“قيامة أرطغرل”.. مفهوم النصر وأسبابه

حبس المشاهدون أنفاسهم وهم يتابعون بقلق بالغ، أعقبته سعادة غامرة، كيف نجح أرطغرل في فتح قلعة كاراجيسار الحصينة كي ينعم وجيشه بنصر لطالما انتظروه طويلاً.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/30 الساعة 01:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/30 الساعة 01:22 بتوقيت غرينتش

حبس المشاهدون أنفاسهم وهم يتابعون بقلق بالغ، أعقبته سعادة غامرة، كيف نجح أرطغرل في فتح قلعة كاراجيسار الحصينة كي ينعم وجيشه بنصر لطالما انتظروه طويلاً.

وفيما يلي بعض الخواطر حول الحلقة 103 من المسلسل الرائع "قيامة أرطغرل":-

1- وضوح الغاية من أهم لوازم النصر، وهو ما تحقق في شخصية القائد أرطغرل الذي ما فتئ يُذكّرُ جيشه وقومه بأن غايتهم أن يسود العدل الأرض كل الأرض، فأصبحت تلك قضيتهم الأولى التي يحاربون لأجلها ويموتون في سبيلها، كما تمثل ذلك أيضاً في عبارة: "الحدود لا تقيدنا" التي عملوا بمقتضاها، فانتصروا في الجولات تلو الجولات.

2-
ليست الغاية وحدها هي الواضحة لدى أرطغرل وجيشه، بل المنهج كذلك، وهو ما تحقق حين أعلن أرطغرل قيماً أربعاً لمنهجه لخّصها في: "العدالة – الحرية – الوحدة – الاستقرار"، وتلك -لعَمري- من أهم مقومات قيام الدول وازدهارها.

3- لا يزال دور الكوماندوز "آتسيز" يُذكرنا بأهمية الذاتية والتجرد في حياة القادة والجنود سواء بسواء، وتتضح الذاتية في اجتهاده في كثير من الأمور دون الرجوع للقائد، وذلك لضيق الوقت أو لعدم ملاءمة الظروف، واستثماراً للفرص المتاحة مما كان له بالغ الأثر في فتح القلعة، بينما ظهر تجرّده من حظ النفس في أكثر من موقف؛ حيث لم ينسب إلى نفسه النصر أبداً، بل كان يعتبر نفسه جندياً مطيعاً في جيش الفتح يؤدي دوره دون أن ينتظر جزاءً أو شكوراً.

4-
اللحظة التي اطمأن فيها قائد القلعة هي ذاتها اللحظة التي انهزم فيها، فالغفلة من أهم أسباب الهزيمة، وهي ذاتها اللحظة التي استثمرها أرطغرل لتحقيق النصر، فاليقظة ومراقبة ثغرات العدو والاستفادة منها من عُدة النصر ولوازمه.

5- رابطة الأخوّة التي جمعت بين قلوب المحاربين كانت لها بالغ الأثر في تحقيق النصر، وهو ما ظهر جلياً في مواقف عدة تدلل جميعها على مدى الألفة التي تجمعهم والحب الذي يملأ قلوبهم.

6- أحسن أرطغرل تربية جنوده على التضحية والفداء، وقد رأينا حرص "تورغوت" الشديد على الشهادة وتركه لوصيته لأرطغرل من بعده.

كذلك ضرب أرطغرل لجنوده المثل والقدوة في عفّة النفس واستغنائها عن الحرام، فعفت رعيته، وهو ما اتضح جلياً في إحضار الجنود لصناديق الذهب بعد فتح القلعة، فلم يطمع أحد فيها ولم يمارس جنوده المنتصرون أي أعمال سلب أو نهب، وهنا تذكير بجيش الفاروق لما فتح المدائن وأتوا بالكنوز بين يدَيه فما كان منه إلا أن قال: "إن قوماً أدوا هذا لأمناء".

7- بذل القائد أقصى أسباب النصر في الوقت الذي تسلح فيه بسلاح الدعاء، وإقامة الصلاة؛ كي يعلمنا أن وحده التوكل على الله حق التوكل هو ما يوصل إلى الفوز في الدنيا والآخرة، ولعل إبراز الكاتب للمظاهر الإسلامية يعد استدراكاً منه لبعض القصور في ذلك الجانب في الحلقات السابقة.

8- حارب جيش أرطغرل بتجرّد وإخلاص وهتافه "الله أكبر" فانتصر، بينما انهزم عدوه؛ لأنه كان يدافع عن شخص الإمبراطور وكان هتافه "تحيا الإمبراطورية"، فالجيوش تنتصر فقط إذا التف الجنود حول قيمة عليا وهدف نبيل جنباً إلى جنب مع الأخذ بالأسباب.

9- للجيش المسلم أخلاقيات تميزه عن غيره من الجيوش وجب احترامها وعدم التهاون في تطبيقها، وهو ما اتضح في موقف أرطغرل حين أعاد الصلبان إلى القساوسة وتأمين أهالي القلعة على كنائسهم، بالإضافة إلى أوامره الصارمة بعدم قتل الأسرى.

وقد أحسن أرطغرل حينما افتتح عهده كأمير للقلعة بتأليف قلوب الجماهير فخطب فيهم مطمئناً إياهم على دورهم ودكاكينهم وتجارتهم، بالتوازي مع إطلاق سراح المساجين الذين حُبسوا ظلماً وعدواناً في العهد البائد.

10- "سنقوي وطننا وتجارتنا بالعدالة" قالها أرطغرل في خطابه لجماهير القلعة كي يؤكد فكرة أن العدل يجلب البركة للأوطان "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" الآية.

11- قيمة الوفاء للشهداء والتذكير دوماً بأنهم وقود النصر لطالما كانت حاضرة في شخصية أرطغرل ومواقفه، وقد اكتسب ابنه غوندوز -على صغر سنه- قيمة الوفاء فكان حريصاً على سلامة ماريا؛ لأنها أسدت إليه معروفاً ذات يوم، فوجب ردّ الجميل إليها.

12- تأثرت جماهير الكايا كثيراً بمناخ البطولة والفتوحات، حتى نشأت الأجيال على تلك المعاني فاستأهلوا النصر والفتح، وقد رأينا غوندوز الصغير يردد عبارة ربما يعجز الكبار عن ترديدها، حين قال: "القلعة التي دخلتها أسيراً أدخلها اليوم فاتحاً"، ولا عجب في ذلك، فإنه متى تربى الشعب على معاني البطولة والتضحية خرج منهم الأفذاذ الذين يغيّرون وجه التاريخ.

13- دور النساء كان واضحاً في المعركة، وهذا هو هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- مع صحابته رضي الله عنهم، فقد تولوا مسؤولية حراسة القبيلة وإعاشتها وتدريب الفتيات وصغيرات السن على استخدام السلاح، وقد رأينا كيف اهتمت الأم هايماه بالفتيات دون العجائز قائلة: "الشجرة لا تؤكل إلا حين تنضج"، كما رأينا تقديمها لأهل الكفاءة حين استعانت ببعض نساء القبيلة من غير أولي القربى، فإن الكفاءة مقدَّمةٌ دوماً على القرابة.

14- (ملاحظة): كان حرياً بأرطغرل أن يترك بعض الجنود لحماية القبيلة من هجمات الأعداء، فإن قوة النساء القتالية وإن عظمت فإنها لا تكفي وحدها لصد أطماع الأعداء، وقد رأينا من قبل حين هاجم التتار قبيلة الكايا، وذبحوا مَن ذبحوا وأسروا مَن أسروا استغلالاً منهم لخلوّ القبيلة من قوة تحميها.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد