رغم تفوقه فنياً.. “الأصليين” يخفق في شباك التذاكر ويخسر الرهان في موسم العيد

بعد نجاح تجربتهما الأولى في فيلم الفيل الأزرق، خاض المخرج مروان حامد، والمؤلف أحمد مراد تجربتهما السينمائية الثانية من خلال فيلم "الأصليين"، الذي بدأ عرضه بالسينمات المصرية مع أول أيام عيد الفطر لكنه لم يحقق الفيلم النجاح المنتظر على مستوى شباك التذاكر.

عربي بوست
تم النشر: 2017/06/30 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/06/30 الساعة 09:25 بتوقيت غرينتش

بعد نجاح تجربتهما الأولى في فيلم الفيل الأزرق، خاض المخرج مروان حامد، والمؤلف أحمد مراد تجربتهما السينمائية الثانية من خلال فيلم "الأصليين"، الذي بدأ عرضه بالسينمات المصرية مع أول أيام عيد الفطر لكنه لم يحقق الفيلم النجاح المنتظر على مستوى شباك التذاكر.

فهو حتى الآن في مرتبة متأخرة تتأرجح ما بين الأخيرة وقبل الأخيرة، بإيرادات لم تكسر حاجز الـ2 مليون جنيه، تبعاً لآخر الإحصاءات.

مراسلة "عربي بوست" سارة فودة شاهدت العمل وقدمت التحليل التالي الذي يحوي تفاصيل قد تحرق أحداث الفيلم لمن لم يشاهده

يأخذ الفيلم المشاهد إلى تجربة سينمائية رائعة ومختلفة منذ بدايته، عملاً بمقولة العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين "الخيال أهم من المعرفة"، ثم تسير الأحداث في تسلسل هادئ ومترابط يجعلك تتساءل في كل لحظة من هم الأصليين؟ حتى تأتي النهاية بالغموض نفسه؛ لتعطي مساحة لدى المشاهد للاستنتاج والتوقع، الذي ربما لم يعتده المشاهد العربي، وذلك قد يبرر عدم حصول الفيلم على التقدير المناسب في شباك التذاكر.

سمير عليوة من موظف روتيني إلى أحد الحراس الأصليين


طاقم فيلم الأصليين


تدور الأحداث حول سمير عليوة، الذي يقوم بدوره الفنان ماجد الكدواني، وهو موظف في مركز مرموق بأحد البنوك، تسير حياته بشكل روتيني عادي لا يوجد به أي شيء مثير للاهتمام، فيحلم في خياله من وقت للآخر بمشاركته في أحد برامج المسابقات الغنائية مع صوته السيئ، ولديه أيضاً هواية جمع الجرائد القديمة التي يدفع في مقابل الحصول عليها مبالغ كبيرة مع عدم قراءته لها. تتوالى الأحداث وتنقلب حياة سمير، بشكل مفاجئ، بعد إقصائه من منصبه في العمل لحساب فتاة صغيرة في السن وجميلة.

تكتمل حالة النضوج الفني للنجم ماجد الكدواني التي ظهرت في كل أعماله الأخيرة لتبلغ أقصاها في هذا الفيلم؛ فقد كانت الدقائق الأولى تدور في فلك شخصيته بشكل شبه كامل، وجاء أداؤه هادئاً ومتزناً بطريقة السهل الممتنع.

تظهر أيضاً في الدقائق الأولى شخصية الزوجة ماهيتاب (كندة علوش) بأداء بسيط وسلس، عبرت من خلاله عن المرأة التي لا تهتم سوى بالمظاهر وتصرف كثيراً من الأموال دون عمل أي حساب لظروف زوجها، جاء أداء كندة بسيطاً ومتميزاً مع مشاهدها القليلة، لكنها استطاعت خلالها تأدية الدور بالشكل المناسب.

"الأصليين" حراس الأرض ورعاة الوطن


تتصاعد الأحداث؛ إذ تحاول إحدى المنظمات السرية تحت اسم "الأصليين" تجنيد ماجد الكدواني من خلال أحد مندوبيها وهو رشدي أباظة، الذي يقوم بدوره الفنان خالد الصاوي، ويأتي تفسيره لماجد عمن هم "الأصليين" قائلاً: "إحنا رُوح الوطن، حراس الأرض، وأنا مندوب الأرض الطاهرة"، يُكمل خالد كلامه عن "الأصليين" بأن كل المصريين لدى هذه المنظمة مراقَبون، ويضرب مثلاً قائلاً: "الرب في السما بيراقب عبيده واحنا إيه غير بشر بيقلد الفكرة".

لا يتضح بشكل كامل ما هي الحقيقة الأكيدة وراء "الأصليين" ومن هم؟ ويُترك ذلك تماماً لاستنتاجات المشاهِد وخياله حتى النهاية.

يتفق رشدي أباظة بعد ذلك مع سمير عليوة على العمل معهم بمقابل مالي مجزٍ لا يستطيع رفضه، خاصةً مع الظروف المادية السيئة التي يمر بها بعد ترك عمله ووصول رصيده في البنك إلى صفر.

همة ماجد الأساسية هي مراقبة ثريا، التي قامت بدورها الفنانة منة شلبي، فيتابع ويرصد كل تحركاتها من خلال أجهزة وتقنيات متقدمة بشكل كبير ويكتب عنها تقارير يومية، وهناك شرط أساسي؛ وهو ألا يحاول نهائياً أن يقترب من تلك الشخصية التي يراقبها أو يتفاعل معها بأي شكل من الأشكال، وفي حال حدوث ذلك، فسوف يتعرض بشكل فوري للعقاب.

يبدو أن خالد الصاوي والمخرج مروان حامد بينهما من التوافق ما يخرج دائماً أفضل ما لدي خالد، فبعد تجربتهما معاً في "عمارة يعقوبيان" و"الفيل الأزرق" تأتي هذه التجربة أيضاً لتضيف بشكل كبير إلى رصيد خالد الصاوي؛ إذ أدى الدور بشكل رائع ومتماسك، وكان مناسباً بشكل كبير للشخصية.

أما منة شلبي، فجاءت في واحدة من أبهى صورها السينمائية؛ إذ أدت دور ثريا بشكل سلس ورائع، فيأخذك أداؤها وهي تقول: "لقد خُلقت من القوة، أنا الحياة وأنا الموت؛ أنا المعرفة وأنا الجهل؛ أنا النظام وأنا الفوضى"، مع ترابط تلك الكلمات بقصص عن حياتها السابقة في أداء صوتي امتزج مع الصور البصرية المبهرة، بالإضافة إلى موسيقى هشام نزيه، لتتحول المشاهَد إلى لوح فنية رائعة تجعل المشاهد يستمتع بكل جزء فيها دون الشعور بأي ملل.

أدوار بسيطة وُظِفَت بشكلٍ جيد




ظهر العديد من الممثلين في أدوار بسيطة لم تتجاوز المشهد الواحد مثلما حدث مع الفنان محمد ممدوح، وهو أحد مندوبي "الأصليين"، الذي يظهر في مشهد عابر، لكنه يستطيع من خلاله ترك بصمته بأداء جيد إلى حد كبير، تغلب فيه على كبرى المشكلات التي كانت تواجهه مؤخراً، وهي عدم وضوح مخارج الألفاظ لديه جيداً؛ إذ جاء المشهد مناسباً جداً يمزج بين الجدية والكوميديا، ربما إن حُذف تماماً من الفيلم فلن يؤثر بشكل كبير في سير الأحداث، ومع ذلك هو مشهد جيد تم توظيفه بشكل مقنع.

كذلك، ظهر الفنان أحمد فهمي في مشاهد قليلة جداً بدور حبيب منة شلبي الذي يخونها، لكن لم يضف الدور أي شيء لأحمد فهمي، ويُحسب له أنه أحب المشاركة في الفيلم ووافق على الدور مع صغر حجمه وعدم أهميته، لكنه مترابط جيداً مع أحداث أخرى؛ عندما يتحدث خالد الصاوي مع ماجد الكدواني، قائلاً إن معلومة خيانة حبيب ثريا (منة شلبي)، لها من أخطر المعلومات، معللاً ذلك بأن، "اللي حب ولا طالش كائن غير متزن، هيحاول يدور على اتزانه بأي طريقة".

ظهرت الفنانة هناء الشوربجي في دور والدة ماجد الكدواني التي تحاول دائماً تذكيره ببطولاته في لعبة البينغ بونغ بصغره، وهي من اختارت له زوجته وأبعدته عن الفتاة التي أحبها لتدعم أسباب شخصية ماجد المستكينة التي لا تأخذ قرارات حاسمة في حياتها، ويتجلى ذلك في مشهد بسيط عندما يزورها ماجد في أحد المشاهَد، فتضع له الطعام الذي يحتوي في مكوناته على العديد من "الجزر"، الذي لا يحبه ماجد، فيزيحه بكل هدوء من الطبق ويحاول الأكل دون أي اعتراض.

تمرُّد سمير عليوة ونهاية مفتوحة وغير ناضجة


يتمرد سمير عليوة في النهاية، على ما يفعله مع منظمة الأصليين، ويذهب إلى المكان الذي تُلقي فيه ثريا إحدى محاضراتها، في تحدٍّ واضح لأحد شروط المنظمة، وهو عدم التفاعل بأي شكل مع الأشخاص الذين يراقبونهم، حتى مع تمرده في السابق، وتلقيه عقاباً من جانب المندوب رشدي أباظة، ثم يقطع بعد ذلك طرق الاتصال معهم، ويبدأ حياة جديدة في نهاية غير مكتملة وغير ناضجة بالكامل، كانت تحتاج إلى بعض البلورة والتوضيح لتصبح أكثر تناغماً مع الأحداث ولا تترك مفتوحة بهذا الشكل.






في النهاية، الفيلم تجربة من نوعٍ خاص إذا كنت من محبي الأفلام الخفيفة التي لا تحتاج إلى التفكير، ربما لن يحوز إعجابك؛ فالنهاية غير واضحة بالكامل، وستجعلك تتساءل طول الوقت عن طبيعة هؤلاء "الأصليين" الذين يُعتبرون أنفسهم خلفاء الله على الأرض، ويرصدون تحركات جميع البشر دون أن يظهر سبب قاطع وواضح لذلك.

فالأمر يرجع بالكامل إلى فهمك لإسقاطات الفيلم وتفسيرك الخاص لها؛ فهو من نوعية الأفلام التي إن قمت بمشاهدتها أكثر من مرة، فسوف تكتشف معنىً جديداً في كل مرة.

التجربة في المجمل جيدة وتستحق المشاهدة، فإن لم تتمتع بالقصة بشكل كبير فسوف تعجبك الكادرات الفنية الرائعة التي تشبه اللوحات وامتزاجها بشكل رائع مع الموسيقى وأداء الممثلين.

علامات:
تحميل المزيد