تُسارع كبرى الشركات العالمية السينمائية خطاها لتنفيذ مشاريع افتتاحها لدور العرض في شتى أنحاء السعودية، بعدما أصدرت المملكة قراراً برفع حظر طال 35 عاماً على صالات العرض السينمائية.
وذكر تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، أن من بين أبرز الأسماء التي تتسابق لتفتتح دور عرض في المملكة كلاً من The Vue Entertainment البريطانية وAMC الأميركية، وIMAX الكندية، حيث تسعى هذه الشركات وغيرها الكثير لتجد لها موطئ قدم في سوق المملكة، الذي سيفتح أبوابه بدءاً من مارس/آذار المقبل.
رفع الحظر السعودي خدَمَ تلك الشركات الغربية، وأنعش فرصها لكي تتدارك الركود والهبوط في أعداد زبائنها في أميركا الشمالية وأوروبا، حيث أسواقها الرئيسية.
تمثل السعودية سوقاً واعدة ضخمة متعطشة، كما أن حكومتها أشارت إلى استعدادها لتوفير المساعدة المالية، بغية تمويل التوسع في قطاع السينما وسوقها.
وحسب التوقعات فإن 300 صالة سينما ستفتتح بحلول عام 2030، ما سيعود على الاقتصاد بـ24 مليار دولار، فضلاً عن خلق 30 ألف فرصة عمل.
شركات بريطانية
من بين الشركات الماضية قدماً في تنفيذ مشاريعها وخططها شركة Vue البريطانية، التي قال مطلعون إنها تخوض الآن محادثات مع صندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق ثروة سيادية سعودي، قيمته 200 مليار دولار.
وتدور مفاوضات الشركة المذكورة حول إنشاء 20 – 30 صالة سينما في أنحاء البلاد، حسبما قالت المصادر المطلعة. المدير التنفيذي لشركة Vue تيم ريتشاردز تسلَّم دعوة شخصية من الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، لحضور مؤتمر عمل، في أكتوبر/تشرين الأول، حضره مديرون تنفيذيون كبار من شتى الشركات العالمية، حسبما نقلت فايننشال تايمز عن المصادر.
الهدف من مؤتمر العمل كان استعراض خطط الأمير لتحديث المملكة المحافِظة وجذب الاستثمار، بما في ذلك هدف زيادة إنفاق العائلة السعودية المتوسطة على الترفيه، ليصل 6% من الناتج القومي المحلي، بعدما كان 2.9% منه.
ولم تعلق Vue على المشاريع، لكن ريتشاردز وصف افتتاح سوق السعودية بأنه "لحظة مثيرة في تاريخ السينما".
وأضاف: "قد تصبح هذه فرصة مهمة لشركة Vue، فلديها مشاريع رائعة جار العمل عليها، كما أننا نتطلع لاستكمال محادثاتنا في المنطقة".
AMC الأميركية
أما شركة AMC الأميركية، الأكبر عالمياً من ناحية عدد الصالات، ولكونها مالكة ماركة Odeon فقد وقّعت مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي الشهر الفائت، قائلة إنها سوف "تنظر في خيارات الفرص التجارية للتعاون، التي ستدعم نمو قطاع الترفيه بالمملكة".
غير أن AMC لم تكشف عن أية تفاصيل لمشاريعها، ورفضت التعقيب على الموضوع أكثر من ذلك.
أما صندوق الاستثمارات السعودي فقد صرَّح متحدث باسمه أن الصندوق "يرى فرصاً واعدة جمة في قطاع الترفيه بالمملكة، ونحن نتطلع للعمل مع شركة AMC الترفيهية لاستكشاف فرص تطوير هذه الصناعة، التي من المتوقع أن يبلغ حجمها مليار دولار".
IMAX الكندية
أما شركة IMAX الكندية المتخصصة بالشاشات العريضة، فقد قال مديرها التنفيذي ريتش غيلفوند إنها "تشغل الصالة السينمائية الوحيدة بالسعودية"، التي افتتحت في مركز سلطان بن عبدالعزيز للعلوم والتكنولوجيا عام 2005، وتعرض أفلاماً تثقيفية.
وأضاف غيلفوند: "إننا نراقب الوضع عن كثب منذ عام وحتى الآن، ونحن منخرطون فعلياً في مفاوضات أولية مع عدد من مشغلي دور السينما المهتمين بالمنطقة. لقد قاربنا على إعلان صفقتنا الأولى في المملكة، ونؤمن أن بوسعنا افتتاح 20 صالة بالمملكة خلال 3 سنوات".
كما أضاف: "خلال الأعوام الأخيرة أبلت IMAX بلاء حسناً في أدائها ونموها بالشرق الأوسط، ونظراً لأن السعودية سوقٌ يحب المنتجات الفاخرة ذات الجودة، فإننا نتوقع لها أن تكون سوقاً واعدة بقوة النمو".
تتأهب كذلك منذ أشهر شركات أخرى لعملية التحديث الليبرالي، والانفتاح في المملكة، فشرعت بتشييد مبانٍ هيكلية، استشرافاً منها للإعلان المنتظر، ففي ديسمبر/كانون الأول قال ماجد الفطيم، مشغل مركز تسوق مقره دبي، إنه سوف يفتتح فرعاً في السعودية لعلامتهم التجارية، Vox Cinema.
رقابة على الأفلام
وكانت دور السينما قد مُنعت في المملكة منذ أوائل الثمانينات، أما خطط التحديث التي يقودها الأمير بن سلمان فضمن أهدافها تعزيز الإنفاق المحلي، وخفض تدفق الأموال النقدية إلى وجهات أكثر انفتاحاً كدبي والبحرين، اللتين تعدان وجهتين سياحيتين محببتين لدى السعوديين.
ولكن حسبما قاله أحد المديرين الذين حضروا المفاوضات مع السلطات السعودية، فإن دور السينما المزمع إنشاؤها سوف تصمم في ضوء القيم المحافظة للمملكة، ما يعني تخصيص صالات عرض أو مقاعد معينة للشباب الأعزب، وأخرى للعائلات، وأخرى للنساء، كما أضاف المتحدث أن موزعي الأفلام سيكون لزاماً عليهم تقديم أفلامهم أولاً لتخضع للرقابة قبل العرض.
ويقول المسؤولون في هذا المجال، إن عدد الشركات المتوقع دخولها إلى الميدان كبير، وختم أحد كبار المسؤولين بالقول "في دولة يسكنها 30 مليون نسمة ثمة متسع لأكثر من شركة سينما".