"غالباً ما تكون الحقيقة أغرب من الخيال"، كما يقولون وأحياناً قد تكون أكثر دموية
يبدو أن ذلك من الأمور التي أدركها جيداً مؤلف سلسلة A Song of Ice and Fire، الأميركي جورج ر. ر مارتن، الذي اندمج عمله الروائي الملحمي الخيالي مع المسلسل الناجح صراع العروش Game of Thrones الذي يُعرض على موقع HBO.
ففي أحد الحوارات مع المؤلف برنارد كورنوي، قال مارتن "إن الروايات التاريخية والقصص الخيالية الملحمية شبيهتان من الداخل".
لذا، ليس من المدهش أن يكون أشهر أعماله A Song of Ice and Fire مليئاً بالتلميحات التاريخية.
تقرير لموقع Business Insider، استعرض بعضاً من الوقائع التاريخية التي ألهمت خمس مذابح ومعارك وخطط في مسلسل Game of Thrones الشهير:
1- القتال بين ستاركس ولانيسترز وقع بمرحلة فاصلة بالتاريخ الإنجليزي
ربما لم يكن اسم حرب الورود War of the Roses من الأسماء المرعبة، إلا أنه بات من الصراعات الدامية التي أدخلت إنكلترا في حالة من التخبط والفوضى على مدار النصف الثاني من القرن الخامس عشر.
اندلعت الحرب في بادئ الأمر بين بيت يورك وبيت لانستر.
أيبدو هذا مألوفاً لك؟
نعم، فعلى غرار النسخ الخيالية مثلماً حدث في Game of Thrones، انتصر آل لانستر في الحرب بعد خسارة الكثير من الأرواح وقيامه بالمزيد من التخطيط.
ومع ذلك، تسيّد بيت تيودر وفاز بالعرش في النهاية، واتخذوا زهرة تيودر شعاراً لهم، وهي مزيج بين زهرة يورك البيضاء وزهرة لانستر الحمراء.
2- منعطف تاريخي مستوحى من انتصار قرطاج الشهير
تعتبر حلقة Battle of Bastards، التي شهدت مواجهة بين جون سنو طيب القلب ضد رامزي بولتون الشرير، إحدى أكثر الحلقات التي اجتذبت الأنظار خلال الموسم السادس لصراع الجيوش.
وتسببت المشاهد العديدة المكثفة للمعركة المحتدمة في زيادة نسبة مشاهدة هذه الحلقة إلى أقصى مدى.
لكن هذا الانتصار جاء ممتعاً بسبب خصوصية مشهد المعركة، فقد ذكر موقع EW أن المخرج نفّذ مشهد معركة Battle of the Bastards "على نطاق ضخم وشديد الخصوصية. في الواقع إنه كان عملاً بطولياً، القائمون على إنتاج المسلسل عاجزون عن مقارنته بأي مشهد معركة في أي عمل فني أو فيلم".
الأولى.. معركة "كاناي"
وهي واحدة من أشهر المعارك التاريخية التي خاضها القرطاجيون بقيادة قائدهم التاريخي التونسي هنيبعل، وهي التي تمكنوا فيها من الانتصار على الرومان في معركة جرت في كاناي، الواقعة جنوب شرق إيطاليا، في 2 أغسطس/آب من العام 218 قبل الميلاد.
المعركة الثانية
فهي معارك الحرب الأهلية الأميركية، وكان الجانب الذي استوحوه منها هو كثافة المقاتلين. فبحسب المنتج باينوف، فإن "كثافة أعداد المحاربين في معارك الحرب الأهلية.. كل هؤلاء المقاتلين.. كل هؤلاء الرجال.. تكدّسوا في ساحة المعركة الضيق المساحة.. عندما تقرأ عن مدى التواجد الكثيف للمقاتلين ستعرف أن تكدسهم كان في الواقع عائقاً في ساحة المعركة".
3- عادة بولتون بسلخ الناس أحياء هذا أصلها التاريخي
يمكن اعتبار سلخ الشخص وهو على قيد الحياة من أسوأ الطرق التي يمكن أن يموت بها المرء.
ولذا، فمن غير المفاجئ أن يكون سلخ الناس هوايةً مُفضلة بالنسبة لرامزي بولتون- أحد أسوأ الشخصيات التي ظهرت على الشاشة الصغيرة.
إلا أن هذه الهواية الشنيعة لهذا الخصم لم تنبع ببساطة من الجانب المظلم لمخيلة مارتن.
ففي الواقع، كانت هناك إحدى الممالك القديمة التي اشتهرت بسلخ أعدائها.
وحسبما ذكرت مدونة على موقع History Buff، زعم الملك الأشوري آشور ناصر بال الثاني قائلاً "سلخت جميع النبلاء الذين ثاروا ضدي وألقيت بجلودهم على كومة الجثث؛ ووضعت البعض منهم داخل الكومة، والبعض الآخر نصبته على أعمدة على الكومة… لقد سلخت العديد من الناس عبر الأراضي التي أحكمها وألقيت بجلودهم على الجدران".
يا له من أمر مقزز، ولكن التاريخ قد يكون أسوأ من الخيال.
4- هل يوجد نظير لجدار ويستروس الجليدي الضخم في الواقع؟
فكّر المؤلف جورج مارتن أولاً في الجدار وهو في رحلة إلى اسكتلندا.
وأخبر مارتن موقع SF "عندما وقفت على سور هادريان حاولت أن أتخيل كيف سيكون شعور الجنود الرومان الذين سيجري إرسالهم إلى هنا من إيطاليا أو أنطاكية. أقف هنا وأُحملق في الأفق، ولا أعرف ما يمكن أن يظهر من الغابة".
وكان جدار هادريان جداراً جليدياً عظيماً. ورغم ذلك فإنه لم يحم إنكلترا من هجمات الزومبيين المخيفة في الشتاء. وبدأ بناء الجدار عام 122 ميلادية، كي يفصل الرومان عن البريطانيين الأصليين.
وتوضح مدونة بعنوان "القصة التاريخية وراء صراع العروش" The History Behind Game of Thrones، أن جدار ويستروس وتعامل الرومان مع الهمج في بادئ الأمر يصور "إدراك الرومان للبريطانيين الأصليين على أنهم "الآخرون"، وهي استراتيجية إبعاد أو إقصاء استُخدمت لإذلال وإبعاد وإقصاء وتبرير المعاملة السيئة للجماعات التي لا ينتمي إليها الفرد".
5- الزفاف الأحمر الدموي تكرر عبر القرون
صدمت هجمات حلقة Red Wedding الجمهور، ومن المحتمل أن تُذكر على أنها أكثر الحفلات التي ظهرت على التلفاز دموية ورُعباً.
وفي التاريخ الحقيقي، حدث هجوم صارخ مماثل في أيرلندا عام 1574.
فقد حكم زعيم أيرلندي يُدعى بريان ماك فليم أو نويل مملكة كلانابيدهي وحصل على لقب فارس مُسبقاً من التاج الإنكليزي. وعندما خسر استحسان الملكة، بدأ في القتال ضد الغزاة الإنكليز.
إلا أنه في النهاية دعا وولتر ديفرو إيرل إسكس، بريان ماك فليم إلى قلعته لمناقشة بنود السلام على مأدبة عيد الميلاد، حسبما ذكر وايان إي لي في كتاب "الهمج والأشقاء" Barbarians and Brothers.
وبإشارة من الإيرل، اعتُقل بريان وزوجته وبقية أسرته فيما ذُبح 200 من أتباعهم بشكل عشوائي.
وجرى إعدام بريان أو نويل وأسرته بعد ذلك.
كما حدثت واقعة مماثلة في اسكتلندا، أثناء مذبحة جلينكو عام 1962.
قُدِّم واجب الضيافة إلى القائد روبرت كامبل و120 من رجاله في قلعة آل مكدوناد. وبعد أسبوعين، وصلت رسالة تأمر كامبل بالهجوم، حسبما ذكرت موسوعة بريتانيكا.
وفي إحدى ليالي الشتاء، لعب الجنود لعبة الورق مع ضحاياهم وتمنوا لهم أحلاماً سعيدة كالعادة، وبعدها ذبحوا كل رجال مكدونالد الذين عثروا عليهم بما فيهم القائد.
وهناك قصة ثالثة شبيهة بواقعة الزفاف الأحمر -التي يُطلق عليها "العشاء الأسود"- حدثت في اسكتلندا عام 1440.
فقد أضحى مستشارو الملك جايمس البالغ من العمر 10 سنوات مهتمين بالجرأة والقوة الكبيرة، التي أصبحت عليها عشيرة دوجلاس، حسبما ذكر موقع The Week.
فوجه المستشارون دعوة إلى إيرل دوجلاس البالغ من العمر 16 عاماً وشقيقه الأصغر للقدوم إلى قلعة إدنبرة. قضى الملك واتباعه من دوجلاس وقتاً ممتعاً. ولم يحدث أي شيء خاطئ.
وبعد ذلك، فور انتهاء حفل العشاء، قاموا بفصل رأس ثور -الذي يعد رمزاً لعشيرة دوجلاس- وأُلقي على المائدة، تماما كما حدث في حلقة Rains of Castamere في مشهد الزفاف الأحمر، كانت هذه هي الإشارة.
وبالإضافة إلى حالة الرعب التي تعرض لها الملك الشاب، سُحب صديقاه إلى الخارج وعُقدت لهما محاكمة صورية، وقُطع رأساهما.