خرج فيلم "طلق صناعي" من "عنق زجاجة الرقابة" ليتصدر إيرادات موسم نصف العام بالسينمات متفوقاً على "عقدة الخواجة" لحسن الرداد و"حليمو أسطورة الشواطئ" لطلعت زكريا، والأفلام التي ما زالت مستمرة في العرض كـ"الخلية" لأحمد عز و"خير وبركة" لعلي ربيع و"شيخ جاكسون" لأحد الفيشاوي.
طلق صناعي من بطولة ماجد الكدواني وحورية فرغلي وبيومي فؤاد وسيد رجب، وإخراج خالد دياب. وأثار جدلاً كبيراً في مصر بسبب خلافاته مع جهاز الرقابة على المصنفات الفنية التي استغرقت وقتاً طويلاً وسجالاً للإفراج عن الفيلم نظراً لحساسية القصة التي يتناولها.
يحكي الفيلم قصة زوج وزوجته الحامل أرادا الهجرة لأميركا ولم يحصلا على موافقة، فينفذان خطة بديلة بتعجيل الولادة بالسفارة لحصول الطفل على الجنسية الأميركية، فيضطر الزوج لاحتجاز رهائن حتى تنتهي الولادة، ويتحول الحادث لأولوية قصوى لكل أجهزة الأمن لحفظ ماء الوجه أمام الدبلوماسية الأميركية.
استثناءات لدبي
الملفت أن جهاز الرقابة أجاز الفيلم من أجل عرضه في مهرجان دبي، ثم أجاز التريلر الدعائي، ثم منعه في مصر، كما صرح الفنان سيد رجب، الذي يلعب دور مدير الأمن في الفيلم، متسائلاً: "كيف يعرض في الخارج ويمنع بموطنه مصر".
التصنيف
ما زاد الأمر استغراباً أن الرقابة صنفت الفيلم +16، لتزيد القيود عليه بمصر وتحرمه من قطاع كبير من المشاهدين، وفي الوقت نفسه تم تصنيفه في دبي +12.
ومع هذا ماطلت الرقابة في إصدار تصاريح الفيلم رغم استجابة صناع الفيلم لملاحظات الجهاز وحذف وتعديل بعض المشاهد.
الفيلم اعتبر أنه يتعرض لقضية سياسية حساسة رغم نفي صناع الفيلم وممثليه أن يكون فيلماً سياسياً، حتى أنهم أكدوا أن الفيلم كتب في حقبة حكم الإخوان – حتى لا يفهم على أنه انتقاد للنظام الذي أطاح بهم، وكذلك أثيرت جدلية بشأن أن الفيلم مقتبس من فيلم "الإرهاب والكباب" إلا أن ماجد الكدواني صرح بأن الأمر لم يتخط سوى "إفيه" بالفيلم عن "الإرهاب والكباب".
تصدر الإيرادات
بعد وساطات وتدخلات وسجال بين منتجي الفيلم وجهاز الرقابة، أفرج عن الفيلم مبتوراً منه بعض المشاهد، ليتربع الفيلم على عرش الإيرادات، ما دفع الممثل أكرم الشرقاوي أحد ممثلي الفيلم لاعتبار أن أزمة الرقابة مع الفيلم صنعت دعاية مجانية له.
حقق فيلم طلق صناعي أول أيام عرضه 158 ألف جنيه وهو ضعف ما حققه منافسوه حينها، وفي أسبوع عرضه الأول استطاع الفيلم تحقيق إيرادات بإجمالي 2.11 مليون جنيه.
الناقد الفني طارق الشناوي أبدى استياءه من تقييد جهاز الرقابة للأعمال الفنية، مؤكداً أن تصنيف +16 للفيلم يظلم الفيلم ويحرمه من جمهور عريض خاصة العائلات التي لن تستطيع حضور فيلم كهذا دون أحد أفرادها إن كان أقل من 16 عاماً وعلى أسوأ الظروف كان ممكن تصنيفه +12، على حد تعبيره.
وتعجب في حديثه لـ"عربي بوست" أن الفيلم عرض كاملاً بدون أي حذف في دبي، وكان شاهداً على ذلك بنفسه، بينما في مصر بترت منه بعض المشاهد، متسائلاً: "هل حلال على دبي وحرام على مصر؟"
وعن كيفية حل الأزمة بين الرقابة وصناع الفيلم، يوضح الناقد الفني أن الأمر يصبح أشبه بالمزاد وتقديم تنازلات بسماح الرقابة بمشهد مقابل موافقة صناع الفيلم على حذف آخر، وجدال وتبادل وجهات النظر حتى يفرج عنه.
ونوه إلى أن مشكلة الرقابة الفنية في مصر أنها تحتاج لموافقات عديدة، أهمها الأجهزة الأمنية، ما قد يؤخر الأمور بعض الشيء أو يعقدها، مثنياً على قوة الفيلم وفكرته وتنفيذه ما ساهم في تربعه على عرض الإيرادات وإن كان فيه فقر بالأحداث بحد وصفه.
ولفت الشناوي إلى أن أغلب الأفلام التي شهدت أزمة مع الرقابة الفنية أفادت الفيلم في الانتشار والدعاية والربح حيث يولد تشدد الرقابة أوقاتاً في خلق الفضول لدى الجمهور لمشاهدة العمل.
بينما كان للناقدة الفنية حنان شومان رأي آخر، فذكرت أن غالبية السينمات لا تلتزم بقرارات تطبيق الفئات العمرية للأفلام، ولا تمنع أحداً من دخول الفيلم، وهو ما لم يؤثر كثيراً على فيلم "طلق صناعي".
مضحك مبكٍ
ورأت في تصريحاتها لـ"عربي بوست" أن الفيلم نجح هذا النجاح الكبير بسبب قوة قصته، فهو ركز على سلبيات تحزنك وتجعلك تضحك في ذات الوقت.
لا تؤمن الناقدة الفنية أن جميع الأفلام التي تصطدم بالرقابة تكون أكثر حظراً في المشاهدات، ولكن يعتمد الأمر على صلابة العمل الفني نفسه وتأثيره وفكرته، وفي ظنها فإن الرقابة الفنية لم تتشدد كثيراً مع فيلم "طلق صناعي".