سادت دولة تونغا، الواقعة جنوبي المحيط الهادئ، حالةٌ من الغضب بعد أن انطوت مسابقتها السنوية لاختيار ملكة جمال تونغا اتهامات بالتنمر، والغدر، والعنصرية، ما أثار دعوات من نشطاء حقوق المرأة بالتخلي عن صناعة تنظيم مسابقات الجمال بأسرها.
حسب تقرير صحيفة The Guardian البريطانية، عمت مسابقة ملكة جمال تونغا حالةٌ من الفوضى الجمعة 5 يوليو/تموز، عندما قُطع الصوت من ميكروفون الفائزة السابقة بالمسابقة أثناء إلقائها خطاباً وانتشرت تقارير بتعرض امرأةٍ أخرى لإساءة عنصرية أثناء إلقائها الخطاب الرئيسي للمسابقة.
تنمر وضعف دعم
خلال الفعالية السنوية، التي تتوج فيها امرأة واحدة بلقب ملكة جمال تونغا لتصبح مرشحة البلاد في مسابقة ملكة جمال جنوبي المحيط الهادئ، ألقت الفائزة السابقة بالمسابقة خطاباً تشير فيه بالتفصيل إلى ادعاءات بالتنمر وضعف الدعم المقدم من منظمي المسابقة خلال العام الماضي، ما تركها "محطمة من الداخل" .
وقالت كالو فونغنيتاو، وهي طالبةٌ في كلية الحقوق بجامعة أوكلاند، إنها وأمها، تعرضتا "للغش، والكذب، والغدر، وسوء المعاملة بشكلٍ عام" خلال فترة حملها للقب، رغم أنها لم تذكر تحديداً ماذا حدث معها.
وبعد وقتٍ قصير من بداية انتقادها للمسابقة، قُطع الصوت عن ميكروفون كالو ودوَّت موسيقى بصوتٍ مرتفع للتغطية على خطابها. ورغم أن الجمهور لم يعد يستطيع سماعها، كان بعضهم يسخر منها، لتصيح كالو قائلةً: "لم أنتهِ من خطابي!" وواصلت الحديث بينما انضمت والدتها وأخوها إليها على المسرح.
وقالت كالو: "كفّوا عما تفعلونه، لن أتسامح بعد الآن مع المزيد من الزيف! إذا كانت لديكم الجرأة لمهاجمة شخصٍ كمجموعةٍ بهذه الطريقة الجبانة، إذاً يمكنكم أيضاً التعامل مع تداعيات مشاركة هذا الشخص تجربته مع العالم بأكمله!" .
وقالت هيئة السياحة في تونغا، في بيانٍ، إنها تشعر "بالأسف" أن كالو "اختارت التعبير علناً عن مخاوف كانت تكتمها طوال العام الماضي" .
لم يكن هذا المشهد الملتهب اللحظة الدرامية الوحيدة خلال تلك الليلة. إذ وردت تقارير تفيد بأن ليوشينا ميرسي كاريها، الضيفة الخاصة في الفعالية والتي فازت بمسابقة ملكة جمال جنوبي المحيط الهادئ في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تعرضت لهجومٍ عنصري، تمثل في صيحات من الجمهور أثناء إلقائها الخطاب الرئيسي بالمسابقة.
بينما كانت ليوشينا، القادمة من دولة بابوا غينيا الجديدة، تتحدث، صاح أحد أفراد الجمهور بأنها "سوداء، وقبيحة، ومقززة"، وفقاً للتقارير.
وفي تصريحٍ لها عقب الفعالية، أكدت ليوشينا أن "فرداً في المنطقة المخصصة لكبار الشخصيات قال تعليقاً ما -وكان سماع هذا التعليق شيئاً لا يسرّ على الإطلاق" . لكنها قالت إنها كانت تعامل "بالكثير من التقدير والاحترام" منذ وصولها إلى تونغا.
وفي بيانٍ، قالت اللجنة المنظمة للمسابقة وهيئة السياحة بتونغا: "نشعر بالأسف العميق تجاه مزاعم تنّمر الجمهور وردود الفعل العنصرية على خطاب ملكة جمال جنوبي المحيط الهادئ بالإضافة إلى ملكة جمال تونغا السابقة" . وأضاف البيان أن الجهتين "لن تتغاضيا عن أي شكل من أشكال التنمر أو العنصرية وأنهم يأخذون هذه الادعاءات على محملٍ من الجد".
وقال نشطاء حقوق المرأة عبر المحيط الهادئ إن هناك حاجة إلى إعادة النظر في مجال مسابقات ملكات الجمال بأسره.
وقالت شاميما علي، مديرة مركز أزمات المرأة في فيجي: "تُعتبَّر قضايا التنمر والتحرش الجنسي مسالةً مستمرة طوال تاريخ مسابقات ملكات الجمال".
وقالت شاميما إن مسابقات ملكات الجمال تشجع على تسليع المرأة، وإن هناك منصات أخرى قد تشجع على تمكين المرأة دون دفعهن إلى منافسة بعضهن البعض على أساس معايير الجمال.
وتابعت: "كما أن فكرة الجمال كلها هي انعكاسٌ للمفهوم الغربي عن الجمال. إذ لن تفوز امرأة، لديها أرداف كبيرة وصدر كبير ولونها مختلف، بمسابقة ملكة جمال المحيط الهادئ. تكون المفضلة عادةً هي امرأة حسنة المظهر، نحيفة الجسد، وشعرها ناعم، ومتوافقة مع معايير الكمال. هذه ليست فكرةً نابعة من منطقة المحيط الهادئ".
وقالت بيتي بلاك، مديرة منظمة Ma'a Fafine Moe Famili Tonga، إن مسابقات ملكات الجمال قد "ولَّى زمنها".
وأضافت: "لقد عفا عليها الزمن. لا يجب أن نفعل هذا مجدداً… بالنسبة لي كمدفاعةٍ عن حقوق النوع الاجتماعي، أعتقد أن هذه المسابقات غير منصفة، إذ إنها لا تعامل بناتنا بطريقةٍ ملائمة ولا تمنحهن التقدير والاحترام. إذا نظرت إلى هذه المسابقات، ستجد أنها تستغل البنات الصغيرات، لكن بطريقةٍ قد تبدو مقبولةً" .
وقالت بيتي وشاميما إن هناك مشكلات كبيرة تواجه النساء في دول المحيط الهادئ، التي يوجد بها بعض من أعلى معدلات العنف المنزلي في العالم، وإنه ينبغي أن يكون هذا محور تركيز أنشطة حقوق النوع الاجتماعي بدلاً من مسابقات ملكات الجمال. وأضافت شاميما: "هناك قضايا أكثر أهميةً وقد حان وقت التعامل معها".