو بأن ينزوي في وضعية الجنين عندما يُسلم بفداحة مُشكلته. 

هذا نوعٌ من الرقة لم يظهرها أفليك في الأدوار التي أداها. والحقيقة التي تشير إلى أنه يستدعي صراعاته الحقيقية إلى الفيلم، قد تكون غير مُريحة بالنسبة إلى بعض المُشاهدين، لكن المُمثل يُصمم على أنه يُعالج الدور بعناية. 

وفيلم The Way Back يشكل خطوة في رحلته العلاجية

صرح أفليك: "فاقت مكاسب الفيلم مخاطره كثيراً بالنسبة إلي. فقد وجدته علاجياً للغاية"، وذلك في حديثه لصحيفة Times، عن تقديمه شخصية مُدمنة للكحول. 

وأضاف المُخرج أوكونور: "أعتقد أن بن، بطريقةٍ فنية وإنسانية للغاية، رغب في أن يواجه مشكلاته الخاصة من خلال هذه الشخصية، وأن يُشفى". 

إن كان فيلم The Way Back والأفلام القادمة كفيلم The Last Duel للمخرج ريدلي سكوت- ستمثل عودة صادقة لأفليك، فلن تكون تلك مرَّته الأولى في العودة إلى لياقته الفنية كاملةً. 

فقط أصبح نجماً لامعاً في فترة التسعينيات بفوزه بجائزة أوسكار في فئة الكتابة عن فيلم Good Will Hunting، وظهوره في أفلام ناجحة للغاية مثل Armageddon. 

غير أن مكانته ضمن الصفوة تراجعت بعد سلسلة من الإخفاقات، ومن ضمن ذلك فيلما Gigli وJersey Girl، واستحوذ على الأضواء مرة أخرى، على الأغلب، من خلال استعراض مواهبه في الإخراج، ثم تدنى مُستواه مرة أخرى عبر مجموعة من المشاكل الشخصية والفضائح القديمة وإخفاق فيلمي Batman. 

بالنسبة إلى أفليك، ينطوي طريق العودة عادة على خوض المُجازفات. وهذه المرة، تمكن من العودة من خلال التخلي عن أداء دور البطل الخارق والاضطلاع بأدوار تنطوي على مغزى حقيقي بالنسبة إليه.

علامات:
تحميل المزيد