"عندما يقومون بدفني وحين يأتون لإظهار احترامهم، سيتوجب عليهم أن ينتظروا في الطابور"، كلمات جاءت في المقطع الدعائي للموسم النهائي للمسلسل الدرامي الشهير House of Cards ، أكدت مصير بطل المسلسل الذي اتهم بالتحرش الجنسي.
تلك الكلمات التي قالتها الممثلة الأميركية روبين رايت، التي تؤدي شخصية كلير أندروود أظهرت أن شركة Netflix قررت قتل شخصية النجم الشهير كيفين سبيسي الذي ارتبط اسمه بهذا المسلسل ونجح في أن يجذب إليه المشاهدين بأدائه المختلف، حسب ما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
وأصدرت شركة Netflix في يونيو/حزيران 2018 المقطع الدعائي للموسم السادس والأخير من House of Cards، بعد أشهر من استبعاد كيفين سبيسي من العرض بعد مزاعم عن اعتداء جنسي.
لكن هل يصبح قتل الشخصيات الرئيسية وسيلة ناجحة للتخلص من الممثلين الذين تسببت تصرفاتهم في الحياة الحقيقة بمشكلات ليس لأنفسهم فقط بل لشركات الإنتاج وزملائهم الممثلين، وهل ينساهم الجمهور بمجرد موتهم الافتراضي؟
إنها تريد التخلص من ظلاله على كل أعمالها
تأمل شركة Netflix أن القرار الذي اتخذته بشأن قتل الشخصية الرئيسية في المسلسل، فرانسيس فرانك أندروود، كفيل بأن يضع حداً لتعاملها مع الممثل كيفين سبيسي، الذي طُرد من العرض بعد ظهور مزاعم عن قيامه باعتداء جنسي في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
كما تأمل Netflix أن يتم انسحاب أول مسلسل فريد من نوعه تقوم به هذه الشركة العملاقة، بهدوء وأمان، دون أن يهيمن نجمها السابق على موروثها.
وما تزال عمليات القتل في المسلسلات مستمرة
وليس هذه الشخصية الوحيدة التي ستختفي من إحدى المسلسلات لأسباب خارجية.
فبعد أن تقرر وقف المسلسل الأميركي الكوميدي Roseanne إثر تغريدة عنصرية لبطلته روزان بار عن مساعدة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ شبهت فيها مساعدة للرئيس الأميركي السابق تنحدر من أصول إفريقية بالقرد، قائلة "إن فاليري جاريت ابنة الإخوان المسلمين وأفلام "كوكب القردة".
المشكلة بالنسبة للمسلسل تزداد حدة نظراً لأن اسمه مستوحى من اسم البطلة التي أثارت الجدل بتغريدتها العنصرية.
وقد تقرر عرض المسلسل التلفزيوني الأميركي The Conners المأخوذ عن مسلسل Roseanne لأول مرة في أكتوبر/تشرين الأول القادم 2018 في الولايات المتحدة.
وعُرف مصير شخصية روزان بار عندما سُئل دان غودمان عما إذا كانت الشخصية التي يلعبها ستكون مختلفة على النسخة المشتقة، قال لصحيفة Sunday Times "أظن أنه سيكون مكتئبا وحزينا لأن زوجته ماتت".
ويبقى أن نرى ما إذا كانت النوايا الحسنة التي ترتبط ببقية الممثلين، على غرار غودمان ولور ميتكالف، اللذين نأيا بنفسيهما عن بار، ستمتد إلى السلسلة المبنية على المسلسل الأصلي، علماً وأنها تفتقر إلى عنصر حيوي، حسب رأي الصحيفة البريطانية.
وبالنسبة للكثير من المشاهدين، يكمن الدافع وراء متابعتهم لهذا المسلسل في البطلة، روزان بار.
هل نجحت Netflix في مواجهة #MeToo؟
في عصر وسم #MeToo ، حيث يمكن أن تنتهي مسيرة مهنية في غضون بضعة أيام، يجب أن تتسم العروض الناجحة، (على غرار مسلسل Roseanne الذي شاهده 27.3 مليون مشاهد عندما تم عرضه لأول مرة في أبريل/نيسان)، بالابتكار عندما ينسحب نجومها.
كان طرد الممثل كيفين سبيسي من مسلسل House of Card الحل الذي وجدته شركة Netflix مناسباً حتى الآن للتعامل مع المشكلة التي جدت مع هذا الممثل.
كما عمدت الشركة إلى صرف الانتباه عنه والتركيز على تولي الممثلة روبين رايت دور البطولة.
تكمن المشكلة في هذا النهج في أنه أدى إلى استمرار طرح الأسئلة حول سبيسي ورد شركة Netflix.
كما يبدو أن بعض زملائهم غير راضين
ضعف هذه الاستراتيجية قد كشف عنها غاي بيرس، الذي يلعب دور البطولة في عرض آخر لصالح Netflix تحت عنوان The Innocents، والذي عمل مع سبيسي "الوسيم" في فيلم LA Confidential.
في هذا الصدد، قال بيرس، معلقاً على سلوك زميلهم، إن ما قام به قد أثار، حسب قوله، "ردود فعل متفجرة".
في تصريحه لصحيفة The Guardian ، قال بيرس، عندما سئل عن التعليقات التي أدلى بها في هذا الخصوص، "أعتقد أني علقت على هذا الأمر بشكل كاف.
وأضاف: "لا أعرف إلى أي مدى تغير الأمر إلى الآن. نحن ندرك أن الأمور تحتاج إلى التغيير، لقد بلغنا تلك المرحلة بالفعل. يجب أن يشعر الأشخاص أنهم يستطيعون التحدث بحرية وأن الآخرين سيقدمون لهم الدعم".
والبعض يلقي باللائمة على ثقافة الإنترنت الإجرامية التي تفعل ذلك بالنجوم الكبار
"لم أكن أعرف هذا الرجل"، هكذا أجابت الممثلة روبين رايت عندما سُئلت عن سبيسي.
ولكن الممثلة تعرضت خلال الأسبوع الماضي للانتقاد عندما أوحت في تصريحها أن سبيسي يجب أن يُمنح فرصة ثانية.
وإثر وصفها لثقافة الإنترنت بأنها "إجرامية حقاً"، حيث تسمح للأفراد بإطلاق الأحكام في بضع لحظات، سئلت عما إذا كان ينبغي السماح لسبيسي بالعودة.
وتعليقاً على هذه الانتقادات، قالت رايت: "لا أعرف ماذا قد أقول في هذا الصدد، أنا لا أعرف حقاً".
وأردفت قائلة: "أعتقد أن كل إنسان لديه القدرة على الإصلاح. وتعني القدرة على الإصلاح الحصول على فرصة ثانية، أو أي تسمية يمكنك استخدامها. أنا أؤمن بذلك حقاً، إن الأمر يعني أن تصبح ناضجاً أكثر".
هل يؤدي طرد سبيسي وغيره إلى إنقاذ الموقف أم إضعاف هذه الأعمال؟
المشكلة بالنسبة Netflix والفريق الذي يعمل في The Conners ستلقي بظلالها على هذه المسلسلات، حسب تقرير الصحيفة البريطانية.
فحتى بعد دفن الأبطال المثيرين للجدل، ستظل أشباحهم تلاحق هذه البرامج التلفزيونية.
بالنسبة للكثيرين، كان سبيسي الدافع الرئيسي لمشاهدة مسلسل House of Cards، الذي نجح في كسر الحاجز بين المشاهد والممثل ونأى بنفسه عن المشاهد المكررة والنمطية.
في الوقت الذي يحاول فيه بعض الممثلين، مثل لويس سي.كي، جعل وسم #MeToo ، يعود للواجهة، يتساءل المشاهدون وصناع التليفزيون عما إذا كان هناك سبيل للتعويض عن الأخطاء التي أرتكبت أم يجب أن يظل هذا الباب مغلقاً.
بالنسبة لكل من مسلسل House of Cards The وThe Conners، لا يتعلق السؤال باستمرارية هذه الأعمال التلفزيونية بل هل يمكن أن يتخلصوا من أشباح نجومهم السابقين بشكل كامل.