حمزة نمرة ورامي عصام: اختلفت الطرق وتشابهت النتائج.. أغاني جيل الثورة لاتزال قديمة

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/07 الساعة 04:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/07 الساعة 04:46 بتوقيت غرينتش

مطرب الثورة وشاعر الثورة وفنان الثورة ومبدع الثورة، ألقاب تمنح بالمجان، ويمنحها أناس لأنفسهم، ويصدقونها. لقب خيالي وشرفي، فضفاض، يمنح صاحبه صك الثورة والحصانة من النقد، ويخلط الإبداع بالسياسة، خلطا صريحا فجً، أو يمنح صاحبه مكانة غير حقيقية، وعلى غرار ما يكتب على مرآة السيارة: "الأجسام تبدو أكبر مما هي على الواقع".

خلال الشهر السابق، ظهرت لنا أغنيتين لمطربين ينتميان إلى جيل الثورة، حمزة نمرة "داراي يا قلبي"، ورامي عصام "بلحة". الأغنيتين أحدثتا ضجة كبيرة على الشبكات الاجتماعية، فظهر فريق مدافعا عن الأغاني وأصحابها، وفريق ثاني يهاجم الأغنية وأصحابها، وضاعت الأغنيتين في زحام الإعجاب المفرط أو الكره الشديد.

كل شخص شارك في الثورة، خرج منها بغير ما دخل، كل شخص شارك بالثورة المصرية وآمن بها يحمل بداخله الكثير والكثير من أثر الثورة، وأثر الهزيمة، وتتضح هذه الآثار في حياة الشباب اليومية وأحلامهم وطريقة تفكيرهم، وفي إنتاجهم الإبداعي بالطبع.

أغنية تقليدية


لكن كيف تختفي الثورة نفسها ولا تظهر في الإبداع؟ "ثورة" بالمعنى المجرد لها، أن تنتمي لجيل الثورة، أن تكون ثائرا في مجالك، أن تخرج خارج السرب والقطيع، بعيدا عن الاستعطاف في الغناء الخطابي أو الهتافي، حيث أصبح يدل على فقر إبداعي وسخرية من المتلقي بعد مرور سبع سنوات على الثورة.

جاءت انطلاقة حمزة نمرة في الساحة الفنية بأغنية "يا إسرائيل"، وهي في الأصل أغنية معلمه وأستاذه نبيل البقلي، مؤسس فرقة الحب والسلام، والذي شارك فيها حمزة لمدة قصيرة قبل تأسيسه فرقة خاصة به بداية الألفينات، وكتب كلمات الأغنية شاعر الفرقة ورفيق نبيل الشاعر أحمد يسري. أيضا قدم حمزة أغنية عصفورين وهي أيضا لنفس الفرقة.

لماذا وضع حمزة نمرة في خانة المطرب الملتزم أو الديني؟ بعيدا عن أرائه السياسية، حمزة نمرة كان قد قدم أول 3 ألبومات له مع شركة "تسجيلات أوايكننغ"، هي الشركة المتخصصة في تقديم كل المطربين الدينين، بداية من سامي يوسف وحتى ماهر زين مرورا بـ مسعود كرتيس.

إذن هذا التصنيف هو من وضع نفسه فيه، باختياره هذه الشركة ليس لألبوم واحد، ولكن لجميع ألبوماته، باستثناء الألبوم الأخير الذي هو من انتاج شركة حمزة الخاصة، وأيضا تحمس الشركة للأنتاج له.

حمزة مقررا أن يسلك هذا الطريق، إذن اختار حمزة هذا التصنيف، واختار تقديم أغاني تحمل مشاكل إنسانية واجتماعية وذاتية، لكنها في إطار شرعي، فلا تجد أغنية عاطفية عن الحب بين رجل وامرأة في مشوار حمزة نمرة، حتى الأغنية التي ربما تحمل سمات أغنية عاطفية، كانت في الأصل لفرقة الحب والسلام.

من هتافات الثورة إلى الأغاني


في الجانب الآخر، كان رامي عصام يحول الهتافات إلى أغاني، حركة كانت مهمة في وقتها، وذكية في حفر اسمه في تاريخ المكان والزمان، كان رامي بدأ من قبلها بسنوات قليلة في المنصورة، وكون فرقة Mashakel، محاولات وتجارب بدائية، فكان الانطلاق من الميدان، بالطبع لم يكن كل ذلك كاف لصناعة مطرب ثوري، أو مطرب فقط دون صفة الثورية أو السياسية.

استمر رامي في تقديم نفس الشكل، حتى بعد ضياع الميدان، ودخول الثورة في معارك السياسة، كان رامي يغني بنفس الشكل والسوء، لم يحاول الخروج من هذه المساحة، وتقديم نفسه كمطرب فقط، اكتفى رامي باستخدامه العبارات الأشهر في الشارع المصري قديما كاستعدائه الفلكلور الشعبي، أو معاصرا، بما يهتفه ويقوله الناس، وقف مكانه مكتفيا بما حققه من إنجاز وهمي، انجاز يغلب عليه الحماس اللحظي.

كما حدث مع حمزة أيضاً، رغم اختلاف الطرق بينه وبين ورامي، إلا أن الأثنان لم يتحركوا من أماكنهم، نحن نقيم هنا قيمة موسيقية، لا نقيم حسب التوجهة الثوري أو الديني، لا جديد قدم من الأثنان، أغنية "داري يا قلبي" لحن كان يمكن أن تسمعه في ألبوم "احلم معايا" 2009، وأغنية رامي عصام هي أقرب لتلحينه بأدائه لأغاني الهتافات في الميدان.

كيف تكون موسيقى هذا الجيل؛ جيل صنع ثورة كانت كافية لإسقاط النظام في 18 يوم، كيف لهذا الجيل أن تكون موسيقاه بهذا الرتابة والسوء والقِدم، تخيل معي إذا كانت الثورة حققت أهدافها ونجحت في مطالبها، هل كنت سترضى وقتها بهذه الموسيقى.

الثورة كانت حالة من التمرد على كل ما سبق، البحث عن الجمال، لكن الوقوف مكانك وتقديم نفس الشيء، مع تغيرات طفيفة في كلمات الأغاني حتى تناسب الوقت والحالة، وتكتفي الأغنية بتعليق على الأحداث، أو الهتاف، وتختفي الموسيقى الجيدة، الموسيقى التي تعبر عنا، عن جيل الثورة.