رغم عرضه منذ 21 عاماً، إلا أن Titanic لا يزال الفيلم الأكثر شهرةً على الإطلاق، الذي لا يملّ الرأي العام العربي والعالمي من متابعة أيّ معلومة تتعلَّق به أو بالسفينة نفسها.
الفيلم مستوحى من قصةٍ حقيقية هي بدورها الأشهر، تدور حول كارثة غرق سفينة "تايتانيك" فوق المحيط الأطلسي، ذات المعجزة الهندسية في وقتها – كانت عبارة عن مدينةٍ متكاملة تسير فوق المياه، وبُنيتْ لتتّسع لأكثر من 3500 راكبٍ – حتى أُطلق عليها إسم "السفينة التي لا تغرق"؛ هذه السفينة كانت حديث العالم على مدِّ العصور، لأنها غرقت وأخذت معها 1500 راكبٍ إلى أعماق المحيط، في أول إبحارٍ لها، مساء يوم الأربعاء 14 نيسان/أبريل من العام 1912.
فيلم Titanic من إخراج جايمس كاميرون، تدور أحداثه على متن السفينة الشهيرة حيث يقع الفنان الفقير جاك (ليوناردو دي كابريو) والأرستقراطية روز (كايت ونسلت) في حبِّ بعضهما، قبل أن تنتهي قصتهما بموت جاك ونجاة روز.
في هذا التقرير، سنجري مقارنة بين الأحداث الواقعية التي جرت خلال غرق السفينة في العام 1912، وبين أحداث الفيلم الذي عُرض في نوفمبر العام 1997.
فهل كلّ الأحداث المذكورة في الفيلم حقيقية؟!
1- جاك وروز، هل هما حقيقيَّين؟
لا. يمكن القول إن جاك داوسون وروز ديويت بوكاتر هما شخصيتان خياليتان تماماً. فقد قام المخرج وكاتب السيناريو جايمس كاميرون بابتكار شخصية روز، التي لا علاقة لها بتاريخ سفينة تايتانيك، حتى قصة الحُب بينها وبين جاك هي خيالية. كما أن مجموعة أخرى من شخصيات الفيلم، المرتبطة بالبطلين، هي خيالية أيضاً؛ لعلَّ أبرزها خطيب روز (بيلي زين) ووالدتها روث (فرانسيس فيشر)، والركاب من الدرجة الثالثة لا سيما صديقَيْ جاك فابريزيو وتومي.
2- كان هناك راكبٌ على متن السفينة يُدعى ج. داوسون!
صحيح. على متن السفينة في العام 1912، وقَّع رجلٌ اسمه على سجلات الركاب ج. داوسون، لكن حرف الجيم (ج) هنا يعود لجوزيف وليس جاك. وجوزيف كان أحد أعضاء طاقم تايتانيك، وكان يعمل في تشذيب (قصّ) الفحم، حيث كانت إحدى أبرز مهامه إخراج أكوام الفحم، التي تمّ جرفها في محرّكات السفينة. جايمس كاميرون صرَّح لاحقاً أنه لم يكن على دراية بوجود شخصٍ يُدعى جوزيف داوسون، إلا بعد إنهاء عرض فيلم Titanic.
ومن المفارقات الأخرى أن صديق جاك (ليوناردو دي كابريو) الأيرلندي تومي رايان (جايسون باري)، وهي شخصية اخترعها المخرج كاميرون، تبيّن حسب بيانات السفينة أن هناك شخصاً يُدعى توماس رايان (27 عاماً) كان نزيلاً في الطبقة الثالثة من السفينة. لكن لم يتمّ التعرُّف على جثته أبداً.
3- اللقطات التي صُوّرت تحت الماء لحُطام السفينة حقيقية؟
نعم فعلاً. معظم اللقطات تحت الماء تعود لحُطام سفينة تايتانيك الحقيقية. في العام 1995، استأجر جايمس كاميرون السفينة الروسية "أكاديميك مستيسلاف كيلديش" وغواصتيها. وخلال التصوير، قام بما مجموعه 12 غوصاً لتصوير لقطاتٍ خاصة لحُطام السفينة، تحت الماء على عمق 12 ألف قدم تحت شمال المحيط الأطلسي.
ولأجل ذلك، تمَّ تصميم كاميرات خاصة ومعدّات يمكنها أن تحمل أحجاماً كبيرة، لكلّ بوصة مربّعة من ضغط المياه. وقد استمرّ كلّ غوصٍ (أو غطسة) لنحو 15 ساعة تقريباً، إلا أن الكاميرات استطاعت تخزين 12 دقيقة فقط من كلِّ غوص. ونتيجةً لذلك، كان يجب تزوير عدد ٍقليل من اللقطات تحت الماء.
4- هل فُقدت أيّ من لوحات بابلو بيكاسو مع غرق السفينة؟
كلا. بعد صعود روز (كابت وينسلت) على متن السفينة، رأيناها في الفيلم تستعرض لوحات أصلية للرسّام بابلو بيكاسو، الذي كان بالكاد معروفاً حينها. وفي الفيلم، رأينا كال (بيلي زاين) يعلّق على اللوحات وكأن الرسام شهيرٌ جداً، بما معناه "أنه لن يرقى إلى أي مستوى". كان واضحاً أنه تعليقٌ فكاهي، وليس ساخراً، لكن المشهد أثار جدلاً حول مسألة ما إذا كانت هذه اللوحات جزءاً من تاريخ سفينة تايتانيك.
الجواب هو لا. وتجدر الإشارة إلى أن إحدى اللوحات المعروضة في الفيلم، واسمها Les Demoiselles d'Avignon، يتمّ عرضها حالياً في متحف الفن الحديث في ولاية نيويورك الأميركية.
5- هل استمرّت فرقة تايتانيك بالعزف، بينما كانت السفينة تغرق؟
نعم. والاس هنري هارتلي (33 عاماً) هو عازف كمان وكان قائد الفرقة الموسيقية في السفينة. بعد اصطدام السفينة بجبلٍ جليدي، جمّع هارتلي الفرقة المكوّنة من 8 أفراداً وانتهى بهم الأمر على سطح مركبٍ بالقرب من أحد مداخل السفينة. هناك عزفوا الموسيقى، ولا سيما الفالس. الناجون ذكروا لاحقاً أن الفرقة كانت تعزف In The Shadows وأغنيات أخرى، لكن أحداً لم يذكر ما هي الأغنية الأخيرة التي كانت يعزفها لحظة غرق السفينة بالكامل. بعض الصحف ذكر لاحقاً أنها كانت Nearer, My God, to Thee، إلا أن بعض الناجين قال إنها Song d'Automne.
جميع أعضاء الفرقة الموسيقية لقوا حتفهم مع غرق السفينة. وتمّ استعادة جثمان والاس هارتلي في 4 أيار/مايو 1912، بواسطة سفينة Mackay- Bennett. وقد اصطفّ آلاف المواطنين، خلال مرور موكب جثمانه في مدينة كولن بولاية لانكشاير الإنجليزية.
وتجدر الإشارة إلى أن جوناثان إيفانز جونز، الممثل الذي جسّد شخصية والاس هارتلي في فيلم Titanic، هو عازف كمان محترف.
6- هل قام الموظف مردوخ بالانتحار فعلاً، بعد إطلاق النار على الركاب، وقبول رشوة؟
بعد إصدار فيلم جيمس كاميرون في العام 1997، أقارب الضابط ويليام مردوخ الناجين، وبعض الناس من مسقط رأسه في مدينة دالبيتي الاسكتلندية، كانوا غاضبين من تصوير كاميرون لـشخصية مردوخ. في الفيلم، نراه يحوّل مسدَّسه على نفسه بعد اطلاق النار على اثنين من الركاب الذين كانوا يتّجهون نحو قارب نجاة. لكن استناداً إلى بعض الشهود، فإن المؤرخين على يقينٍ تام من أن أحد ضباط السفينة قد انتحر، ولكن لا يمكن الجزم بأنه الضابط مردوخ. أيضاً، لا يوجد دليلٌ يُشير إلى أن مردوخ قد حصل على رشوة في ذلك الوقت. لاحقاً، سافر مديرو الاستوديو إلى مسقط رأس مردوخ حيث أصدروا اعتذاراً، وقدَّموا تبرّعاً بقيمة 8500 دولار إلى حساب مردوخ التذكاري.
7- هل تحطّمت سفينة تايتانيك فعلاً خلال غرقها؟
لسنواتٍ، أثارت حقيقة تحطُّم السفينة بعد غرقها جدلاً واسعاً. بعض الشهود الناجين أكدوا أنها تحطّمت، في حين قال آخرون إنها بقيت على حالها. لكن في العام 1985، تمَّ وضع حدٍّ لهذه التكهّنات، حين تمّ العثور على حُطام تايتانيك في جزأين منفصلَين في قاع البحر. ومن المرجّح جداً أن السفينة تحطّمت بالدرجة نفسها التي رأيناها في الفيلم.